الإثنين 2023/01/16

آخر تحديث: 22:35 (بيروت)

لن تجري الرياح كما يشتهي نتنياهو

الإثنين 2023/01/16
لن تجري الرياح كما يشتهي نتنياهو
increase حجم الخط decrease

ليس في تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإيران و"حزب الله"، أي مؤشرات الى حرب مقبلة. وفقاً لكلامه الأخير بعد تعيين هرتسي هليفي على رأس المؤسسة العسكرية، الاهتمام الأساسي لنتنياهو يكمن في التوكيد على أهمية "الخطوط الحمراء" لبلاده وضرورة عدم تجاوزها، وأيضاً في اتاحة تعديلات في قواعد الاشتباك بناء على تحركات الشطر المتطرف في حكومته باتجاه مزيد من الاستيطان والتعديات في القدس المحتلة. 

ذاك أننا اليوم أمام قواعد اشتباك واضحة تُتيح لنزاع في حدود ضربات جوية على مواقع عسكرية لإيران و"حزب الله" وحلفائهما في سوريا، أو عمليات أمنية في الداخل الايراني. والعمل الأمني هنا رئيسي، بما أن نتنياهو ذكر الموساد والشاباك (الاستخبارات الخارجية والداخلية، تباعاً)، في سياق الحديث عن استعدادات إسرائيل لمواجهة التهديد الإيراني. وهذا في لبنان يستدعي الالتفات بما أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت ناشطة بشكل غير اعتيادي خلال السنوات الماضية، وباتت لديها شبكات واسعة تمكنت الأجهزة اللبنانية من تفكيك جزء منها فحسب. في ثمانينات القرن الماضي، أسست الاستخبارات الإسرائيلية شبكات واسعة النطاق، مستغلة الانهيار حينها، ولم تتفكك أغلبها سوى على يد فرع المعلومات بقيادة الراحل وسام الحسن. من البديهي أن هذا السيناريو تكرر الآن مع الضعف الشديد في قدرات المؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية.

في موازاة ذلك، تُواصل إيران دعم فصائل فلسطينية حليفة لها في مواجهتها مع الاحتلال الإسرائيلي، وهذا أعاد تعريف قواعد الاشتباك، وتحديداً منذ أحداث حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، ومعركة "سيف القدس" عام 2021. وذلك النشاط طبعاً هو اشتباك غير مباشر، رغم أن التقارير الإسرائيلية عن نشاط حركة "حماس" جنوب لبنان، تُؤشر الى تصعيد مرتقب على تماس مع استهداف التنظيم خلال السنوات الماضية على الأراضي اللبنانية.

كان رئيس الوزراء الإسرائيلي واضحاً في رغبته عدم الانجرار باتجاه مواجهة شاملة، لكن في الوقت ذاته هناك إصرار على إعادة تعريف قواعد الاشتباك، ربما مع تقدير بأن الرد الإيراني أو الحزب اللهي سيكون شكلياً، على غرار ردود سابقة لم تفض الى خسائر بشرية بل اقتصرت على الماديات.

والجديد اليوم في السياسة الإسرائيلية، أننا أمام نتنياهو جديد، ليس فقط مكبلاً بتحالفات مع اليمين المتشدد، بل كذلك يعتمد على هذا التيار لمساعدته في رد يد القضاء الإسرائيلي عنه، وبالتالي لا تنسحب الحسابات السياسية القديمة على اليوم. على نتنياهو الجديد محاولة إرساء توازن بين حلفائه في الحكومة، من جهة، وبين رغبته في عدم خوض مواجهة شاملة مع ايران أو الفلسطينيين بكافة انتماءاتهم وفصائلهم. كيف بالإمكان أن تجمع بين اتساع رقعة الاستيطان وتوكيد يهودية الدولة والتوترات الداخلية المرتبطة بها، من جهة، وبين بقاء السلم الأهلي مع المكون العربي، من جهة ثانية؟

هل بالإمكان الحؤول دون صدام مع حركة "حماس"، فيما تتواصل الانتهاكات في القدس المحتلة، ويتصاعد العنف والحركة الاستيطانية وعمليات الترحيل؟

وفوق كل هذه المعضلات، على نتنياهو كذلك تسديد ضربات للبرنامج النووي الإيراني كما وعد وهدد مراراً، لكن من دون الدخول في حرب شاملة مع طهران وحلفائها. وعليه توسيع رقعة التطبيع مع العالم العربي، فيما يُواصل حلفاؤه الانتهاكات في القدس. بيد أن هذه الانتهاكات تطرح أسئلة حول إمكانية استمرار بعض اتفاقات التطبيع الحالية، ناهيك عن اتساع رقعتها باتجاه دول أخرى مترددة. 

هل يبدو كل ذلك ممكناً؟ الأرجح لا. وإن لم تكن في أكمام نتنياهو خدعٌ سحرية للسيطرة على حلفائه قبل خصومه، فإننا نقف أمام وصفة كارثية لن تنتج سوى المزيد من عدم الاستقرار حيثما نظرنا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها