الثلاثاء 2021/06/01

آخر تحديث: 07:44 (بيروت)

بيلوروسيا تسحب إتهام حماس

الثلاثاء 2021/06/01
بيلوروسيا تسحب إتهام حماس
increase حجم الخط decrease

لم تهدأ بعد العاصفة  ، التي أثارتها بلطجة ديكتاتور بيلوروسيا الصغير ألكسندر لوكاشنكو في إجبار طائرة ركاب مدنية على التوقف في مطار عاصمة بلاده مينسك وإعتقال صحافي معارض لإرهابه . ولم تكن قد مضت دقائق على عملية لوكاشنكو الإرهابية حتى هب الغرب بأسره مستنكراً الجريمة ، التي وصفها بأنها إرهاب دولة ، ودحض رواية الديكتاتور بتلقي سلطاته إخباراً بوجود متفجرة على متن الطائرة ، واتهم منظمة حماس الفلسطينية بالوقوف وراء العملية . 

وكان موقع " Dossier" الروسي المتخصص في التحقيقات الإعلامية ، وبالإشتراك مع "دير شبيغل" و""TheDailyBeast قد نشر نصاً بعنوان "حماس السويسرية . تناقضات في رواية بيلوروسيا الإرهابية" . قال الموقع بأنه تمكن من الحصول على نسخة من الرسالة ، التي قالت السلطات البيلوروسية بأن مطار مينسك تلقاها من "ممثلي حماس" . وتبين للموقع من خلال تحليل الرسالة ، أن مراقبي مطار بيلوروسيا ابلغوا طاقم الطائرة بضرورة الهبوط في مطار مينسك قبل 27 دقيقة من تبلغهم إنذار حماس المزعوم . وذكر الموقع أن الرسالة موقعة بإسم أحمد يورلانوف 1988 . وكانت حماس قد نفت أية علاقة لها بحادثة الطائرة، كما نفت سويسرا أيضاً أن تكون على علم بالرسالة ، التي قالت السلطات البيلوروسية بأنها وردت من أراضيها . 

وكانت سلطات بيلوروسيا قد أعلنت في روايتها الأولى عن الحادثة ، بأن سلطات مطار مينسك تلقوا رسالة من "مقاتلي حماس" يبلغون فيها عن وجود متفجرة على متن الطائرة الإيرلندية في رحلتها من أثينا إلى فيلنيوس عاصمة ليتوانيا . لكن لوكاشنكو عاد بعد ثلاثة أيام على الحادثة وأعلن في لقاء موسع مع الإعلاميين والبرلمانيين البيلوروس الموالين له ، أن الرسالة وصلت من سويسرا ، مناقضاً روايته الأولى عن "مقاتلي حماس" . ونشر موقع "DW" الألماني الناطق بالروسية نصاً بعنوان " لوكاشنكو : حماس ، غير حماس ، لم يعد للأمر من معنى" ، تحدث فيه عن تناقض رواية سويسرا مع الرواية الأولى عن حماس . 

لكن روسيا لم تشكك برواية لوكاشنكو ، بل إتهمت الغرب بالمسارعة للتهجم عل بيلوروسيا ، من دون التحقيق في تفاصيل الرواية. فقد صرح الناطق بإسم الكرملين دمتري بيسكوف بأن بيلوروسيا صرحت بأنها  لم تجبر الطائرة على الهبوط في مطار مينسك ، بل تصرفت بما يقتضيه الأمر في حال تلقي إخبار بوجود خطر. وقال بأن روسيا لا تجد أية أسباب لعدم تصديق الجانب البيلوروسي . وعلق على نفي حماس ضلوعها بالعملية بالقول أن الكرملين اطلع على هذا النفي، لكن هذا يحتاج ، برأيه، إلى محاولة فهم ما حدث. وأضاف بيسكوف بأن لوكاشنكو صرح بأن الإخبار عن وجود متفجرة على متن الطائرة ورد من سويسرا ، وإذا لم يكن هذا صحيحاً ينبغي "أن ينفيه أحد ما" وهذا ما لم يحدث حتى الآن. وبدل أن تتحقق الدول الغربية مما حدث، سارعت إلى شن التهجمات على بيلوروسيا . 

وعما إذا كان كل ذلك سيترك تأثيره على قمة بايدن ـــــ بوتين المقررة في سويسرا خلال الشهر الجاري، قال بيسكوف بأن لوكاشنكو لم يقل بأن لسويسرا علاقة بالإخبار، بل قال بأن الإخبار جاء من سويسرا، التي ليس لها أية علاقة بالأمر، حسب موقع شبكة التلفزة البيلوروسية "BelRos" .

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد صرح بأن"روسيا، بالطبع، لن تترك الشقيقة بيلوروسيا بالمصيبة وحدها". وكتبت الناطقة بإسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على موقعها في الفيسبوك، بأن ما يصدم هو وصف الغرب "الحادث" في اجواء بيلوروسيا بأنه "صادم" .  وقالت بأن حياة الديموقراطيات المتحضرة تحكمها مقولة بأن "ما هو مسموح لجوبيتر ليس مسموحاً للثور"، ومنذ زمن بعيد فقدت هذه الحياة عصريتها بسبب خسارة موقع الريادة الحقة، التي كانت لهذه الديموقراطيات يوماً ما. وأضافت زاخاروفا متوجهة إلى البلدان الغربية بالقول: " إما أن تكون صادمة كل أحداث إجبار الطائرات على الهبوط القسري ، كما أُجبرت يوماً ما طائرة الرئيس البوليفي على الهبوط في فيينا بطلب من الولايات المتحدة ، أو لا يصدم سلوك الآخرين المماثل" ، حسب نوفوستي .  

موقع " newprospect" الروسي ، وفي نص بعنوان "بيلوروسيا تحط. لوكاشنكو يشدد قبضته" ، قال بأن الأحداث في بيلوروسيا تتطور بسرعة فائقة. فخلال يومين تورطت بيلوروسيا في إشكالات دبلوماسية، حيث إتهمت بإرهاب الدولة، وهي مهددة بإقفال الحدود . لكن ألكسندر لوكاشنكو لا تقلقه العزلة ، فها هي كوريا الشمالية تعيش في عزلة ولا تهتم . 

يقول الموقع أن من الواضح أن رواية بيلوروسيا عن هبوط الطائرة في مينسك قد جرت فبركتها على عجل. فما حاجة فلسطينيي حماس لتفجير طائرة فوق فيلنوس عاصمة ليتوانيا، التي لم يعرف عنها، كما عن اليونان، بإنها من مضطهدي الفلسطينيين. ويقول الموقع بأن الرواية كلها لم تقنع أحداً، فما الحاجة كانت لتعترض مقاتلة سوخوي 29 بيلوروسية الطائرة الإيرلندية، وكيف كانت ستساعد الطائرة على الهبوط ، كما جاء في الرواية البيلوروسية . وتتسارع الدعوات لمقاطعة بيلوروسيا ، فما أن وقعت الحادثة حتى سارعت ليتوانيا وبريطانيا ومن ثم زعماء الإتحاد الأوروبي إلى الدعوة لحظر شركة الطيران البيلوروسية من الطيران في الإتحاد، وحظر طيرانهم من الطيران، ليس فقط إلى بيلوروسيا، بل والتحليق في أجوائها . ويتم التداول بفكرة حظر النقل البري  إليها، بما فيه حتى الترانزيت منها وإليها. كما سُمعت أصوات تدعو لطرد بيلوروسيا من منظمة الطيران المدني العالمية، مما يعني أن الطيران من وإلى البلاد يصبح متعذراً سوى من روسيا ، التي قد تخاطر وتخرق الحظر . 

خلال بضع ساعات أقدم لوكاشنكو على خطوات تفضي لإنهيار إقتصاد بيلوروسيا المنهار أصلاً وإلى عزلتها. ويقول الموقع أنه من أجل القبض على مدون معارض، حرم لوكاشنكو بيلوروسيا من المواصلات الجوية مع أوروبا، التي يحتاج إلى أموالها. ولا يبدو كطفل لا يدرك علاقة السبب والنتيجة ، بل يبدو أنه أقدم على هذه الخطوات ومثيلاتها السابقة من قبله بوعي كامل، ساعياً بذلك إلى العزلة، لوكاشنكو لا يثق الآن بأحد أو بشيء، إذ أنه يدرك بأنه يخوض معركة لا مساومة فيها لبقائه في منصبه ، ويتراءى له أن من الضروري إقدامه على القطيعة مع الغرب ووقف الإتصالات به ، إذ يحمل كل تواصل معه خطراً مجهولاً. 

ويقول الموقع أن ردة فعل الكرملين على الحدث البيلوروسيا كانت متوقعة ، وليس فيها ما يفاجئ . وعلق على كلمة لافروف بأن روسيا "لن تترك بيلوروسيا الشقيقة وحدها في المصيبة"، وقال بأن هذا يعني أي شيء، بما في ذلك تقاسم العقوبات مع لوكاشنكو وتقديم الدعم العسكري له. فإضطهاد المواطنين في روسيا وبيلوروسيا هو الرد العلني على الغرب. فلدى الحكام المتسلطين قناعة راسخة بأن كل المعارضين عملاء للخارج، ويعتبرونهم رهائن لديهم، ويحاولون القول للغرب بأنه كلما تشدد معهم  كلما تشددوا هم مع "جماعته" في الداخل . 



  

 

   

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها