الثلاثاء 2024/03/19

آخر تحديث: 06:01 (بيروت)

حرب غزة..وطموحات إيران النووية

الثلاثاء 2024/03/19
حرب غزة..وطموحات إيران النووية
increase حجم الخط decrease

المتابع لشؤون الشرق الأوسط في صحيفة NG الروسية Igor Subbotin رأى أن نشاط إيران في الحقل النووي أخذ يخرج عن السيطرة تدريجياً. وقال في نص نشره في 11 الجاري أن الوضع حول قطاع غزة بوسعه أن يرفع نبرة أصوات النخب السياسية والعسكرية الإيرانية المطالبة بتسريع إنتاج السلاح النووي. مثل هذه الإفتراضات برزت لدى الدبلوماسيين الأميركيين والأوروبيين إثر نتائج الإنتخابات البرلمانية في إيران، والتي رسخت هيمنة أنصار  النهج المتشدد داخل القيادة الإيرانية. 

ينسب الكاتب الحديث عن الدبلوماسيين الغربيين إلى صحيفة The Guardian البريطانية. لم تذكر الصحيفة أسماء محدثيها الذين قالوا أن عدم إستقرار الوضع في المنطقة بسبب الحرب في غزة يعزز حجج مجموعات التأثير في إيران التي تطالب بأن تمتلك بلادهم برنامج تسلح نووي متكامل لمجابهة أعمال إسرائيل في المنطقة. وقد تكون صبت الزيت على النار تصريحات أعضاء في حكومة نتنياهو حول إمكانية إستخدام قنبلة نووية ضد مجموعة حماس في غزة. 

يقول Subbotin أن نتائج الإنتخابات الإيرانية عززت مخاوف المسؤولين في الولايات المتحدة والإتحاد الوروبي. وعلى الرغم من أن للبرلمان (المجلس) الإيراني تأثيراً محدوداً في آلية صناعة القرار الإيراني، إلا أن الإنتخابات تبقى مؤشراً مهماً على ميول المجتمع. وينقل عن سوسيولوغ إيراني قوله لصحيفة The New York Times بأن إيران تشهد أزمة في التمثيل النيابي. وأضاف بأن السياسيين الحاليين والمجموعات والأحزاب الإيرانية تفقد هيبتها وسمعتها، كما يبدو. 

يرى الكاتب أن الوضع الداخلي في إيران يجعل العالم الغربي يخشى من أن تلجأ القيادة الإيرانية إلى التشدد في جميع مقارباتها، بما فيه ما يتعلق بالبرنامج النووي الذي لا تزال تعلن بأنه مدني. وينقل عن المدير العام لوكالة الطاقة الذرية إبلاغه مجلس المحافظين خلال الشهر الجاري أن الوكالة فقدت استمرارية وصول المعلومات بشأن إنتاج ومخزون أجهزة الطرد المركزي والماء الثقيل ودرجة تركيز خام اليورانيوم" في إيران. ويضيف المدير العام بأنه قد مرت ثلاث سنوات منذ أن كانت تتمكن الوكالة من الوصول إلى المرافق الإيرانية، والتصريحات الإيرانية العلنية عن القدرات التقنية لإنتاج سلاح نووي تزيد قلقه بشأن صحتها ومدى إلتزام إيران بتطبيق الضمانات التي تعهدت بها. ويعتقد الكاتب أن المدير العام للوكالة كان يقصد بكلامه التصريح الذي أدلى به الممثل السابق لإيران في وكالة الطاقة علي أكبر صالحي من أن إيران أصبحت تملك كل الإمكانيات في مجال العلوم الذرية والتكنولوجيا. وينقل  عن المدير العام للوكالة قوله بأنه يخشى أن يتخذ توسع الصراع في غزة طابعاً نووياً، وأن الوكالة تبذل كل جهدها للحؤول دون ذلك. 

ينقل الكاتب عن التقرير الأخير لخبراء المعهد الأميركي للعلوم والأمن الدولي قوله بأن التهديد الصادر عن البرنامج النووي الإيراني ارتفع بشدة منذ السنة الماضية. ويضيف التقرير بأن عدم إستقرار الوضع في المنطقة يمنح إيران فرصة فريدة ويعزز التبريرات الداخلية لإنتاج سلاح نووي. هذا في حين أن موارد الولايات المتحدة وإسرائيل اللازمة لرصد إيران وردعها تعاني من نزيف شديد. الصراعات المتواصلة تؤدي إلى تجاهل التهديدات النووية الإيرانية، في حين أن قدرات إيران في حقل السلاح النووي لم يسبق أن كانت كبيرة كما هي عليه الآن. 

