الإثنين 2018/07/09

آخر تحديث: 09:31 (بيروت)

اليونفيل في خطر

الإثنين 2018/07/09
اليونفيل في خطر
increase حجم الخط decrease

خلال الأسابيع القليلة الماضية، احتفلت جمهوريتا إيرلندا وفيجي بخدمة قواتهما لما يزيد على 40 عاماً في جنوب لبنان ضمن قوات اليونيفيل (منذ عام 1978). جاء الإحتفال على مستوى عال جداً. بيد أن هذا الانتشار يُمثل اليوم علامة فارقة في حياة عشرات آلاف الجنود ممن تناوبوا على الخدمة في جنوب لبنان، وبات موضوع روايات وكتابات عديدة عن الإختلاط بين جنسيات الجنود، وتجارب الحرب والموت وفقدان الرفاق. فعلى مدى العقود الماضية، خسرت القوات الدولية 250 جندياً في جنوب لبنان، بينهم 47 إيرلندياً، سقطوا غالباً بنيران الإحتلال الإسرائيلي في المنطقة. لذلك كان الاحتفال بهذه الذكرى على مستوى عال في إيرلندا وفيجي على حد سواء.

لكن هذه القوات أمام تحد جديد، إذ تتعرض منذ سنتين، إلى حملة انتقادات ممنهجة من الولايات المتحدة وإسرائيل بهدف تفعيل دورها في مراقبة نشاطات "حزب الله" واستعداداته على الحدود الجنوبية للبنان. صيف العام الماضي، فُتح سجال أممي حول نشاطات جمعية "جنوبيون بلا حدود" البيئية على الحدود، إذ نشر الجيش الاسرائيلي فيديوهات وصوراً لمسلحين يستخدمون مراكزها.

منذ ذلك الحين، أخذت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، قضية تفعيل دور اليونيفيل ضد "حزب الله" على عاتقها، وبدأت تتوالى الانتقادات والتهديدات. تعرض قائد قوات "اليونيفيل" مايكل بيري إلى انتقادات دفعته إلى زيارة أحد مراكز هذه الجمعية على الحدود، وتفقدها، ليجد أنها خالية من أي سلاح.

والواقع أن الانتقادات ليست خارجية فحسب، بل إن هناك تململاً داخل القوات نفسها من التضاؤل التدريجي لمساحة نشاطاتها وقدرتها على التحرك. وهناك لغة خفية تفهمها اليونيفيل، إذ كلما اعترض سكان محليون ومنهم نساء وأطفال وشيوخ دورية لها، فهمت بأنها اقتربت من مكان "حساس"، وعليها التريث قبل التحرك مجدداً. وفي حال كان الاحتكاك مع المدنيين غير عادي، أي يتضمن صراخاً وانفعالاً أعلى من العادة أو قذف زجاجات وغير ذلك، يكون الموقع حساس جداً.  

هذه الاحتكاكات باتت أسبوعية، وجزءاً من روتين القوات الدولية، لكنها أيضاً تُحجّم قدراتها، وبالتالي تزيد من عرضتها للانتقادات الدولية. موعد تجديد ولاية القوات وموازنتها هو نهاية الشهر المقبل، وبالتالي فإن جولة جديدة من محاولات تقويضها ستبدأ، وتُفضي على الأرجح إلى تقليص عديدها.

بيد أن قرار تجديد ولاية اليونيفيل لسنة العام الماضي، شهد مداولات وشروطاً أميركية جديدة بينها الطلب من اليونيفيل تصعيد نشاطها بالتوازي مع "حزب الله"، وتقديم تقارير عند اعتراضها تشرح الظروف والمكان والزمان والكيفية. وكان واضحاً من القرار وتصريحات هايلي أن ضمانات فرنسية بتعزيز جهودها ضمن اليونيفيل كانت وراء التراجع الأميركي عن العرقلة.

ما مصير اليونيفيل نهاية الشهر المقبل؟ وفقاً لمصادر أوروبية، فإن المتوقع خفض في الموازنة دون التأثير في قدرة القوات على أداء مهامها. والسبب أن الولايات المتحدة ومنذ العام الماضي، تشن حملة لخفض نفقات الأمم المتحدة في أكثر من مكان وليس لبنان فحسب، والأرجح أن تضغط بهذا الإتجاه بعد شهر، لتواجه مقاومة أوروبية. بيد أن الأوروبيين يطرحون أسئلة عن الدور الحقيقي المطلوب من اليونيفيل، بعيداً عن المطالب الأميركية - الإسرائيلية غير الواقعية. اليونيفيل أثبتت أنها قناة تواصل فاعلة بين الجانبين الإسرائيلي واللبناني، بإمكانها تفكيك عقد ميدانية والتخفيف من أي صدامات.

هذه القناة، أي الاجتماع الثلاثي، صارت شبه يومية خلال أزمة بناء الجدار الإسرائيلي، وتمكنت من إزالة مسببات الصدام وتخفيف حدة التوتر. إلا أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ووراءها اسرائيل، ترى فُرصةً سانحة في مراكمة الضغوط على اليونيفيل، بما يزيد من احتمالات الاحتكاك بالجيش اللبناني و"حزب الله".

وبما أن هذا المُراد لم يتحقق حتى الآن، فإن العقوبة الأولى على الطريق: خفض التمويل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها