الجمعة 2019/03/08

آخر تحديث: 12:05 (بيروت)

بريطانيا تنزل عَلَم حزب الله

الجمعة 2019/03/08
بريطانيا تنزل عَلَم حزب الله
increase حجم الخط decrease
لم تكن زيارة وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط ووكالة التنمية الدولية أليستر بيرت، إلى لبنان هذا الأسبوع، منفصلة عن الزيارات والمواقف الأميركية الأخيرة. والحقيقة أنها تأتي قبل أسبوع تقريباً من زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى لبنان حيث سيؤكد الموقف ذاته. الرسالة البريطانية مزدوجة هنا. أولاً، الدعم مستمر ولا تغيراً في السياسة البريطانية بعد الموقف الأخير من الحزب. بريطانيا تقدم حوالى مئتي مليون دولار سنوياً أغلبها في قطاع التعليم الرسمي والجيش، وستجدد الدعم العام المقبل بل ستُولي اهتماماً أكبر له. ثانياً، في حال استمر “حزب الله” في التوسع حكومياً وبات من الصعب التمييز بينه وبين الحكومة بعد سنوات عديدة، سيتوقف الدعم البريطاني. موقف لندن وواشنطن في هذه القضية متشابه الى حد كبير رغم أن لدى الاميركيين قدرة أكبر على التعبير بعبارات أكثر قسوة ووضوحاً.

في مثل هذا الموقف المزدوج، أي حرب على طرف في الحكومة واعتباره إرهابياً بالكامل، ودعمها في الوقت عينه، من الضروري توفير توضيحات دورية. ذلك أن الخطوط الحمراء باتت كثيرة ومتباينة لدى الأطراف المختلفة.

المهم هنا أيضاً التفكر بمسؤولية "حزب الله" عن القرار البريطاني. ذلك أن القرار لم ينبع من اعتراض على مشاركة التنظيم في الحرب السورية، وهي خطيئته الكبرى من الناحيتين السياسية والأخلاقية. بل جاء نتيجة رفع إعلام الحزب في مسيرة "يوم القدس"، وهو يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان، وسط العاصمة البريطانية عام 2017. حينها، صدر طلب حظر الحزب من صادق خان، أول مسلم يتولى منصب عمدة لندن. وهو، على عكس اليميني وزير الداخلية الحالي ساجيد جافيد، صاحب مواقف نقدية من الاحتلال الإسرائيلي.

ولأن دور "حادثة العلم" رئيسي في صقل تطور الموقف البريطاني من الحزب، كان الحظر أكثر قسوة من القانون الأميركي في هذا المجال، كما جاء في مقال لمجلة "أتلانتيك" الاميركية. الأميركيون يحظرون دعم الإرهاب بالخدمات والعديد والخبرات والمشورة، بحسب المجلة. لكن القانون البريطاني يشمل على سبيل المثال رفع علم "حزب الله" والإطلاع على مواقعه على الإنترنت كجرائم محتملة. وهذه عقوبة مبالغ فيها بعض الشيء، وتستهدف أولاً المقيمين على الأراضي البريطانية، لا التنظيم ونشاطاته خارجها. ذلك أن مسيرة يوم القدس الخمينية وسط العاصمة البريطانية شكلت بأعلامها وشعاراتها استفزازاً لشرائح واسعة في البلاد.

لكن أيضاً بالإمكان قراءة الموقف البريطاني من زاوية الاحتمالات المستقبلية للموقفين الفرنسي والألماني من "حزب الله". كلما اشتدت العقوبات الاميركية على ايران، ارتفعت احتمالات فرط عقد الاتفاق النووي، وبالتالي اعادة التصعيد الى مقامه الأول حين كانت أوروبا والولايات المتحدة في صف واحد ضد المشروع النووي الإيراني.

عندما تكون ايران في موقع التصعيد مع الغرب، من يكون سلاحها الأنجع في المواجهة؟

كما أن الفارق الأساسي بين العقوبات الاميركية الحالية وبين سابقاتها، أنها تستهدف "حزب الله" أيضاً، وبالتالي لم يعد الأخير خارج هذه المواجهة أو على هامشها.

والمقلق في كل هذا أن ضبط النفس ليس سياسة دائمة، سيما أن من المرشح تصاعد الأذى المالي بعد الرزمة المقبلة في شهر أيار (مايو) المقبل. وقد يتبدل الموقفان الفرنسي والألماني حال بدء الرد الإيراني على التصعيد الأميركي المتواصل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها