الإثنين 2018/10/15

آخر تحديث: 10:40 (بيروت)

السلحفاة اللبنانية لن تسبق العقوبات

الإثنين 2018/10/15
السلحفاة اللبنانية لن تسبق العقوبات
increase حجم الخط decrease

بقليل من الضجة، لبنانياً، مرر الكونغرس الأميركي بشطريه تعديلات جديدة على قانون العقوبات الأميركي ضد "حزب الله". وبات بإمكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحديد الجهات المستهدفة في العقوبات دون الرجوع إلى الكونغرس، ومن ضمنها حكومات أجنبية أو هيئات رسمية أو أفراد يتعاونون مع مؤسسات لحزب الله خاضعة للعقوبات ومن بينها قناة المنار وإذاعة النور.

والمقصود بهذه الإشارة إلى الحكومات، وفقاً لخبراء أميركيين، مؤسسات رسمية في لبنان وسوريا. ذلك أن الدفعة الجديدة من العقوبات الأميركية هدفها مزدوج. أولاً، احتواء نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، بعد حصول الحزب وحلفائه على غالبية من المقاعد. ثانياً، الحد من استفادة "حزب الله" بشكل مباشر أو غير مباشر من عمليات اعادة الإعمار في سوريا. وفي هذا المقام، يبدو وكأن واشنطن تُشجّع موسكو على السيطرة بشكل كامل على هذه العملية، واستبعاد الإيرانيين بحجة العقوبات، وتأثيرها على المؤسسات الحكومية السورية.

وبالإمكان فهم استراتيجية العقوبات التصاعدية ضد "حزب الله" بشكلها التدريجي: البدء بالشخصيات والمؤسسات والكيانات الحزبية، ومن ثم استهداف الواجهات المالية لهم تلقائياً، وبعدها معاقبة كل من يتعاطى مالياً معهم. في الدائرة الضيقة، من السهل توقع العقوبات الأميركية وأثرها، وتجنّب مفاعيلها أيضاً، لكن كلما تتسع الدائرة، يزداد الخطر على مالية الدولة واقتصادها.

وهذا يتطلب تحركاً على مستوى رسمي. لكن الساسة اللبنانيين غابوا عن المشهد كالعادة، من دون حتى أي استفسار عن أفق العقوبات، واحتمال استهدافها مؤسسات لبنانية لو ثبت تعاملها مع أي طرف آخر. لم يشعر أي من المسؤولين بالحاجة إلى تبديل في الجمود القاتل، ليس فقط للتحرك حيال العقوبات بل أيضاً لمعالجة الأزمة الاقتصادية الخانقة. بل يبدو الاهتمام في مكان آخر، وتحديداً تلبية الحاجة إلى سيارات فارهة من طراز "بي أم دبليو" خُصصت لإحدى الوزارات، حفاظاً على الهوية البصرية لموكب الوزير المعني ومعنوياته.

والمثير للغرابة وأيضاً لعدم الاطمئنان، لبنانياً، أن سفير ​لبنان​ لدى ​واشنطن​ ​غابريال عيسى​ أدلى بتصريح عن العقوبات لا يتوافق مع الواقع، وفقاً للنص التي تداولته مواقع إخبارية. رجّح السفير تأخر مرور العقوبات في مجلس الشيوخ، إن مرّت على الإطلاق، رغم أن ساعات كانت مضت على حصول التصويت، بما يؤشر إلى عدم درايته بما يحصل في مكان خدمته. قال السفير وفقاً لتصريحات تناقلتها وسائل الإعلام "إن قانون فرض عقوبات على ​حزب الله​ صدّق في ​مجلس النواب الأميركي​ ولكن عليه أن يمر في مجلس الشيوخ قبل أن يصبح ساري المفعول"، وأن "إقرار القانون في ​الكونغرس​ يأخذ وقتاً طويلاً، وربما سيتغير المجلس نتيجة الانتخابات التي ستحصل قريباً، ما سيؤدي الى تطيير القانون برمتّه". عند نشر التصريح، كانت وسائل الإعلام الأميركية أكدت تمرير التعديلات على القانون.

والمثير للغرابة أن السفير لا يتابع حتى أخبار الانتخابات الأميركية، وتحديداً التقديرات بأن الجمهوريين سيُحافظون على غالبية المقاعد في مجلس الشيوخ، مقابل احتمال يتضاءل بفوز الديمقراطيين بمجلس النواب. كما لا تخضع العقوبات على "حزب الله" إلى هذه الحسابات الحزبية على الإطلاق، بل تحظى بتأييد في صفوف الديموقراطيين والجمهوريين على حد سواء.

ضعف هذه الطبقة السياسية وعدم درايتها بالسياسة الدولية، يُقلل من احتمالات نجاحها في منع تأثير العقوبات على الاقتصاد اللبناني، هذا إن حاولت. من المنطقي أن يأمل الواحد منّا ألا يرتكب هؤلاء الساسة هفوات اضافية تُعرضنا لمخاطر أوسع نطاقاً، سيما أن قيادة سيارات "بي أم دبليو" الجديدة تمنح السائق والركاب جُرعة من المعنويات قد تُترجم في التغريدات الثورية للوزير المعني.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها