الإثنين 2019/10/28

آخر تحديث: 09:21 (بيروت)

سقوط الحكومة مسألة وقت

الإثنين 2019/10/28
سقوط الحكومة مسألة وقت
increase حجم الخط decrease
من الصعب التأمل بالأزمات المحيطة بهذه الحكومة من دون استنتاج حتمية سقوطها.

أولاً، تشهد البلاد ثورة شعبية امتدت إلى مناطق الاغتراب اللبناني في أنحاء العالم، من أميركا الشمالية والوسطى والجنوبية إلى أوروبا وافريقيا وأستراليا. ومن الواضح أن الاحتجاجات الحالية ليست سحابة عابرة، بل تُمثل تحولاً في المزاج الشعبي العابر للمناطق والطوائف والسياسة حيال أمراء الطوائف والصراعات بينهم وخياراتهم واستغلالهم الانتماءات الطائفية. ومثل هذا الاحتجاج لا ينطفئ بكبسة زر، وقد دخل أسبوعه الثالث دون كلل. قد تتراجع الحشود مع بعض العنف والبلطجة، لكن بقاء السلطة دون تغيير حقيقي كفيل بابقاء الاحتجاج.

ثانياً، الأزمة الاقتصادية أكثر جذرية من أن تحلها موازنة أو بضعة استثمارات دولية هنا وهناك، سيما لو أخذنا في الاعتبار أن انحدار الليرة بات واقعاً تعمل الأسواق والمحلات التجارية على مأسسته في تعاملاتها اليومية ووضعه على الفواتير دون عواقب، بعدما كان ذلك محصوراً بمحلات الخليوي. اليوم، يقبض المواطن اللبناني راتباً بالليرة، لكنه يدفع بالدولار فاتورة التلفون الخليوي، وثمن المواد الغذائية المستوردة، وهي حُصة ليست بالهينة من السلة الغذائية، تشمل الخضار والفواكه أيضاً. كان التضخم في لبنان سجل ارتفاعاً من 4.7 % عام 2017 إلى 6.1% العام الماضي، وفقاً لتقرير للبنك الدولي، ومن الطبيعي أن نتوقع ارتفاعاً أكبر نتيجة تبدلات سعر صرف الدولار في السوق.

المهم أننا أمام ارتفاع متواصل وغير مضبوط في الأسعار، يتسلل إلى الأسواق تدريجياً ولكن بثبات، ما سينعكس على القدرة الشرائية للمواطنين، ويزيد من غضب الشارع. أليس ذلك كفيلاً بدفع الناس للنزول إلى الشارع، وبمواصلة الضغط من أجل استقالة الحكومة الحالية؟ 

ثالثاً وأخيراً، الموقف الدولي يتبلور تباعاً، ويتجه من تفضيل حكومة جديدة يرأسها سعد الحريري، إلى تبني انتخابات جديدة تُنتج طبقة سياسية مختلفة ويُمكن العمل معها في سبيل خطة انقاذية. بكلام آخر، "سيدر" انتقل مع هذه الحكومة والطبقة السياسية الداعمة لها، إلى الرف حيث سيبقى الى حين توفر بدائل. والحقيقة أن الموقف الأوروبي المطالب بالاسراع في الإصلاح في موازنة العام المقبل، من أجل "فك" استثمارات المانحين في مؤتمر "سيدر"، تبدل جذرياً اليوم مع نبض الشارع. ذلك أن الثقة الدولية في الطبقة السياسية لطالما كانت متدنية، نتيجة الفساد المستشري والمحسوبيات والفشل اللبناني في انتشال البلاد من واقعها الرديء خدماتياً. تحديداً، مثل الفشل المتواصل في قطاع الطاقة، لطخة على السمعة السيئة للطبقة السياسية، ومعها العهد الذي يُمسك الصهر الرئاسي جبران باسيل بالملف منذ عقد كامل من الزمن من دون نتائج ملموسة.

المجتمع الدولي غير مستعد لإنقاذ سلطة سياسية تواجه احتجاجات شعبية بالشارع، سيما في ظل الفضائح المتتالية للفساد ومن دون آليات جديدة لمكافحة الفساد المستشري في جسد الدولة اللبنانية. 

بكلام آخر، لو بقيت الحكومة اللبنانية الحالية، فإن أمامها عوائق عديدة محلية اقتصادية وسياسية، وأيضاً عقبات دولية تزداد مع الاحتجاج، ولا بد أن تُفضي في نهاية المطاف إلى سقوطها. السؤال هو متى تسقط، وكيف؟ وتحديداً اذا كان الفراغ خياراً سياسياً لبعض الأطراف اللبنانية، في ظل استبعاد انتخابات مبكرة مؤذية لأركان هذه السلطة، ذاك أن أغلب هؤلاء الساسة ملطخة أيديهم بدماء اللبنانيين، وقد لا يتورعوا عن الغوص فيها مجدداً. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها