حكي جردي: من درباس إلى الحاج حسن.. حَـوِّل

استنكر كثيرون "الجريمة" التي طالت "ابن البيت الطرابلسي العريق" – وفق تعبيرهم - وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس عندما قام "ناشطون" برمي سيارته ببعض النفايات المتكدسة منذ أكثر من أسبوعين بينما كانت تعبر أحد شوارع "أم الدنيا" بيروت، "معاليه" انتبه بأن ذلك يضر بهيبة الدولة التي يجب أن لا يمسّها أحد أو يدنو منها أو يتطاول عليها، فقامت قيامته وثارت ثائرته وحزم أمره متقدماً بشكوى ضدهم انطلاقا من أنها مثله "بنت بيت" يتوجّب عليه صونها ورعايتها وحماية عرضها من الرعاع الذين توعدهم بالعقاب وبأخْذِ حقه بيده إذا لم تقم بالاقتصاص منهم مفترضا أن هذه الدولة التي يمثلها قد تكون عاجزة عن القيام بذلك: فعلا هو ابن "بيت" بالتمام والكمال!!
**  **  **  **

يتحدث "ابن البيت" عن هيبة الدولة في الوقت الذي يُقتل فيه المقدم المغوار ربيع كحيل بدم بارد ويترك على قارعة الطريق بلا مبادرة سريعة لإسعافه أو نقله، وقبل أن يجف دم جورج الريف الذي طعنه طارق يتيم مرات ومرات أمام الملأ في شارع مكتظ بالحركة والناس دون أن تنجده قوى الأمن الداخلي التي اتصلت بها زوجة المغدور، وعلى وقع روائح النفايات التي تملأ مدينة بيروت وضواحيها بينما يطل رئيس مجلس إدارة سوكلين على الشاشة الصغيرة ليحكي عن مآثره الإنسانية والأخلاقية، وفي غياب رئيس للجمهورية ناتج عن عدم قيام المجلس النيابي بمهامه الدستورية، وفي ظل أزمة معيشية خانقة سببها عدم قيام هذه الطبقة السياسية الفاسدة بأبسط واجباتها تجاه المواطنين اللبنانيين: فعلا، هيبة و"مْكَتّْرَة"!!.  
**  **  **  **

في حديثه إلى تلفزيون المنار أول أمس، رد وزير حزب الله حسين الحاج حسن على الطروحات التي جرى تسريبها لجهة إرسال النفايات إلى بعلبك الهرمل، قال بأنه أجاب زميله الوزير الذي لحظ ذلك "عندما ترسل الحكومة الإنماء إلى منطقتي أفكر في ذلك"، وأكد طبعا أن هذا الموضوع –انطلاقا من مسؤوليته- لو طرح رسميا لكان موقفه الرفض تماما: كأنَّ هذا الحاج حسن وفريقه السياسي ليسوا من هذه الحكومة وتقصيرها المتراكم.. ومن صلبها تحديداً كما حالهم في الحكومة السابقة!!
**  **  **  **

منذ سنوات وسنوات ترسل النفايات إلى الهرمل دون أن يكترث "الدكتور" أو أحد من فريقه السياسي على المستويين النيابي والبلدي، حصل ذلك عندما كان وزيرا للزراعة، وقبل ذلك، ويحصل حتى يومنا هذا، في عهده –ومن يمثِّل- يتعرض نهر العاصي المشهور بنظافة مياهه وبرودتها وتدفقها على مدى السنة إلى أكبر كارثة بيئية تهدد جديا الحياة الحيوية فيه وتنذر بأمراض خطيرة تطال البشر -بدأ بعضها بالظهور بأشكال مختلفة-، سبب ذلك هو قيام البعض "المدعومين" بجلب مخلفات شركات الدجاج الكبيرة واستخدامها علفا للاسماك خلافا للأصول دون حسيب أو رقيب حيث تعبر شاحناتهم يوميا الحواجز الأمنية عند مداخل مدينة الهرمل على مرأى موظفي وزارة الزراعة والصحة والبيئة والبلديات دون أن يقوم أحد بإيقافها أو مطالبة المعنيين المقصرين بالقيام بواجباتهم.
**  **  **  **

عند مدخل الهرمل لجهة نهر العاصي رفعت قبل فترة لافتات باسم اصحاب مطاعم النهر والعاملين فيها تمجّد بالفريق السياسي للوزير الحاج حسن وتشكره على الإنجازات الحاصلة: فعلا كارثة العاصي الذي يتناول أهل هذا الفريق الدجاجَ المشوي على موائده كل يوم تستحق أكثر من شكر!!
**  **  **  **

قبل أسابيع، ذكر وزير الصحة العامة بأن 150 مسمكة على نهر العاصي تقوم باستخدام أمعاء الدجاج بدل الأعلاف الجاهزة وأكد أن المخالفين سيحالون إلى القضاء: "عالوعد يا كمّون" بالرغم من أن الوضع ما زال على حاله، يأمل أهالي الهرمل "الشيعة" ومربو الأسماك الملتزمون بالأصول أن يفعّل الوزير "الدرزي" مبادرته –التي غابت عن السمع بقدرة قادر- لإنقاذ نهرهم وصحتهم ومالهم.