موقع KASPAROV الروسي المعارض نقل في 14 الجاري عن صحيفة Financial Times أن مفاوضات سرية جرت بين إيران والولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير المنصرم في سلطنة عُمان. وتقول الصحيفة أن المفاوضات كانت الأولى منذ 10 أشهر، أعرب خلالها الأميركيون عن قلقهم من توسع البرنامج النووي الإيراني. ترأس الوفد الأميركي منسق مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط Brett McGurk، وكان الوفد الإيراني برئاسة نائب وزير الخارجية علي باقري قني. 

لم تجر المفاوضات مباشرة، بل عبر وسطاء عمانيين. وتقول الصحيفة البريطانية أن الولايات المتحدة تنظر إلى المفاوضات غير المباشرة بوصفها وسيلة لمناقشة مروحة التهديدات الصادرة عن طهران. ومثل هذا التواصل ضروري لفهم ما الذي  يجب القيام به للحؤول دون اندلاع صراع أكثر إتساعاً. 

لم يتم الإعلان عن نتائج المفاوضات. وكانت الجولة الثانية منها يجب أن تعقد في شباط/فبراير المنصرم، لكنه تم تأجيلها لانشغال الولايات المتحدة بمحاولات وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتحرير الرهائن الإسرائيليين المختطفين من قبل حماس.

اللافت أن نص الموقع الروسي المعارض، وعلى غير العادة، حظي بعدد من تعليقات القراء. أحدهم علق على التعبير الأخير بأن الولايات المتحدة تريد أن تعرف ما الذي يجب القيام به..أشار عليها بالإستسلام، ""الإستسلام دائماً هو الأسهل". قارئ آخر استغرب إلى اي حضيض انزلقت الولايات المتحدة..."خرجت من أفغانستان تاركة كل شيء لطالبان أصدقاء بوتلير (كما يسمي المعارضون بوتين) وآيات الله.

موقع الخدمة الروسية في "الحرة" الأميركية نشر في 16 الجاري نص مقابلة مع مستشرق بوليتولوغ و"علامة" بالشؤون الإيرانية. قدم الموقع للمقابلة مع نيكولاي مشخدوف (Nikolay Mashkhedov) بطرح عدد كبير من الأسئلة المتداولة حول إيران وموقعها في "اللعبة الكبرى" الشرق أوسطية، ومن هم حلفاء إيران الحقيقيون، وإلى أي مدى تأخذ إيران برأي موسكو وبكين وهي ترسم سياستها الخارجية. وكان الموقع وضع عنواناً ثانوياً للنص" لقد آمنت النخب الإيرانية بـ "انهيار الإمبريالية الأمريكية" الوشيك والحتمي، وتحاول تأمين مكان لها في النظام المستقبلي".

في الرد عن سؤال حول دور إيران وموقعها في المنطقة، قال المستشرق بأنه لا ينبغي شيطنة إيران ولا تصغير دورها أو تضخيمه. كما لا ينبغي البحث عن تأثيرها في كل ما يدور في المنطقة. لكن إيران اصبحت منذ فترة طويلة لاعباً إقليمياً يحدد تطور أحداث كثيرة في سلسلة من بلدان المنطقة ــــ من الخليج إلى شرق المتوسط إلى القرن الإفريقي. إيران بلد له طموحات مزمنة في تبوء الزعامة في المنطقة، وليس في نية طهران التخلي عنها حتى وهي في أزمة إقتصادية ومشاكل سياسية داخلية جدية. وهي تلعب بذكاء كاف لتفادي الصدامات المباشرة، وتستخدم وكلاءها والوسطاء لنيل أهدافها، وكثيراً ما تحقق النتائج المرجوة. 

ورداً عن سؤال الموقع عن هؤلاء الوكلاء والحلفاء، قال المستشرق أن إيران تمكنت خلال 40 سنة من وجودها من إنشاء شبكة واسعة من الوكلاء الذين تنشط حالياً باستخدامهم. لكن هذه العملية ليست سريعة وواضحة دائماً، واستخدمت إيران طرقاً متنوعة في مختلف البلدان. في أماكن كانت تقيم تحالفات ذات توجه ديني. حزب الله نشأ كأداة إيرانية في حلف شيعي في كل الشرق الأوسط، وذلك في إطار فكرة نشر "الثورة الإسلامية" التي كانت تهيمن في إيران في ثمانينات القرن الماضي. وعلى الرغم من توفر العامل الإيديولوجي المهم، إلا أن عامل المال كان هو البارز في تشكيل "قوات الدفاع الذاتي" العراقية . وبشكل عام تلعب إيران دور الممول المناسب لمختلف المجموعات العراقية المسلحة.

يرى المستشرق أن إطار الأسس التي قامت عليها شبكة الوكلاء واسع بما يكفي. والعلاقات بين طهران وحلفائها في المنطقة ليست واحدة، بل تختلف بين حليف وآخر. في حالات تستطيع إيران إصدار أوامر مباشرة، وفي حالات أخرى مثل الحوثيين في اليمن يمكن الحديث أكثر عن تعاون شركاء.


 




increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها