السبت 2021/02/27

آخر تحديث: 06:33 (بيروت)

إيران ترفع ثمن النووي

السبت 2021/02/27
إيران ترفع ثمن النووي
increase حجم الخط decrease

حين أقر مجلس النواب الإيراني ، بعد مقتل محسن فخري زاده ، القانون الذي ألزم حكومة روحاني التخلي عن رفض إلتزامات نص عليها البروتوكول الملحق بإتفاقية "الصفقة النووية ، وقفت الخارجية الإيرانية ضد هذا القانون ، وصرح روحاني ، بأن القانون بمثابة قتل للدبلوماسية . وكان الرجل يدرك ، أن القانون هو  قتل للصفقة النووية ، التي تمثل إنجازه الرئيسي خلال كل فترة حكمه ، وضربة قاتلة لأي أمل متيق لدى الإصلاحيين في الإنتخابات الرئاسية الإيرانية القادمة . وعلى الرغم من أن القيادة الإيرانية كانت تشيع وسط الشارع الإيراني آمالاً كبيرة على الإدارة الأميركية الجديدة ، إلا أن التصعيد في الخطاب الإيراني ، خلال الشهر المنصرم على تسلم إدارة بايدن السلطة ، يكاد يتخطى رفع الثمن الإيراني للعودة الأميركية إلى المفاوضات بشأن الصفقة ، ويقوضها مع الجهود الدبلوماسية ، كما توقع روحاني.

موقع التلفزة الروسية "InoTV" التابع للمجمع الإعلامي الرسمي "RT" ، نقل عن صحيفة "الغارديان" في 19 من الجاري قولها  ، بأن "ضغط إيران يضع مستقبل الصفقة النووية على المحك" ، ودعت الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إعتماد نهج "الخطوة خطوة" في العودة إلى الصفقة وإلغاء العقوبات . وجاء مقال الصحيفة قبل 21 شباط/فبراير الجاري ، نهاية فترة الشهرين ، التي منحها القانون الإيراني المذكور لحكومة روحاني ، وألزمها بإنتاج 120 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب حتى 20% والحد من نطاق عمل مفتشي وكالة الطاقة النووية  . ونقل الموقع عن الصحيفة قولها ، بأن هذه التدابير،ـ التي تهدد بتنفيذها إيران ، هي "ضغط على البيت الأبيض" ، ودعت وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا إلى الإسراع في الإتفاق مع وزير الخارجية الأميركي على كيفية الرد على مخططات إيران.

موسكو ، التي كانت قد حذرت إيران من أن تصعيد خطابها يعقد العودة إلى الصفقة ، رحبت  بشدة بنتائج زيارة المدير العام لوكالة الطاقة النووية إلى طهران في 21 من الشهر الحالي ، أي في اليوم عينه ، الذي حددته إيران لوقف العمل بالبروتوكول الملحق بإتفاقية الصفقة ، والذي ينص على تفتيش المراكز النووية الإيرانية . وعاد مدير الوكالة من زيارته لطهران بإلإتفاق على التمديد ثلاثة أشهر لصلاحيات مجتزأة لمفتشي الوكالة في إيران . وقالت الخارجية الروسية على موقعها ، بأن الإتفاقات ، التي أسفرت عنها الزيارة ، ترمي إلى إستمرار التعاون البناء بين إيران والوكالة ، ومواصلة النشاط الرقابي للوكالة . كما تؤمن هذه الإتفاقات "مستوىً رفيعاً" من شفافية البرنامج النووي الإيراني ، مع الأخذ بالإعتبار متطلبات القانون الإيراني بشأن الإجراءات الإستراتيجية لإلغاء العقوبات وحماية الشعب الإيراني . وقالت الناطقة بإسم الخارجية ماريا زاخاروفا ، بأن هذه الإتفاقات سوف تساعد في تحسين الوضع السياسي العام حول إيران وبرنامجها النووي ، وتساعد في نزع التوتر ، الذي يغذيه أعداء الإتفاق مع طهران.

وبعد أن تشيد زاخاروفا بالنهج "الحكيم والمدروس" للجانب الإيراني ، ومهنية نشاطات قيادة الوكالة ، تقول بأن الطرفين قدما مساهمة إيجابية ملموسة في خلق الظروف ، للبدء بمفاوضات موضوعية بين الولايات المتحدة والشركاء الحاليين في الصفقة ، بشأن عودة واشنطن إلى "الصفقة النووية" ، وإلتزامها بمندرجاتها المثبتة في قرار مجلس الأمن الدولي 2231 . وبالمقابل تتراجع طهران عن كل الإجراءات الطوعية ، التي جمدتها ، بما فيها المتعلقة بالشفافية.

الخارجية الأميركية ، وكما نقلت نوفوستي في 24 من الجاري عن الناطق بإسمها نيد برايس ، لم يتحدث عن زيارة مدير وكالة الطاقة ، وما أسفرت عنه ، بل تحدث عن نفاد صبر الولايات المتحدة من إيران.  قد يكون هذا التجاهل الأميركي للأمر ، يندرج  في سياق تعزيز الموقف في المفاوضات مع إيران ، وتسفيه تصعيدها الكلامي ، وسعيها لرفع كلفة العودة الأميركية إلى المفاوضات بإشراف الإتحاد الأوروبي ، ومشاركة إسرائيل والسعودية . لكن برايس قال ، بأن هدف الولايات المتحدة من "كل ذلك" ، هو ضمان أن تكون لدى الولايات المتحدة من جديد "قيود دائمة على البرنامج النووي الإيراني وقابلة للتحقق منها، كي لا تتمكن إيران من حيازة السلاح النووي".

وقالت نوفوستي ، أن برايس رفض التعليق على الخلاف مع إيران ، حول ما إذا كان على أي من الطرفين تقديم تنازلات بشأن المسألة النووية  ، وقال ، بأن الإقتراح بشأن المفاوضات مطروح على الطاولة منذ ما يقرب الأسبوع ، وأن مثل هذه المسائل من الإفضل مناقشتها على طاولة المفاوضات.

وأشارت الوكالة ، إلى أن ممثل إيران الدائم في مكتب الأمم المتحدة في جنيف إسماعيل بكاي شامان صرح  بأن دعوة طهران من قبل واشنطن للتطبيق الكامل لشروط الصفقة النووية ، هي دعوة سخيفة ، لأن واشنطن نفسها هي خارج إتفاقية هذه الصفقة.

مركز كارنيغي موسكو رأى  أن يقارب مسالة النووي الإيراني من زاوية أين تلتقي واشنطن وموسكو ، وأين نفنرقان  في مسألة الصفقة النووية ، ونشر في 19 من الجاري نصاً بعنوان "هل تتفق روسيا والولايات المتحدة حول إيران" . قال النص ، أنه بعد مرور شهر على تسلم الإدارة الأميركية الجديدة السلطة في واشنطن ، لم تفصح بعد عن خطتها في كيفية إحياء المفاوضات مع إيران للعودة إلى الصفقة النووية . وفي هذه الأثناء ، يبدو أن طهران عازمة على اللعب على التوتير وهي تتخلى عن إلتزاماتها في البرنامج النووي.

وقال المركز ، أن وزير الإستخبارات والأمن القومي الإيراني محمود علوي ، أدلى في 9 شباط/فبراير الجاري ، بتصريح غير مسبوق بتشدده قال فيه ، بأن تزايد ضغط الغرب على إيران قد يدفع بها إلى إنتاج سلاح نووي . وقال علوي مبرراً كلامه ، بأن "القط المحاصر في زاوية"  يتصرف على نحو مختلف عن القط الطليق . ويقول المركز ، بأن موقف إيران الإستفزازي هذا ، أثار قلق ليس الغرب فحسب ، بل وموسكو أيضاً.

ويشير المركز ، إلى أن روسيا تساند إيران في الخلاف على مشروعها النووي منذ ، أن أعلنت إدارة ترامب العام 2018 عن إنسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية . وحين حاول وزير الخارجية السايق مايك بومبيو الحصول على دعم دولي لتوسيع الحظر على تصدير الأسلحة إلى إيران ، ردت موسكو ، بأن الولايات المتحدة تحاول الجلوس على كرسيين.

يعدد المركز الحالات ، التي وقفت فيها موسكو إلى جانب إيران ، ويقول بأنها كانت تصر دوماً ، على حق طهران بإمتلاك مشروعها النووي الخاص ، لكن بشرط أن تضمن رقابة الوكالة الدولية للطاقة طابعه السلمي . لا تتفق الولايات المتحدة وروسيا على الوسائل ، مثل ضرورة الضغط بالعقوبات ، إلا أنهما تتفقان بشأن الهدف النهائي ، على أن إيران لا ينبغي أن تمتلك سلاحا نووياً . ويقول ، بأن روسيا تعتبر ، أن إيران ملزمة بتنفيذ البروتوكول الملحق بالصفقة النووية ، وإذا ما رفضت ذلك واستمرت بالتصعيد ،  فإن صبر موسكو سوف ينفد . ويقول ، بأن تصلب إيران في الرد على عروض الغرب البناءة ، قد يؤدي إلى تشديد موقف روسيا منها ، كما جرى في حالات سابقة . وذلك لأن موسكو هي أيضاً قلقة بشأن عدم إنتشار الأسلحة النووية ، وتسعى للحفاظ على منصة 5+1 . ويقول ، بأنه ، حتى إذا شعرت إيران بأنها "قط محاصر في زاوية" ، فإن التصعيد والخطاب المتشدد للغاية ، قد يدمران علاقاتها ، حتى مع حلفائها المقربين في مجلس الأمن الدولي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها