الخميس 2018/05/10

آخر تحديث: 16:38 (بيروت)

نتنياهو يتلطى بالنصر الروسي

الخميس 2018/05/10
نتنياهو يتلطى بالنصر الروسي
increase حجم الخط decrease

تعمد نتنياهو توقيت زيارته إلى موسكو مع الاحتفالات الضخمة ، التي يقيمها الكرملين بمناسبة يوم النصر على الفاشية . وحرص طيلة اليوم على أن يبقى إلى جانب الرئيس الروسي في استقبال العرض العسكري والشعبي الكبير في الساحة الحمراء ، ومن ثم في وضع الزهور على ضريح الجندي المجهول ، والمشاركة في حفل اسقبال المحاربين القدماء في قصر الكرملين .

لكن حرص نتنياهو على البقاء في الصورة طيلة "يوم النصر" ، لم ينعكس حضوراً في وسائل الإعلام الروسية ، التي اكتفت بخبر تواجده ، مع الرئيس الصربي ، إلى جانب الرئيس بوتين. ووصفت إحدى الصحف الروسية زيارة نتانياهو ، بأنها "حدث قليل الأهمية بالنسبة لروسيا" ، وقالت بأنه كان ينبغي أن يصل موسكو في 8 ايار/مايو ، آتياً من قبرص مباشرة ، لكنه قطع زيارته وعاد لمتابعة الوضع المتفجر في المجابهة القائمة مع إيران . وفضل المجئ في اليوم التالي ، والإنتقال من المطار إلى الساحة الحمراء مباشرة والأنتظار ،" في ظل هدير جنازير الدبابات" ، لعقد اللقاء " الضروري للغاية" بالنسبة له مع الرئيس بوتين .

لم يكن بوسع موسكو مبادلة نتنياهو حماسه واستعجاله الزيارة ، التي استبقها بغارة مكثفة على أهداف إيرانية في سوريا ، وأنهاها بغارة أشد منها على أهداف مماثلة ايضاً . بل هي ربطت الزيارة والغارات ومجمل سلوك نتنياهو في الفترة الأخيرة بالتصعيد الأميركي الإيراني  الأخير ، بعد قرار ترامب الإنسحاب من الإتفاق النووي. فقد نقلت نوفوستي عن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما ليونيد سلوتسكي وصفه الغارات الإسرائيلية ، بأنها عمل مبرمج إثر خروج الولايات المتحدة من الإتفاق النووي ، وتشكل حلقة في "سلسلة الإستفزازات الأميركية الإسرائيلية ضد إيران" . كما نقلت الوكالة عن أحد المتخصصين الروس في شؤون الشرق الأوسط قوله ، بأنه ليس من المستبعد أن يكون خروج الولايات المتحدة من الإتفاق المذكور، قد "أطلق يد إسرائيل في العمل وفق ما تراه حيال إيران". وثمة خطر الآن، برأيه، بأن "تضغط" الولايات المتحدة على إسرائيل لتوجيه ضرباتها إلى الأراضي الإيرانية ، إذا اتخذت إيران قراراً بتجديد تخصيب الأورانيوم .

وفي إطار نفض اليد الروسية من الغارات الإسرائيلية ، يقول هذا الإختصاصي الروسي ، بأنه يشكك في ما إذا كان نتنياهو قد أطلع بوتين خلال زيارته على الضربات ، التي ينوي توجيهها إلى الإيرانيين في سوريا . لكن هذا التشكيك لا يصمد أمام ما أعلنه وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعالون في مقابلة مع نوفوستي ، مطلع الشهر الجاري ، من أن إسرائيل ليس عليها أن تطلع العسكريين الروس على عملياتها في سوريا ، لأن مبدأ "عدم إزعاج بعضنا البعض" هو في أساس "آلية عدم المواجهة" ، التي تعمل منذ ثلاث سنوات ، وتتكفل باستبعاد الأحداث العرضية بين الطرفين في سوريا . ويقول يعالون ، بأن ليس على روسيا أن تنسق عملياتها مع إسرائيل ، ولا على إسرائيل أن تنسق مع روسيا ، فالطرفان "يجيدان التعرف على طيران بعضهما البعض" .

ليس نتنياهو من السذاجة ، حتى يزور روسيا ، طالباً موافقتها على غارات على حليفها الإيراني ، الذي تدعمه بكل قواها الآن في المواجهة المتفجرة مع الولايات المتحدة والغرب عموماً . لكن ما يقلقه الآن هو الإعلانات الروسية المتكررة ، والمتضاربة في آن، حول عزمها تزويد النظام السوري صورايخ s-300 ، التي بوسعها الحد من هيمنة طيرانه في الأجواء السورية . وهو ليس من السذاجة ايضاً كي يطلب من روسيا التراجع عن قرارها في هذا الشأن ، في حال كانت روسيا قد تخطت كل المحاذير المعروفة ، وقررت تزويد سوريا بهذه الصواريخ .  

في إطار محاولة الكشف عن السبب الحقيقي ، الذي ساق نتنياهو إلى موسكو ، نشرت إحدى الصحف الروسية (SP) مقالة يوم الزيارة بالذات ، تساءلت فيها عما يخيف إسرائيل من ظهور صواريخ s-300 على حدودها مع سوريا . إذ أن مثل هذه الصواريخ موجودة منذ زمن بعيد في سوريا ، بل هي موجودة إلى جانب الصواريخ الأكثر تطوراً s-400  ، ولم يحدث ما يعكر الأجواء بين موسكو وتل أبيب .

تؤكد الصحيفة ، أن المسألة ليست في الصواريخ ، بل في من يوجهها ويطلقها . وطالما أن الأطقم الروسية هي ، التي تتولى الأمر ، فليس هناك ما يقلق الإسرائيليين . تعمل روسيا في سوريا وفق مبدأ راسخ يقول :"نحن لا نتدخل عسكرياً في العلاقات بين سوريا وإسرائيل . ندافع فقط عن الأجواء فوق قواعدنا . أما الباقي ، فلا يعنينا". وتستغل إسرائيل هذا الأمر كلياً، وتشن الغارات ، وتقصف بالصواريخ الأهداف في سوريا ، متى ترى ذلك ضرورياً ، خاصة حيث تتكدس الأسلحة الإيرانية ، حسب الصحيفة .

      ما تخشاه إسرائيل ، ليس تسلم السوريين للصواريخ المذكورة ، التي لن يتمكنوا من استخدامها الآن ، قبل التدرب عليها ، بل ما تخشاه هو استلام الإيرانيين لدفة قيادة هذه الصواريخ ، التي تسلموا مثلها العام 2016 . وحينها ، كما تقول الصحيفة ، حتى مطار بن غوريون في تل أبيب لن يعود آمناً ، بل سيصبح في دائرة عمل الصواريخ المذكورة ، وهذا بالذات ما يفسر قيام إسرائيل بإجراء تدريبات ، في 8 أيار/مايو الحالي،  على عمليات الإنقاذ في المطار المذكور .

وتقول الصحيفة ، أن رد بوتين على طلب نتنياهو هو سلبي ، على الأغلب ، لأن موسكو تقف إلى جانب طهران في سوريا ، حيث يقفان في خندق واحد ضد الغرب .

لكن ما أعلنه نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين صباح اليوم التالي للزيارة في 10/5 ، لا يقول بأن نتنياهو عاد خالي الوفاض تماماً من زيارة موسكو ، إذ أعلن فومين ، أن قرار تسليم سوريا أنظمة روسية مضادة للطيران " لم يتخذ بعد" ، حسب "إنترفاكس" .

لقد توجه نتنياهو إلى موسكو وهو يعرف تماماً ، أن قيادة الكرملين الراهنة لن تدير ظهرها إلى إسرائيل ، طالما هي في السلطة ، على قول المستشرق ألكسي مالاشنكو منذ ايام . وقد اختار بعناية فائقة موعد زيارته في يوم النصر الروسي على الفاشية ، الذي جعلته إسرائيل عيدا وطنياً أيضاً ، للمرة الأولى هذه السنة . وتسلح بحديثه عن القيادة الإيرانية ووصفها ، بأنها أسوأ من الفاشية ، لإدراكه مدى وقع هذا الوصف على مسامع الروس في روسيا نفسها وفي إسرائيل ايضاً .



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها