الإثنين 2018/07/30

آخر تحديث: 09:19 (بيروت)

المهمة المقبلة لأفغان سوريا

الإثنين 2018/07/30
المهمة المقبلة لأفغان سوريا
increase حجم الخط decrease

ما بين 5 و12 ألف أفغاني شاركوا في القتال إلى جانب النظام والقوات الإيرانية في سوريا، وفقاً لإحصاء حصلت عليه صحيفة " واشنطن بوست" أخيراً، وتحدثت فيه بإسهاب عن الحافز المادي للتجنيد ومعاناة العائدين. وهذا الرقم متحفظ نسبة لآخر نشره "معهد الشرق الأوسط" في واشنطن، أحصى 20 ألف مقاتل للميليشيات الأفغانية المعروفة بإسم لواء "فاطميون". لم تأت الصحيفة الأميركية بجديد عمّا نُشر سابقاً، وتحديداً منح المقاتل الأفغاني وعائلته الفقيرة حق الإقامة في إيران وعلى الطعام والرعاية الصحية، سوى أنها ذكرت أن بعض هؤلاء الأفغان الشيعة خدم في سوريا 4 و5 جولات يعود بعد كل منها إلى أفغانستان للقاء عائلته والراحة والعلاج. والصفقة التي يغادر بموجبها هؤلاء المقاتلون، مُغرية بعض الشيء. فلا حاجة في سوريا لأي مصاريف، بل يدخل الراتب، وهو 600 دولار، كاملاً ضمن المدخرات، ما يُساعد "المتطوع" على احتساب فوائد المشاركة مسبقاً. بينهم من يشارك في القتال رغبة في الزواج، وآخرون لإيواء عائلاتهم وإطعامها. لكن تبقى فاتورة الموت مُكلفة في نهاية المطاف. أحد المشاركين الأفغان قال للصحيفة الأميركية "إننا نموت لقاء 30 دولاراً باليوم".

وفقاً لأكثر من تقرير في الصحافة الغربية، عن هذه الميليشيات، يجهل أغلب الأفغان في سوريا تفاصيل الحرب وأسبابها، ويقتصر نطاق معرفتهم على قيمة الراتب وقتال "داعش" والدفاع عن المراقد المقدسة، وبخاصة مقام السيدة زينب المُهدد من "جماعات شريرة" تُريد تدميره. وهذا جهل لاحظه مقاتلون سوريون على الجانب الآخر. وفقاً لرواية أحد عناصر "الجيش الحر"، فإن أسيراً أفغانياً رد خلال استجوابه عن سبب القتال هنا، بالحديث عن حماية مقام السيدة زينب، فتفاجئ عندما أجابوه بـ"أنك في حلب يا حمار"! النسبة الأكبر من القتلى الأفغان، وعددهم يتراوح بين 800 وألف، قاتلوا وقُتلوا في مناطق بعيدة جغرافياً عن هذا المقام.

لكن هذا الجهل لا يشمل القيادات في ميليشا "فاطميون"، ذاك أن بينهم من اكتسب خبراته في الحرب العراقية - الإيرانية في صفوف "الحرس الثوري"، ودرس في حوزات إيران. وهؤلاء القياديون شركاء في تجنيد المقاتلين الأفغان بهذه الأعداد الكبيرة، وفي ارسالهم للموت نيابة عن الإيرانيين. بيد أن فكرة تجنيد الأفغان والباكستانيين والعراقيين واللبنانيين للقتال في سوريا، وربما في اليمن أيضاً، مردها أن الإيرانيين لا يريدون دفع أثمان بشرية باهظة تنعكس على مزاج الداخل من الحرب. لا يكترث المواطن الإيراني إن مات أفغاني أو عراقي أو لبناني، ولا انعكاسات حتى داخل هذه الدول، بما أن مجتمعاتها ممزقة وعُرضة للإستغلال من كل حدب وصوب.

وبما أن هذه القيادات المدربة قادرة على لعب دور في حروب أفغانستان بعد العودة المرتقبة اليها، إذ أن هذا البلد يشهد حالياً انقساماً بين مختلف مكوناته، وصراعاً دامياً بين الدولة والقوات الدولية من جهة، وبين داعش وطالبان من جهة ثانية (وبين الأخيرتين في ما بينهما أيضاً). وامتلاك الأقلية الشيعية الأفغانية ميليشيا مدرّبة وصاحبة خبرة، بات مثار قلق لدى المسؤولين الأفغان الداعمين لمشروع الدولة، والابتعاد عن الفوضى السائدة منذ عشرات السنوات. لكن مثل هذه العودة ليست واردة حالياً في تصريحات المسؤولين الإيرانيين. كما من الصعب تخيل استمرار هؤلاء الأفغان كقوة موحدة بعد عودتهم الى أفغانستان، ودون الرواتب، سيما لو أخذنا في الاعتبار العقوبات الأميركية القادمة ضد مبيعات النفط الإيراني، والاحتجاجات المتواصلة داخل ايران ضد انفاقها العائدات النفطية على الحروب.

الأرجح أن هؤلاء المقاتلين سيعودون إلى رحلة البحث عن عمل مجدداً، وسيجدون في الأسواق الإيرانية، العنصرية والاستغلال نفسهما، ولكن برواتب أقل هذه المرة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها