الجمعة 2021/02/12

آخر تحديث: 15:07 (بيروت)

سباق الحكومة مع الانفجار

الجمعة 2021/02/12
سباق الحكومة مع الانفجار
increase حجم الخط decrease
لم تكن نتائج زيارة رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا للقاء الرئيس ميشال عون، مُفاجئة أو خارجة عن المألوف، ذاك أن أصداء التعنّت في المواقف وصلت قبل ذلك الى باريس وطهران وعواصم أخرى معنية بعملية التأليف الحكومية. سؤال ماذا يُريد جبران باسيل، أو كيف تُعالج مشكلته في التأليف الحكومي، على رأس جدول أي اجتماع حول لبنان، أكان في طهران أو باريس.

ذلك أن هذه العقبة لا حل لها في العواصم، سيما أنها على تناقض مع أسس المبادرة الفرنسية القائمة على تشكيل حكومة مقبولة دولياً. هل تحظى الحكومة بثقة المجتمع الدولي في حال أُعطي باسيل ثلث الحكومة ووعداً أو على الأقل أوراقاً كافية من أجل الحصول على رئاسة الجمهورية العام المقبل؟ بالتأكيد لا. 

اسم قطاع الطاقة على رأس أولويات الإصلاح المطلوب دولياً، من أجل حصول لبنان على مساعدات للخروج من أزمته الحالية. إذا كان المجتمع الدولي بأسره، أكان أوروبياً أو عربياً، يُطالب بإصلاح قطاع الطاقة لاعتقاده بأن من أداره خلال العقد الماضي فشل لأسباب بنيوية، لا سياسية كما يدعي التيار الوطني الحر، فكيف يضع لبنان بأسره في رحمة المدير ذاته المرفوض في هذا القطاع؟

هذا التناقض الصارخ اليوم بين الإصلاح من جهة، وبين الطموح السياسي لرئيس التيار الوطني الحر، من جهة ثانية، هو جوهر الجمود الحكومي والمعاناة المرافقة له على مستوى البلاد بأسرها. حكومة يطغى عليها أي حزب لبناني، لن تحظى بقبول دولي ولن تُخرج البلاد من أزمتها المالية الحالية. بالإمكان تمرير مطلب كوزارة هنا أو هناك، مع التوافق على الإسم، لكن الخروج من سلة هذه الشروط، يُعيدنا الى حكومة حسان دياب، وهي غير قادرة على الإصلاح أو تمرير قوانين في مجلس النواب، ناهيك عن الحصول على دعم دولي.

لكن وفي مقابل عراقيل بعبدا أمام تشكيل الحكومة، تبرز تغيرات على مستويين. أولاً، تحركت المبادرة الفرنسية على المستوى الإقليمي والدولي، عربياً وأميركياً، وباتت تحظى بغطاء أوسع، وبالتالي لديها قدرة أقوى على توفير بدائل للأزمة الحالية. ثانياً، وعلى المستوى الداخلي، تبرز مؤشرات الى احتمال اتساع رقعة الاحتجاج بعد انحسار الموجة الحالية من جائحة الكورونا. هذه المؤشرات من احتجاجات طرابلس أخيراً، الى الاعتصامات والتحركات الأهلية المحدودة، تزداد وتيرتها.

وإذا حدثت مثل هذه الاحتجاجات، واتسعت رقعتها جغرافياً، لا بد من أن تُساهم في إعادة رسم نطاق الانهيار، أو تسريعه أمنياً وربما أهلياً أيضاً. أي احتجاجات تكتسب زخماً وقدرة على الاستمرار، ستُعيد تحديد المقبول سياسياً، وبالتالي ترفع سقف المبادرة الفرنسية وتصلبها في التمثيل السياسي. من المستحيل حينها الحفاظ على سقف الرئاسة في تمثيل صُهرها بالحكومة، بل لا بد من القبول بالشروط الدولية حينها.

وهذه ضربة قاضية للحزب الرئاسي. بيد أن المزيج بين الإصلاح غير العوني في قطاع الطاقة بعد عقد طويل من العتمة فيه، وغياب التمثيل الحكومي، وبين الانتخابات المبكرة، يعني نهاية عونية غير سعيدة. حتى الآن، يبدو أن الرئيس وفريقه يتجنبون المناورة بالسياسة، ولا يعرفون طريقاً فيها سوى العرقلة والتصلب، وقد يتفاجأون في زمن غير بعيد بانتقالهم من مقعد الفاعل الى المتفرج والمتلقي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها