الإثنين 2022/11/07

آخر تحديث: 16:25 (بيروت)

خامنئي: الإيرانيون "أكثر ذكاء"

الإثنين 2022/11/07
خامنئي: الإيرانيون "أكثر ذكاء"
increase حجم الخط decrease


في خطابه أمام طلاب المدارس لمناسبة "اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار ويوم التلميذ" هذا الأسبوع، كان لافتاً منسوب "القومية" العالي لدى مرشد الثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي.

طبعاً، وكعادته، رسم المرشد خطاً مستقيماً يربط بين نقاط متباعدة، وكأنه يعيش على كوكب مسطح لا نتوءات عليه. قدم رؤيته للتحولات الدولية، وأساسها التراجع الأميركي، وطموحات طهران في حجز مقعد لها وسط الفراغ المتوقع.

بدأ خامنئي خطابه بالربط بين الأحداث داخل ايران، لجهة دور النظام في مقاومة الهيمنة الأميركية في ستينات القرن الماضي، مروراً بالثورة، ووصولاً الى اغتيال القائد السابق لفرقة القدس قاسم سليماني. باختصار، الولايات المتحدة إلى تراجع في المنطقة والعالم لمصلحة آسيا حيث إيران التي تُقاوم الهيمنة الأميركية منذ أمد بعيد، وهي رائدة في هذا المجال، وموقعها الجغرافي مميز، وسكانها متفوقون عرقياً (وصفهم بأنهم أكثر ذكاء من المعدل العالمي)، وهم قادرون على حجز مقعد أمامي لطهران وسط الفراغ الأميركي المتزايد.

بالنسبة لخامنئي، ما زالت الولايات المتحدة تُحافظ على نواياها السيئة والانقلابية حيال ايران منذ الإطاحة برئيس الوزراء الراحل محمد مصدق عام  1953 (أطاحته واشنطن ولندن بعد تأميمه النفط)، ولكن أمرين أساسيين اختلفا. أولاً، صارت الأساليب الأميركية أكثر تعقيداً، وباتت تتسلل من الداخل، والمقصود من ذلك أنها تُشجع على الاحتجاجات أو تنظمها بشكل خفي. عملياً هذا اتهام مباشر آخر للولايات المتحدة بالتورط في التظاهرات ضد النظام، ومحاولة لتلطيخ سمعة المشاركين فيها، تمهيداً لمزيد من القمع، وهي عملية جارية أساساً.

الأمر الثاني هو أن الولايات المتحدة باتت أكثر ضعفاً، ونفوذها إلى تراجع. بكلام خامنئي نفسه، "هناك علاماتٍ كثيرة تدلّ على تغيّر النظام الحالي في العالم، وإنّ نظاماً جديداً سيسوده. ما دورنا - نحن الإيرانيّين - وأين موقعنا في هذا النظام الجديد؟ هذا سؤالٌ مهمّ".

خامنئي هنا لا يُوفر رسماً واضحاً للشكل المستقبلي لهذا النظام الجديد، ولكنه يضع خطوطاً عريضة له  سمى أولها "انزواء أمريكا"، و"سوف يتحقّق [شعار] الموت لأمريكا" من خلال ارغامها "على لملمة أياديها عن العالم"، أي اقفال قواعدها في منطقتنا وأوروبا وآسيا.

وهذا الكلام ليس جديداً، إذ سبق لخامنئي أن حدّد هدفاً مستقبلياً لبلاده بطرد القوات الأميركية من المنطقة، رغم أن من الصعب رؤية ذلك يتحقق سريعاً، ولا إشارات اليه، وتحديداً في الخليج العربي حيث يرتبط هذا الوجود بمواجهة إيران وبتهديدها حلفاء لواشنطن.

الخط الثاني هو "انتقال القوّة السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والعلميّة أيضاً من الغرب إلى آسيا". ستتحول آسيا الى "مركز العلم والاقتصاد والقوّتين السياسيّة والعسكريّة"، وفقاً لخامنئي الذي ختم نقطته هذه بالقول: "نحن من آسيا". 

وهذه أيضاً نقطة أخرى تشوبها بعض الملاحظات، ليس أقلها أن الاقتصاد الصيني لم يعد ينمو بالقدر ذاته، وهو يواجه تحديات عديدة. وكذلك، النمو الآسيوي ليس حكراً على الصين، بل بعضه يرتبط بعلاقات وثيقة مع واشنطن (كوريا الجنوبية واليابان). حتى لو انتقل ثقل الاقتصاد العالمي والابتكار فيه وبالتكنولوجيا الى آسيا، لا يعني ذلك تناقضه مع الولايات المتحدة.

النقطة الثالثة لدى خامنئي تحوي تناقضاً آخر، وعمادها أن "فكر المقاومة وجبهتها"، وهما "ابتكار" ايراني "سينتشران مقابل الغطرسة". العالم، وفقاً لهذه الرؤية التبسيطية، ينقسم الى حكومات "مُهيمنة" وأخرى "راضخة للهيمنة".

والخطاب يُقدم إيران هنا كدولة رائدة، كونها رافضة للهيمنة، لكنها، رغم أن خامنئي لم يذكر ذلك صراحة، مهيأة لأن تكون من الفريق الأول. وبالتالي فإن حديثه عن انتشار "المقاومة"، هو توصيف لأداة هيمنة لدولة تتنكر بلباس مقارعة الاستكبار والهيمنة، لتحجز مقعداً لها في نادي الكبار.

وهذا واضح في كلام المرشد عن موقع ايران في خضم هذه التحولات، وأن لديها ما يكفي من الموارد والقدرات كي تُهيمن، والأهم لديها التفوق "الجيني" على غيرها (المقصود طبعاً العرب)، بحسب خامنئي الذي ادعى بأن "ذكاء الشباب الإيرانيين ومواهبهم أعلى من المتوسط العالمي. هذه حقيقة". 

لكن الحقيقة الوحيدة هنا ليست ذكاء الشعب الايراني وتفوقه على بقية الشعوب، وهذا تكبر وعنصرية، بل أن إيران ترى اليوم فرصة حقيقية في التحولات الإقليمية والدولية، وترغب في أن تحجز موقعاً متقدماً لها مع الانسحاب الأميركي. 

وهذا لن يكون سوى على حساب شعوب يضعها خامنئي في مرتبة أقل ضمن قائمته الجينية للأمم الذكية وتلك الحمقاء!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها