الإثنين 2021/10/04

آخر تحديث: 07:09 (بيروت)

السودان:سيناريو انقلابي بتمثيل رديء

الإثنين 2021/10/04
السودان:سيناريو انقلابي بتمثيل رديء
increase حجم الخط decrease

لم يمر وقت طويل على الإعلان عن الانقلاب العسكري الفاشل، وما تلاه من تصريحات نارية، حتى خرج الى الضوء تكتل سياسي موال للعسكر لمزاحمة الشريك المدني في العملية الانتقالية. رد الفعل الأولي هو أن هناك انقلاباً يُدبر وراء الكواليس، وأن "ميثاق قاعة الصداقة" الذي يضم كيانات هزيلة ولا تمثيل شعبياً لها، هدفه التحول الى شريك مدني على هيئة "ديكور" غرفة. لكن ردود الفعل الغربية على تصريحات عبد الفتاح البرهان ونائبه حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، أظهرت حرصاً على العملية الانتقالية وربطها بأي مساعدات للسودان.

الموقف الغربي هنا مهم لأننا أمام مجموعة من أركان النظام السابق ممن اختبرت العقوبات وآثارها على النظام وقاعدته الشعبية، لكن ذلك لا يحسم اطلاقاً أن الانقلاب لن يحصل. بيد أن أحداث  الجزائر حيث عاد النظام القديم من بوابة الانتخابات وتونس التي أطاح رئيسها قيس سعيد بالعملية الديموقراطية برمتها، تشي بأن هناك سياسة أبعد من هذه الأقاليم فحسب، وعمادها عودة للأنظمة السابقة وإغلاق كامل لملف ما يُسمى بـ"الربيع العربي". وهذا يجري في موازاة الانفتاح العربي التدريجي حيال النظام السوري. من الصعب في مثل منطقتنا أن تكون هذه السلسلة من الأحداث محض صدفة. ليست كذلك، بل هي عملية اغلاق جماعية لملف الانتفاضات الشعبية عام 2010-2011 ومفاعيلها السياسية بعد عشر سنوات على انطلاقتها.

إذاً، السؤال هو هل يبقى السودان استثناء للقاعدة العربية؟ هناك عوامل عدة علينا أخذها في الاعتبار. 

أولاً، الوضع في السودان يحتمل بعض الرمادي في الموقف بانتظار فرص أفضل وتبدلاً في المزاج والاهتمام الغربي. للبرهان ومجموعته مصلحة في ترك رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في منصبه لفترة أطول، بما أن الرجل بضعفه السياسي والإداري، يُحقق نتائج لمصلحة العسكر في السلطة. وبقاؤه دون تحسن الوضع الاقتصادي في البلاد، مع الإخفاقات (بعضها مدبر ربما)، قد يُمهد للإطاحة نهائياً بالشريك المدني في العملية الانتقالية. لهذا، قد يفيد الانتظار لبعض الوقت.

ثانياً، قد لا تكون هناك ضرورة للإطاحة بالشريك المدني، بل بالإمكان تطويعه وإضعافه وإلهائه بصراعات داخلية من أجل تصفية ورقته الوحيدة: حشد الشارع. وهذه حرب استنزاف بطيئة تتطلب وقتاً واعلاماً وقدرة مالية وأمنية، وهي جميعاً عناصر متوافرة لدى العسكر. واستنساخ قوى "الحرية والتغيير" بمجموعة طيعة، قد يتيح شراكة ضمن الشراكة لتفتيت النفوذ والقدرة على مفاوضة العسكر. لهذا السبب اعتبر العميد الطاهر أبوهاجة، المستشار الإعلامي للبرهان في مقال له، القيمين على ميثاق قاعة الصداقة "تياراً جماهيرياً جارفاً يُعبر عن إرادة الشعب". بحسب أبو هاجة، "الشعب يرفض تغليب المصلحة الحزبية الضيقة على المصلحة الوطنية، ويرفض أن يكون مصير الثورة في يد قلة تحتكر الفرص وتقود البلاد وفقا لأهوائها".

ثالثاً، المكون المدني لا يملك سلطة مالية ولا شرعية انتخابية، في حين لدى العسكر المال وأيضاً المؤسسة الوحيدة (المُدللة) والفاعلة في البلاد، أي الجيش. ويعمل على بناء القدرات المالية وشبكة علاقات إقليمية ومحلية، علاوة على سردية عمادها لوم "السياسيين"، أي المكون المدني في السلطة اليوم، على كل اخفاقات المرحلة الماضية والفشل في تحقيق أي تقدم يُذكر على المستوى الاجتماعي والاقتصادي. 

بالإمكان النظر إلى هذه الخطوط بصفتها مسارات موازية تنتهي في مكان واحد: "وهي إعادة السلطة الى قبضة العسكر". الانقضاض على الشريك المدني، مسألة وقت، إذ باتت متطلباتها شبه مكتملة بانتظار التوقيت المناسب للتنفيذ.



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها