الجمعة 2022/11/25

آخر تحديث: 13:32 (بيروت)

هل تصيبنا شظايا التصعيد مع إيران؟

الجمعة 2022/11/25
هل تصيبنا شظايا التصعيد مع إيران؟
increase حجم الخط decrease

بالإمكان اليوم رصد مسار التصعيد على مستويات مختلفة مع إيران، علاوة على محاولة النظام التحايل على الثورة العارمة في أنحاء البلاد، من خلال فتح جبهات وصراعات جديدة. نتيجة اندلاع الاحتجاجات واتساع رقعتها لتصير ثورة لم تعد السلطات قادرة على كبح جماحها، انتقلت الاستراتيجية الإيرانية الى طور تصدير الأزمة إلى الخارج، وهذا كان جلياً من خلال الضربات الأخيرة على شمال العراق، وارتفاع وتيرة التقارير عن عملية عسكرية وشيكة، وتصريحات المسؤولين الايرانيين.

على سبيل المثال، كان لافتاً تهديد قائد حرس الثورة اللواء حسين سلامي "بأنّ إيران قادرة على استهداف مصالح أعدائها المنتشرين في كلّ مكان إذا حاولوا النيل من الأمن القومي الإيراني". عملياً، هذا تهديد مباشر بضرب المصالح الأميركية والإسرائيلية وبعض العربية خارج حدود إيران، وهذا يشمل بالتأكيد استخدام وكلاء وحلفاء طهران في أكثر من بلد بأنحاء منطقتنا.

طبعاً، التوصيف الرسمي الإيراني لما يحصل داخل البلاد، مدعاة للضحك. بحسب سلامي، "الأعداء"، أي الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية، "يريدون إعادة تجربة الانقلاب في إيران (عام 1953) وتعيين شاه للبلاد بنفسهم، كما كانوا يفعلون سابقاً ... (هم) يطمحون الى الاستحواذ على النفط الإيراني". المقارنة بين الحقبتين الحالية والسابقة، هدفه حرمان الاحتجاجات المحلية من أي شرعية أو أسباب محلية، رغم أنها تشمل قطاعات واسعة من الإيرانيين. حتى لو كان هناك دعمٌ من الغرب أو الجاليات الإيرانية في الخارج، مثل هذه الاحتجاجات لا تندلع دون وجود أسباب موجبة لها، وهي غالباً أعمق من مجرد متاعب اقتصادية، وعلى ارتباط بحقيقة أن النظام لم يعد يخاطب ويلبي طموحات قطاعات واسعة من الإيرانيين، وبات عبئاً عليهم وعلى مستقبلهم وآمالهم.

أكثر من ذلك، من مقومات نجاح أي نظام، قدرته على التحالف مع قطاعات مجتمعية ومساحة أكبر من النخب المحلية. النظام لم يعد قادراً على استيعاب حتى التنوع في النخب الإسلامية الموالية له. ثنائية الإصلاحي والمحافظ وتنوعاتها الداخلية، لم يعد لها مكان. وهذا ينسحب على المستوى الاقتصادي، ربما نتيجة العقوبات وتضييقها دائرة الفرص الاقتصادية والمالية، ولكن، هذا أيضاً خيار سياسي، وهو ناجم عن عدم ليونة إيرانية على المستويين الإقليمي والدولي.

بالإمكان المقارنة هنا على المستوى الإقليمي مع الدور التركي الذي يفتح أبواباً كثيرة ويُقيم علاقات مرنة حتى مع خصوم مفترضين مثل روسيا، ومؤخراً اسرائيل والنظام السوري. ذاك أن مثل هذه المرونة مطلوبة لإتاحة المجال للنمو الاقتصادي ولتجنب العقوبات الغربية ولتدوير الزوايا في منطقة بالغة التعقيد، لا بل قيد التشكل لناحية موازين القوى فيها.

مثل هذا النظام الذي لا يملك خيارات كثيرة في الداخل، بل يُواصل مضاعفة أزماته عبر العنف واستبعاد أي حلول سياسية داخلية، سيتجه بالتأكيد الى تصدير الأزمة من خلال تعزيز الصراع خارج حدوده. والسؤال المطروح أمام اللبنانيين اليوم هو ما الدور المنوط بحزب الله في هذا التصدير، وكيف سينعكس على الساحة المحلية؟

التنظيم بدأ بالفعل يخرج بتصريحات عن "المؤامرة" داخل ايران (على لسان نعيم قاسم نائب الأمين العام للحزب)، وأخرى تشي بتصعيد في المواقف الاقليمية، بما يُؤشر الى دور له بالمرحلة المقبلة، لا بد أن تنعكس على الانتخابات الرئاسية واحتمالات التسوية فيها لضمان الاستقرار الداخلي.





increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها