الإثنين 2021/01/04

آخر تحديث: 08:03 (بيروت)

هدايا ترامب لإيران

الإثنين 2021/01/04
هدايا ترامب لإيران
increase حجم الخط decrease
في الذكرى السنوية لاغتيال قائد فرقة القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، لم يعد السؤال هو عن الرد الإيراني من عدمه، بل عن "الفشل الأميركي" في تحقيق الأهداف أو عدمه. هل فشلت الولايات المتحدة في تحقيق هدفها من اغتيال سليماني؟ وما هو الهدف؟

قبل عام، تحدث بيان الخارجية الأميركية في أعقاب الاغتيال، عن تخطيط "الجنرال سليماني بفاعلية للاعتداء على دبلوماسيين وعسكريين أميركيين في العراق والمنطقة"، لافتاً الى أن "هذه الضربة هدفها ردع مخططات الاعتداء الإيرانية مستقبلاً، والولايات المتحدة ستواصل اتخاذ أي خطوات ضرورية لحماية شعبها ومصالحها أينما كانت في أنحاء العالم".

باختصار، أعلنت واشنطن أن هدف الاغتيال ردع طهران ووقف الاعتداءات على الأميركيين والمصالح الأميركية. وبالتالي، فإن الإجابة عن السؤال تتطلب إحصاء الاعتداءات على المصالح الأميركية في المنطقة، والأهم من ذلك عدد الضحايا الأميركيين لهذه الهجمات. باستثناء عمليات القصف المتكررة والعشوائية على السفارة الأميركية في بغداد (وهذه تستهدف السيادة العراقية أولاً)، ليست القائمة بالطويلة. وقد تكون واشنطن نجحت بالفعل في ردع ايران عن تنفيذ مثل هذه الاعتداءات المفترضة. لكن سؤال الردع أوسع من قتل أميركي هنا أو هناك. ومن الضروري احتساب استهداف دول خليجية محمية أميركياً، للمرة الأولى، والاعتداء على منشآت نفطية حساسة. هذه الاعتداءات كسرت حواجز ردع قديمة في المنطقة أيضاً.

وفي الميزان الأوسع للأمور، كان اغتيال سليماني أكبر من تصفية قائد ميداني يُخطط لاعتداءات. هناك رمزية خاصة في أن تتولى واشنطن نفسها، وبشكل علني، اغتيال قائد إيراني مثل سليماني. والقيادة الإيرانية لم يفتها ذلك على الإطلاق، وما زالت تجتهد لاستخدام ذلك في آليتها الدعائية، من عروض جوالة الى فيديوهات ولوحات الكترونية والقائمة تطول. وهذا الوعي الإيراني لرمزية الاغتيال كان واضحاً في خطاب مرشد الثورة علي خامنئي وكلام أمس للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

بعد خامنئي، لاحظ نصر الله أهمية الحشد الهائل في جنازة سليماني، وما تبعها من جهود لتخليد الذكرى وتحويل الرجل الى أسطورة لم تنته فصولها بعد، وسنكتشف المزيد عنها على مدى السنوات المقبلة. وفقاً لنصر الله، "من ​الساعة​ الأولى لهذه الحادثة العظيمة، وإلى اليوم في الذكرى السنوية الأولى، شهدنا مظاهر كبيرة ومهمة من الوفاء. وعلى سبيل المثال، في ​إيران​ مستوى التفاعل الشعبي الهائل والكبير مع الحادثة والاندفاع إلى الساحات في الكثير من المحافظات والمدن وفي استقبال جثمان الشهداء وتشييعهم الذي كان تاريخياً ... ما شهدناه حتى اليوم تعبير عالي عن الوفاء، هذا درس لنا جميعاً كيف يجب أن نتعاطى مع شهدائنا وكيف يجب أن نكرمهم ونحترمهم ونمجدهم". الدعاية والتسويق الداخلي بالنسبة لهذا النوع من الأنظمة، وأتباعها، أهم بكثير من الردود ومعادلات الردع الوهمية أو الفضفاضة، في ظل عدم تكافؤ رهيب في موازين القوى.

قد يكون الرئيس الأميركي دونالد ترامب نجح في اظهار قدرة الردع الأميركية، وهي واقع، لكن لاستخدام القوة بهذا الشكل الفظ، أثماناً بعيدة المدى. وهذا عنوان يصلح لكل السياسة الخارجية للإدارة الأميركية الحالية، لجهة استخدامها المفرط لسلاح العقوبات، بحيث فقد هو أيضاً جزءاً من قدرته على الردع، واستُهلك وبات أقل تأثيراً في إيران، وربما في لبنان أيضاً. كما للكلام الصريح لترامب عن حاجة الحلفاء العرب لواشنطن وضرورة أن يدفعوا فاتورة الدعم المستمر، أثر طويل الأمد قد نتعرف اليه لاحقاً. الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل، يُظهر أيضاً اختلال السياسة الأميركية في المنطقة، ويُفيد أعداء واشنطن في تأكيد أن دورها مُكمل للاحتلال. إسرائيل تحتل، تستوطن، ومن ثم واشنطن تعترف.

أي رئيس أميركي قادر على محو هذه الوقائع؟

لهذا السبب وغيره، إيران أمام مهمة دعائية هائلة لاستيعاب مرحلة ترامب بكامل خطواتها، من العقوبات ونقل السفارة الى القدس المحتلة، والاعتراف بالجولان، والتصريحات الفظة، وخطة "صفقة القرن" الفاشلة، وحصار الفلسطينيين، إلى الاغتيال. كانت حقبة ترامب مملوءة بالكنوز للدعاية الإيرانية، ومن هذه النقطة بالذات، قد يكون اغتيال سليماني أكثر فائدة لطهران من مجرد خسارة قائد ميداني. وقد تكون ايران قد بدأت للتو بفتح صناديق هدايا ترامب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها