الجمعة 2022/10/07

آخر تحديث: 16:36 (بيروت)

عمليات أمنية قبل "النووي" في أوكرانيا؟

الجمعة 2022/10/07
عمليات أمنية قبل "النووي" في أوكرانيا؟
increase حجم الخط decrease

في حرب أوكرانيا، حفل هذا الشهر بالكثير من الحراك السياسي والعسكري، أكان لجهة اعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التعبئة الجزئية للروس في سن القتال، أو للتهديد بالسلاح النووي التكتيكي، وتنظيم استفتاء لضم أقاليم أوكرانية، أو لناحية التقدم الأوكراني العسكري المتواصل والمهين للجيش الروسي.

صحيح أن تهديد بوتين باستخدام "كل الوسائل المتاحة لنا لحماية روسيا وشعبنا" ومن ضمنها النووي، استدعى رداً من الرئيس الأميركي جو بايدن بالتلويح بأن مثل هذا الخيار الروسي يحمل تبعات كارثية على موسكو. لكن إدارة بايدن لم تُحدد ماهية ردها على مثل هذا التهديد، وعما اذا كان استخدام السلاح النووي التكتيكي يستدعي رداً نووياً مقابلاً من الجانب الأميركي.

الواضح من الكلام الأخير لبايدن أن هناك قلقاً من استخدام "النووي" بشكل مباشر "في حال استمرت الأمور على حالها"، وبأن بوتين "لا يمزح حين يتحدث عن استخدام الأسلحة التكتيكية النووية أو البيولوجية أو الكيماوية" لأن جيشه أظهر عجزاً وهو بالتالي غير قادر على حسم المعركة تقليدياً.

استخدام السلاح النووي التكتيكي أو مثيلاً له من عالم الدمار الشامل، وارد، لكن من المبكر حسمه في ظل تبعاته على روسيا ونظامها على المستوى الدولي. 

لكن هناك سلاحاً آخر لم تلجأ روسيا الى استخدامه بعد، على الأقل في المستوى المعهود وعلى قدر الاحتمالات المتوافرة فيه: العمليات الأمنية. ولهذا تبريراته. بالنسبة لبوتين على الأقل، روسيا تتعرض لحرب "تدمير" من الغرب، وبالتالي من الضروري اللجوء لكل الوسائل المتاحة للدفاع عنها. بشكل تلقائي، يتجه التفكير نحو الأسلحة النووية الفتاكة بصفتها قادرة على تعديل الوضع على الأرض في الداخل الاوكراني. 

إلا أن ذلك ليس دقيقاً، إذ من غير المؤكد أن استخدام السلاح النووي التكتيكي سيحسم المعركة لمصلحة روسيا، بل قد يُوقف التقدم الأوكراني فحسب. الأكيد أن هذا الاستخدام سيجعل نظام بوتين منبوذاً على المستوى الدولي، وقد يحمل تبعات داخلية مع تواتر صور الضحايا والدمار الشامل من أوكرانيا. 

لكن قبل النووي، ما زالت هناك خيارات أمنية، بالإمكان اللجوء اليها داخل أوكرانيا، وكذلك على المستوى الدولي في مواجهة الغرب ودوره في المواجهة.

لهذا علينا قراءة التسريبات الأميركية هذا الأسبوع عن دور أوكراني في اغتيال داريا دوغينا، ابنة ألكساندر دوغين أحد الأقطاب القوميين في تفجير داخل موسكو آب (أغسطس) الماضي، باعتبارها مؤشراً في اتجاه حرب أمنية قد لا تتوقف داخل حدود أوكرانيا فحسب. في تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" في هذا الشأن، يُحاول مسؤولون أميركيون تبرئة الإدارة من هذه العملية، وأنها كانت بالكامل أوكرانية المنشأ، وغير محسوبة وسط قلق أميركي من انطلاق عمليات روسية مماثلة تستهدف مسؤولين أوكرانيين رفيعي المستوى.

اللافت في التقرير التلميح الى عمليات أمنية أوكرانية أخرى في الداخل الروسي، من خلال القول إن "الأجهزة الأمنية الأوكرانية أثبتت قدرتها على الوصول الى الداخل الروسي لتنفيذ عمليات تخريب"، وهذا يُؤكد شكوكاً حول وقوف كييف وراء حرائق واسعة (خارج سياقها الطبيعي) وتفجيرات. 

إلا أن عملية اغتيال دوغين (وكان المقصود بها وفقاً للمصادر الأميركية ألكساندر نفسه) في موسكو كانت نقلة نوعية في العمليات الأمنية الأوكرانية. السؤال الذي لم تطرحه الصحيفة الأميركية، هو هل تلقت الاستخبارات الأوكرانية مساعدة من حلفاء لها في تنفيذ العملية؟ الأرجح أن التقويم الروسي يذهب في هذا الاتجاه، ولهذا تبعات.

والخشية الأميركية هنا من عمليات أمنية روسية في محلها. تنفيذ تفجيرات وعمليات أمنية في الداخل الروسي، خط أحمر اختُرق للمرة الأولى، ويستدعي بالتأكيد ردوداً من الصنف ذاته، الأرجح أنها لن تقتصر على الأراضي الأوكرانية، سيما أن لدى موسكو وجوداً في سوريا وفي مناحي مختلفة من أفريقيا من خلال ميليشيا "فاغنر"، وبالإمكان استخدامه لاستهداف مصالح غربية بشكل غير مباشر.

ليس واضحاً المدى الذي قد تذهب اليه روسيا في ردها على عمليات الداخل، لكن يبدو أن الحرب دخلت مرحلة حرق الخطوط الحمراء.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها