الإثنين 2022/05/23

آخر تحديث: 16:21 (بيروت)

النواب المستقلون..بمواقفهم لا بمظاهرهم

الإثنين 2022/05/23
النواب المستقلون..بمواقفهم لا بمظاهرهم
increase حجم الخط decrease

لم يمر أسبوع على الانتخابات النيابية حتى انطلقت الحملة المنسقة ضد نواب مستقلين، أكان من السلطة نفسها أو خارجها. لكن الانتقاد الأبرز كان في الاستعراض التلفزيوني غير المحسوب للنواب، كون الكلام مصدره أوساط المعارضة المستقلة. 

الظهور التلفزيوني أبرز هشاشة هؤلاء النواب، في ظل غياب حاضنة حزبية أساسية لهم، تُشارك في اتخاذ القرار وتُصمم مثل هذه الحلقات، تماماً كما يحصل مع نواب من كتل حزبية أخرى محسوبة على السلطة. هناك خطوط سياسية ومظاهر يلتزم بها النواب الحزبيون ولا يجرؤون على الخروج عنها.

صحيح أن المشهد اتسم بهشاشة مُقلقة، لكنه ليس الفيصل هنا ولا يُمكن الخروج باستنتاجات على أساسه. بعد الانتخابات، سنرى "شهر عسل" احتفالياً للنواب الفائزين بالاختراق الحاصل، على أن تليه تحديات، ورياح اصطفافات قد تُعيد خلط الأوراق. هنا الأساس. مع من سيتحالف النواب وعلى أي سلم أولويات في القضايا الأساسية المطروحة أمامنا؟ وما المواقف المتخذة في شأنها (القضايا الأساسية)، وهي تنقسم الى قسمين: الأول اقتصادي-سياسي، والثاني حقوقي-اجتماعي؟

أي مواقف سيتخذها النواب الجدد في معارضة السلطة السياسية وأقطابها بدءاً من انتخابات مجلس النواب، وانتهاء بتشكيل حكومة وانتخاب رئيس؟ هل نرى مواقف مغايرة لما يأتي من أقطاب السلطة في المرحلة المقبلة؟

في السياسة، وفي حال تضاعفت التوترات الإقليمية، وانعكس ذلك في اختزال السياسة بالاصطفافات ضد السلاح ومعه على الطريقة الآذارية القديمة، هل ينجر النواب الجدد لها ويذوبون في تحالفات جديدة؟ ذاك أن عنوان مكافحة "حزب الله" يُخفي في طياته رغبة في رفع سقف التفاوض للحصول على حصص أكبر، من جهة، وتنفيذاً لرغبة خارجية في التصعيد المرحلي لتأتي بعده تسوية. النواب الجدد يمزجون بين موقفهم الرافض للسلاح خارج الدولة، وبين فضحهم الاصطفاف الإقليمي وما يخفيه من أجندات غير مرتبطة بالمصلحة الوطنية التي يُفرط فيها لحظة حصول الصفقة. 

المطلوب كذلك وضع سلم أولويات، عمادها رفض أي حكومة تعتمد بياناً وزارياً يُقر بحق المقاومة وبحمل السلاح خارج الدولة لفتح كوة في الجدار، عمادها تكريس مبدأ عدم شرعية السلاح على المستويين التنفيذي والتشريعي. حينها، وفي حال تشكيل حكومة وفاق، لا يُؤجل موضوع السلاح، بل يكون موازياً للعمل الوزاري الضروري لتسيير شؤون الناس.

وفي التقاطع بين السياسة والاقتصاد، هناك ضرورة لوضع خطوط حمراء على قضايا أساسية، تبدأ بوقف احتكار فريقين سياسيين وزارتي المال والطاقة، وتنتهي بموضوع تحميل أصحاب المصارف عبئاً أكبر مما تُخطط له السلطة. 

هذه أسس التفاوض في الاقتصاد والسياسة، وإلا فإن الحصول على مواقع لا يُقدم ولا يُؤخر في ظل سيطرة الأحزاب على المواقع الأساسية داخل الوزارات بما يمنع من تنفيذ أي أجندة وزارية. مثلاً، هل حققت أي من وزارات التكنوقراط تقدماً في أي من ملفاتها؟ هل رأينا انتقالاً نحو الطاقة البديلة أو اعتماد بدائل في الجباية، أو معالجة مختلفة وأقل فساداً وكلفة للنفايات، أو تنظيماً مختلفاً لقطاعي الصحة النقل العام؟

لم يحصل شيء على هذا الصعيد، ولن يحصل. بيد أن الدخول الى أي وزارة يستدعي اقترانه باتفاق على تحول داخلها وفي ملفاتها، وإلا فإن عرقلة المالية والموظفين الإداريين تنتظر أي وزير جديد. 

وعلى المستوى الحقوقي، كان بارزاً الجدل حول الزواج المدني الإختياري، واستخدام المساجد لتمرير رسائل سياسية. وهذا له أثر على الناس، وليس بالسهل، وهو أحد أسس الحملة المرتقبة للسلطة على النواب الجدد لاستهدافهم برجال الدين على أساس مواقف حقوقية.

المطلوب عدم التنازل عن هذه المواقف، وهنا أيضاً دور للإعلام البديل والناشطات والناشطين لتوعية الرأي العام حول الحقوق الاجتماعية وأهميتها، وأيضاً بشأن خلفيات الحملة ورجال الدين الموالين للساسة الفاسدين وتاريخهم غير المشرف في دعم السلطة وجرائمها بحق الناس.

حملات السلطة على النواب المستقلين لن تنتهي، بل ستزداد حدة في الفترة اللاحقة، ومن المتوقع حرمانهم من المنابر الإعلامية والتضييق على من لا ينجر منهم لاصطفافات يبدو أنها مقبلة علينا بالسياسة تحت العناوين المعهودة. ولكن يبقى الأساس بالحكم على هؤلاء النواب وأدائهم بالفترة المقبلة، هو الموقف من القضايا الأبرز أمامنا اليوم، والباقي تفصيل لا أهمية له.



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها