الإثنين 2021/02/15

آخر تحديث: 20:35 (بيروت)

الصين تستعجل انهاء "التركستاني"

الإثنين 2021/02/15
الصين تستعجل انهاء "التركستاني"
increase حجم الخط decrease
خلال أسبوعين، شهدت العلاقات الصينية-السورية تطورين أساسيين، على المستويين السياسي والأمني-العسكري، لا بد من ترابطهما. كما من الضروري فهم هذا التحول الجديد على مستوى السياسة الصينية في سياق مقاربة الإدارة الأميركية الجديدة حيال بكين، وانعكاسات ذلك في المنطقة وسواها. ذاك أن الصين عُرفت على مدى السنوات الماضية، بسياسة خارجية هادئة تُركز على التوسع الاقتصادي، بعيداً عن المحاور والتدخلات والاصطفافات. لهذا السبب، لم تتجاوز بكين التأييد التقليدي للنظام السوري في المحافل الدولية، وأحجمت عن المشاركة في إعادة الاعمار في سوريا، واكتفت بتوفير كميات محدودة من المساعدة في مواجهة الجائحة.

وفي هذا المجال، حدث التبدل الأول، إذ تعهدت الصين قبل أسبوع منح النظام السوري مئة وخمسين ألف لقاح، وهو عدد كبير مقارنة بثلاثمئة الف قررت بكين توفيرها لمصر، وفيها تقريباً 4 أضعاف عدد السكان (موقع مصري أشار الى هذا الفارق العددي).

ترافق هذا التعهد الصيني بتوفير اللقاح قريباً، مع موقف صيني متقدم تبلور خلال الأسبوعين الماضيين. أولاً، طالب مندوب الصين لدى مجلس الامن تشانغ جيون برفع سريع للعقوبات التي وصفها بـ"الإجراءات القسرية أحادية الجانب" ضد سوريا، وحملها مسؤولية الصعوبات الاقتصادية والإنسانية كونها تعيق "وصول السوريين إلى الإمدادات والخدمات الطبية". بعد كلام المندوب الصيني بأيام، شدد عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ في محادثة هاتفية مع نظيره السوري فيصل المقداد، على أن "الصين، بصفتها صديقة وشريكة جيدة لسوريا، ستدعمها دائماً بحزم لحماية استقلالها الوطني". لكن كلام وانغ، تضمن أيضاً إشارة الى ضرورة توحيد جهود المجتمع الدولي "لمكافحة الإرهاب والقضاء بحزم على القوات الإرهابية في سوريا المدرجة في قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

طبعاً، من المفهوم أن الصين، وعندما تتحدث عن "القوات الإرهابية في سوريا"، تقصد "الحزب الإسلامي التركستاني" المتواجد في بعض مناطق شمال سوريا. والإشارة في كلام وانغ الى قائمة مجلس الأمن مردّها أن الولايات المتحدة، وفي سياق تأزم علاقاتها مع الصين، رفعت اسم "الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية"، (وهو التنظيم الأم للحزب الإسلامي التركستاني)، عن القائمة الأميركية للتنظيمات الإرهابية.

ولم يفت وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في الاتصال عينه تأكيد وقوف دمشق "بحزم مع الصين في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية مثل شينجيانغ وهونغ كونغ".

على المستوى السياسي، سبق أن نُشرت تقارير عديدة (أهمها لجيمز دورسي)، تؤشر الى اهتمام صيني بدور أكثر فاعلية في المشرق، وتحديداً في سوريا وطرابلس (شمال لبنان)، وفي سياق مشروع "الحزام والطريق" الصيني. لكن الاندفاعة الأخيرة في التصريحات والاهتمام، يُفيدان بمرحلة جديدة من التعاون.

ذاك أن الأسبوعين الماضيين شهدا أيضاً نشاطاً عسكرياً مُركزاً للنظام السوري ضد "الحزب الإسلامي التركستاني"، شملت هجوماً في سهل الغاب (ريف حماة)، قتل وجرح  18 مقاتلاً وفقاً للتقارير الإعلامية، علاوة على غارات جوية مُركزة في إدلب. لكن من غير الواضح بعد إن كان النظام قادراً على مواصلة هذه العمليات، واحتمال توافر دعم صيني مباشر له في هذا المجال (كان لافتاً استخدام طائرة دون طيار في قصف ضد التركستاني على جبل التركمان في ريف اللاذقية يوم الخميس الماضي).

في حال استمرار عمليات القصف وتركيزها على "التركستاني" في الشمال السوري، قد نكون أمام دور صيني أكثر فاعلية ووضوحاً مما شهدناه خلال السنوات الماضية. طبعاً، مثل هذا الدور لن يكون يتيماً، بل سيستدرج أدواراً مقابلة. وكما جاء في تصريح قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي كينيث ماكينزي، الأسبوع الماضي، إن احتدام صراعات القوى الكبرى وتنافسها سيرفع مستوى المخاطر وانعدام الاستقرار في الشرق الأوسط.

وهل هناك من ساحة أفضل لهذه الصراعات بكل أصنافها، من هذا المشرق المنهك والمفتت؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها