الإثنين 2020/12/28

آخر تحديث: 13:51 (بيروت)

هل تتصل"حماس"بأمين الحسيني؟

الإثنين 2020/12/28
هل تتصل"حماس"بأمين الحسيني؟
increase حجم الخط decrease
كان واضحاً في كلام الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، أن المصالحة بين حركة "حماس" من جهة، والنظام السوري، من جهة ثانية، أولوية خلال المرحلة المقبلة. وفقاً لهذا المنطق، فرزت اتفاقات التطبيع مع إسرائيل، بوضوح بين طرفين في المنطقة، أحدهما يُناصر القضية الفلسطينية، وثانيهما متحالف مع الدولة العبرية. هي جنة ونار، ولا ثالث لهما، بحسب الحزب.

ذكّر الأمين العام بأن الأسد لم يُمانع ارسال صواريخ الكورنيت الى حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة، وبأنه "لم يعترض" على استمرار العلاقة بين الحزب والحركتين (رغم الخلاف بين دمشق و"حماس"). 

وهذا الكلام جاء على سبيل الترغيب في ترتيب "حماس" علاقاتها مع النظام السوري "وفقاً لما يُمليه المنطق". في هذا الإطار، هناك محاولات لاقناع الحركة بإعادة تقويم علاقاتها مع فروع الإخوان وراعيتهم تركيا، على أساس أن محور إيران والنظام أبقى وأسلم لها. وبالتالي، هناك من يرى رابطاً بين هذه العودة، من جهة، وبين تبني الحركة وجهة النظر الإيرانية حيال الثورات العربية، واعتبارها مؤامرات غربية ضد المنطقة. وهذه نظرية جديدة لخّصها نصر الله ليل أمس بأن الأميركيين حين قرروا "تبديل جماعتهم" في الدول المتحالفة معهم مثل مصر وتونس، رأوا فرصة للانقضاض على سوريا. والحقيقة أن النظام الإيراني كان مؤيداً للثورات العربية، باستثناء سوريا (باعتبارها مؤامرة).

لماذا تُصر قوى "الممانعة" على ترميم العلاقات بين "حماس" والنظام؟

أولاً، يسير النظام في ظل التحالف مع روسيا باتجاه ترميم علاقاته مع دول عربية متحالفة مع إسرائيل، وهذا واقع. لم تعد الخيارات الإقليمية للنظام السوري هي نفسها، إذ في الصراع مع "الإخوان"، يرى الأسد نفسه على المقلب الآخر، أي في مواجهة تركيا و"الإسلام السياسي". لهذا فإن وراء الإصرار على مصالحة بين "حماس" والأسد، محاولة لاعادة بعض التوازن إلى العلاقات الخارجية للنظام، ولتسجيل نقاط لمصلحة ايران في مواجهة روسيا في الداخل السوري.

ثانياً، ينقص "محور المقاومة" اليوم العلاقة مع الجانب الفلسطيني، ذلك أن "حزب الله" ورغم محاولاته الحثيثة لتحسين علاقته بحركة "حماس"، كان على طرف نقيض معها في الداخل السوري قبل سنوات فقط. وهذا تاريخ من الصعب محوه بسهولة، ولن تكفي صور المعانقة أو مؤتمرات التضامن لالغاء هذه الحقبة مع مآسيها، سيما أن المصارحة غائبة ولا اعتذار في الأفق، لا بل المطلوب من "حماس" أن تُعيد النظر في خياراتها السابقة.

من الضروري غسل الآثام السورية عبر إعادة "حماس" بصفته ممثلاً للمقاومة الفلسطينية الى المحور. وهذا ديكور إلزامي، سيما في ظل تصوير المنطقة على أنها قسمان، أحدهما مطبع والآخر مقاوم.

في المقابل، من الصعب على حماس اتخاذ مثل هذه المواقف. بيد أن العالم العربي ليس فريقين، والأمور ليست بهذه البساطة. بل ما زال قسم ليس بالهيّن من المنطقة يعتقد بضرورة التغيير والمشاركة في السلطة. ومن الصعب على المحور الإيراني أو "محور المقاومة"، وضع النظام السوري والقبول به في خانة رفض التطبيع. غالبية سكان المنطقة ترفض التطبيع، بحسب استطلاع أخير (الباروميتر العربي). لكن الغالبية ذاتها ترفض النظام أيضاً. 

للعودة عن مواقفها السابقة والتقارب مع النظام، فاتورة باهظة، أخلاقياً وسياسياً، على الحركة تسديدها عند الاقدام على هذه الخطوة، من دون أي مقابل ملموس. لا يملك النظام اليوم ما يُقدمه للحركة سوى الافراج عن 1700 معتقل فلسطيني في سجونه. قارنوا هذا الرقم بـ4 آلاف معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية، ذلك أن النظام يعتقل من الفلسطينيين أكثر من ضعفي الاحتلال، لو أخذنا عدد السكان في الاعتبار (نصف مليون فلسطيني في سوريا و3.7 مليون في الضفة الغربية وغزة).

والحقيقة أن النظام السوري لم يُفرج بعد عن معتقلي "حماس" وما زال يُخفي بعضهم قسرياً من دون أي تنازلات في هذا الشأن (مأمون الجالودي مثالاً). 

لكن ليست لدى "حماس" خيارات كثيرة، في ظل اتفاقات التطبيع ونكبات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وهي اليوم في لحظة تُشبه تلك التي دفعت المفتي أمين الحسيني الى مصافحة الزعيم النازي أدولف هتلر، وهي صورة ما زالت إلى اليوم في قلب الدعاية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. هل تقع "حماس" في الفخ نفسه؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها