الإثنين 2018/07/02

آخر تحديث: 07:16 (بيروت)

إيران أم المعارك الاميركية

الإثنين 2018/07/02
إيران أم المعارك الاميركية
increase حجم الخط decrease

يلوح حصار أميركي على إيران في الأفق، ديبلوماسياً وعسكرياً ونفطياً. ترسم التصريحات الأميركية المتتالية ضد طهران صورة شبه متكاملة لخطة البيت الأبيض، يظهر فيها الحصار الأميركي على إيران، كـ"أم المعارك" لإدارة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب. "أم المعارك" لأن حصار إيران يعلو اليوم فوق كل الأزمات الدولية التي بدأها ترامب، من الحرب التجارية مع الصين وأوروبا، والأزمة مع كوريا الشمالية، إلى التفاوض مع روسيا. ومع بعض التنازلات، تعتقد الإدارة الأميركية بأنها قادرة على تجيير هذه الأزمات لمصلحة تحقيق نتيجة ملموسة في الحصار ضد إيران.

قبل ساعات، أدلت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي بتصريحات ضد إيران، وصفتها فيها بأنها "كوريا شمالية جديدة". هي كوريا شمالية جديدة، لأن القديمة خرجت، ولو موقتاً، عن التداول بوصفها أم الشرور في العالم. والحقيقة أن واشنطن لم تُحقق شيئاً يُذكر في الملف الكوري الشمالي، بل تبدو اليوم كأنها أرجأته أو أطفأته إلى أمد غير منظور، ريثما تُركز طاقتها على طهران. خرج ترامب الشهر الماضي من اجتماع هزلي مع الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون لم يُفض سوى إلى وقف بيونغيانغ التجارب الباليستية والنووية، مقابل تجميد المناورات الأميركية - الكورية الجنوبية.

خلال الأسابيع الماضية، اعتقد الكثيرون بأن ترامب يحصر كل أزماته في شهر حزيران (يونيو) الماضي، من الصراع التجاري مع الصين، إلى الملف الإيراني والأزمة الكورية الشمالية. كان التقويم حينها بأن من الصعب على أي إدارة أميركية تحقيق انجازات في كل هذه الملفات والأزمات في أسابيع قليلة. لكن يبدو أن الحصار على طهران أكثر أهمية للإدارة الأميركية في هذه المرحلة مما سبق، سيما أن كل جسور التفاوض قُطعت معها، وكأنها تُريد إسقاط النظام لا تطويعه.

بعد إبعاد الملف الكوري الشمالي عن التداول في المرحلة الحالية، بات الدور الصيني أساسياً في هذا المجال. هل تُدخل الولايات المتحدة الحصار على إيران في مفاوضاتها مع الصين؟ ولماذا يتأخر الإتحاد الأوروبي في اتخاذ قرار حاسم بشأن حماية مكتسبات طهران من الاتفاق النووي الإيراني؟ هذه أسئلة يطرحها المسؤولون الإيرانيون قبل غيرهم.

والملف النفطي شديد التعقيد. بيد أن خروج إيران من نادي المُصدرين الأساسيين بفعل العقوبات قد يرفع سعر النفط إلى المئة دولار وربما أكثر، سيما لو تأخرت السعودية وروسيا في تأمين الفارق. وهذا الارتفاع سيُعيد الحيوية إلى قطاع النفط الأميركي بما ينعكس سلباً على السعودية وروسيا على الأمد البعيد، رغم الفوائد القصيرة والمتوسطة الأمد. يبقى أن الضرر الأكبر من ارتفاع كبير في سعر النفط سيقع على المُستورد الأول في العالم: الصين. لذا فإن أمام بكين خيارين، إما رفع منسوب الاستيراد من إيران وخوض مواجهة أوسع نطاقاً مع الولايات المتحدة على الصعيدين الدبلوماسي والتجاري، أو التفاوض مع واشنطن للتوصل إلى صفقة حول حُزمة قضايا تجارية وسياسية. والأمر ذاته ينسحب على الدور الروسي المحتمل هنا، إن كان في الضغط من أجل إخراج إيران من سوريا أو بعضها، أو المساعدة في تضييق الخناق عليها عبر المشاركة في ضخ المزيد من النفط إلى الأسواق للتعويض عن النقص الإيراني. بالأمس انتقد النائب ال​إيران​ي بهروز بنيادي ​روسيا​ قائلاً إنها "ليست صديقاً موثوقاً ل​ايران​"، وأنها "و​النظام السوري​ سيُضحيان بطهران من أجل مصالحهما، وأن مواقف الرئيس السوري ​بشار الأسد​ باتت أقرب لروسيا".

لكن بما أن إسقاط النظام الإيراني وزعزعة ركائز استقراره باتا على الطاولة اليوم نتيجة استمرار التظاهرات، من المحتمل أن نرى تردداً صينياً وروسياً في الإنضمام إلى الحملة الأميركية ضد طهران. وهذا رهن الصراع الداخلي في الإدارة الأميركية بين مؤيدي تعديل الاتفاق النووي، وبين الداعين لإسقاط النظام برمته. صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نقلت عن أوساط البيت الأبيض أن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون يدفع بقوة في اتجاه تبني اسقاط النظام الإيراني هدفاً أساسياً. بحسب الصحيفة ذاتها، قال بولتون للرئيس الأميركي في أحد الاجتماعات المرتبطة بإيران، إن انهيار النظام ليس سوى مسألة وقت: "ركلة خفيفة وسيسقطون"!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها