الأحد 2015/03/29

آخر تحديث: 17:50 (بيروت)

مأزق الزبائن في #دكانة_الجديد

الأحد 2015/03/29
مأزق الزبائن في #دكانة_الجديد
إنها النيران بين المعسكر وقناته، لكن... "النيران الصديقة ليست كذلك"
increase حجم الخط decrease

لم يخطر في بال مريم البسام أن مقدمة نشرة أخبار "الجديد" ستحولها، على أيدي حلفائها، إلى مديرة في "دكانة". فعندما ساوت النشرة بين النائب سعد الحريري وأمين عام حزب الله حسن نصرالله، على أساس ارتباط كل منهما بـ"منطق إقليمي،" الأول سعودي والثاني إيراني، هزت معسكر متابعيها، أي معسكر الممانعة.

على أن الرد لم يظهر مباشرةً على لسان عام، لكنه خرج في تغريدات سجلها نجل قائد حزب الله جواد نصرالله في "تويتر". إذ هاجم البسام (التي حذفت تغريداتها والردود عن صفحتها في تويتر)، ومعها صاحب القناة تحسين خياط، إذ اعتبر جواد نصر الله أن خياط والبسام يمارسان مهنتهما بحسب لون المال الذي يحصلان عليه. فمرةً، هما مع الممانعة، ومرةً ضدها. مرةً، يدافعون عن إيران، ومرةً يهاجمونها عبر انتقاد قوتها الحزبية في لبنان.

يا لتعاسة الممانعة، التي لم تعرف كيف تروض محطة إعلامية وتلجمها.. ويا لتعاسة المحطة، التي لم تعرف كيف "تقدم" نفسها لمُرَوِضها!

لقد نشب الخلاف بين المنتميين إلى المعسكر نفسه. هناك قناة علقت على إنفعالية القائد حول دور إيران في المنطقة، فأصابت نجله بالغضب حيالها. لم يسأل نصرالله الإبن، مديرة نشرة أخبار المحطة التلفزيونية، عن السبب الذي دفعها إلى عدم تبرير منظر والده المنفعل. لم يستفهم منها، وربما كان من الأفضل له أن يفعل ذلك، كي يحافظ على وحدة صوت الممانعة وصورتها. إلا أنه انفعل هو أيضاً، وصبّ جامه على البسام، متوجهاً إليها بالقول: "مريم البسام يا امشي من الجديد إذا هاي مش قناعاتك، أو ضلك اكتبي حسب قيمة المعاشين لبتقبضيهن بس بطلي نفاق".. مثلما توجه إلى خياط بـ"تحسين خياط يفتح ناره علينا حسب الدفعة القطرية او الهبة السعودية واذا برد استنجد وسخن هاتفه".

طبعاً، لم يتوقف سخط جواد عند هذا الحد، بل واصل تغريده، فتوجه الى صاحب القناة بـ"إخجل وكن رجلاً". وبأسلوب ديموقراطي، قال أن "الجديد" حرة في التعبير عن رأيها، لكن، عليها أن تتأدب أولاً، وأن تختار لونها بعيداً من "المصريات" ثانياً، والهدف من ذلك، هو معرفة كيفية التعاطي معها.

إثر هذا النزاع، تحولت القناة إلى "دكانة الجديد". وقع الممانعون على ضالتهم الداخلية. فمعسكرهم، وعلى رأسه حزب الله، مشغول بخوض حروب هنا وبالدعوة إلى أخرى هناك، فما الذي دفع إحدى محطاته إلى انتقاده، كأن الوقت وقت نقد وخلاف؟

فكّر جواد نصرالله كأنه يقول: "هذه القناة قناتنا، نشتري منها ومن خلالها نبيع، فما مردّ تشهيرها بنا، إذاً يجب أن نحاسبها". بالتالي، أطلق هاشتاغ #دكانة_الجديد، الذي انتشر بسرعة، وقبله، هاشتاغ #متلونين. فبحسبه، هذه الدكانة لا تحسم "لون" المتبضعين منها وعبرها، ولا تحسم لونها أيضاً، وهذا ما يعزز الخشية منها. فكما "فتحت النار" على الممانعة، على الممانعة أن "تفتح النار عليها".

إنها النيران بين المعسكر وقناته، والتي من المعلوم أن إحدى مقولات حرب العصابات نفت وصفها: "النيران الصديقة ليست كذلك".

أطلق الممانعون تغريداتهم على "الجديد". البعض قال أنها تفتقر إلى إعلاميين آخرين، مثل فيصل قاسم، كي تتخطى قناة "الجزيرة". والبعض الآخر، توقع أن برنامج "غنيلي لغنيلك"، الذي تعرضه المحطة، سيتحول إلى "رديلي لردلك"، مع الإشارة إلى تضامن بعض المغردين مع التلفزيون، "دفاعاً عن حرية الإعلام واستقلاليته".

لكن، وفي الوقت نفسه، ثمة ردّ واضح على هاشتاغ #دكانة_الجديد من إحدى الموظفات في المحطة، أي نوال بري، التي سألت، وبالإستناد إلى تغريدات جواد نصرالله، "يلي عم يتهم مريم البسام انها بتشتغل حسب المصاري.. يعني كل شي دايماً بتكتبو عن المقاومة من تمجيد مدفوع حقو!!عيب، مريم اكبر من هالتفاهات".

فعلياً، بماذا تبوح نوال بري؟ تقول أن القناة، بحسب المشهرين بها، هي "دكانة"، لكن، هذه الدكانة كان قد أطلقت مواقف كثيرة إلى جانب المقاومة والممانعة، فهل يعني أن مواقفها هذه كانت قد سُجلت لأن القناة قبضت ثمنها؟

جواد نصرالله ألمح إلى أن خياط وبسام يتقاضيان مرتباً مالياً من حزب الله، يعني الحزب يشتري آراءهم المتلفزة، وهما يشتركان معه في البيع.. وبالتالي، من المؤسف أن يقفلا "دكانتهما" في وجه هذا الزبون. من هنا، تطرح بري سؤالها، كما لو أنها تتوجه إلى الممانعين بالقول: "إذا كنا نحن دكانة، فأنتم زبائننا، لأنكم تشترون مواقف منا، وبالتالي، لكي لا نعود دكانة، عليكم أن تتوقفوا عن الشراء منا والبيع عبرنا". وبعبارة أخرى كأنها تقول: "نحن الدكانة وأنتم الزبائن، نحن ننتج بعضنا البعض، فعيب، لنتستر على المسألة، وإلا ستحل الفضيحة".

في النتيجة، هناك نجل قائد حزبي، ظهوره يندرج في سياق التوريث السياسي من الآباء إلى الأبناء. انزعج من نشرة أخبار، بُثت في قناة حليفة له، فتدخل، وعمّم هاشتاغ تشهيرياً بحقها، واصفاً إياها بـ"الدكانة". وعلى المقلب الآخر، ثمة قناة ترد عليه بتثبيت صورة معسكره كزبون في العلاقة معها. فهل إذا استمرت الحملة، ستعمد القناة إلى فتح "دفتر الحسابات"، وتدل هؤلاء الزبائن الى ديونهم؟

الممانعة في مأزق إعلامي، ربما، ما كان على إبن القائد أن ينسى الصحبة القديمة مع هذه المحطة التلفزيونية، والتي قد تتجدد لاحقاً...

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها