الإثنين 2015/03/30

آخر تحديث: 18:55 (بيروت)

"السوريون ليسوا أرقاماً": تمجيد الموت؟

الإثنين 2015/03/30
"السوريون ليسوا أرقاماً": تمجيد الموت؟
increase حجم الخط decrease
"كرد فعل على الجريمة المروعة التي سربت صورها إلى مواقع التواصل الاجتماعي"، انطلقت حملة "السوريون ليسوا أرقاماً" وتحولت بسرعة إلى عمل منظم يضم عدداً كبيراً من الناشطين السوريين "من مرجعيات أيديولوجية مختلفة".

الجريمة المقصودة هنا هي ما وثقته "صور قيصر من داخل سجون السلطات السورية" أي المعرض الذي انطلق في العاشر من آذار/مارس الجاري في المقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك، كاشفاً مدى فظاعة أقبية معتقلات النظام، بتوثيقه 55 ألف صورة لاستشهاد 11 ألف سوري تحت التعذيب في معتقلات الأسد. لكن حملة "السوريون ليسوا أرقاماً"، تفتقد الى مسوغات عملية تنقذ السوريين من حتفهم.. من مصير الموت. فالأرقام، بسياقها التوثيقي فقط، تظهر فظاعة نظام، من غير تحفيز لانهاء فظاعة محتملة، وربما باتت وشيكة.

تطلب الحملة من الجمهور نوعاً محدداً من التفاعلية المبتكرة، إضافة الى مشاركة قصص الشهداء والمعتقلين وصورهم بما يتعدى كونهم مجرد أرقاماً. تناشد الجمهور بإرسال مقاطع فيديو شخصية لا تتجاوز مدتها 30 ثانية مرفقة برقم أعلى الجبين، وذلكَ "لإنتاج فيديو مشترك يرفض كوننا أرقاماً في سجون الظلم"، وهو ما بدأ فعلاً في برومو الحملة الأساسي، الذي يحتفظ بالبساطة مع خلفية موسيقية موجعة تدمج الوطن بالإنسان.

السياق الجنائزي للحملة، لا يعفيها من مسؤولية تكريس الموت، صورة نهائية لمصير السوريين. تفتقد، بصرياً وعملانياً، الى معايير الإدانة الفعلية، عبر تكريس خطاب الثورة بديلاً مثلاً، أو طرح بدائل. الصورة وحدها، لا تكفي لإعلان حقيقة باتت موثقة في دفاتر الذاكرة العالمية، قبل أن توثقها الصور. ولا تكفي للخلاص من ضباب الموت المخيم على الأحياء!

لا يرى الكثيرون أي فائدة ترجى من الحملة خصوصاً أن سوريا شهدت منذ 2011 عدداً كبيراً من الحملات المشابهة، في ظل تحول المشهد السوري إلى حرب غير قابلة للانتهاء. حرب لا يراها أحد المؤسسين، رامي العاشق، في حديثه لـ"المدن"، حرباً "أهلية" بقدر ما هي "حرب بالوكالة لا علاقة لها بالثورة"، مضيفاً حول جدوى الحملة: "مهمة الناشطين السياسيين انحسرت بعد العمليات العسكرية وتحولت إلى نشاط طبي أو إغاثي في كثير من الأحيان، ولا سبيل اليوم للعمل سياسياً في ظل كل هذا الخراب والموت". ويرى العاشق في تصريحاته لـ"المدن"، أن هذه الحملات "تعيد الأمل في عمل مدني وسياسي وحقوقي يسعى بالدرجة الأولى لإيقاف الموت وإتاحة المجال لنا كي نعمل ثقافياً ومدنياً وسياسياً".

تمزج الحملة بين الأسلوبين العاطفي المتمثل في قصص الشهداء والمعتقلين، الإنسانية المؤثرة، الآتية مباشرة من عائلات الشهداء مباشرة، إضافة الى الإحصائيات والأرقام التي تعتمد عليها الفيديوهات والرسائل الحقوقية ولاحقاً في الدعاوى القضائية في قاعات المحاكم.

وفي ظل تعنت النظام في قضايا المعتقلين والشهداء وموضوع التعذيب، تبرز قيمة الحملة بعيداً من العبثية والثرثرة الافتراضية. يقول العاشق: "نحن نقوم بعمل من يفترض أنهم في مناصب رسمية في المعارضة السورية ويجنون الأموال على ذلك، وبالنهاية يقولون لنا أن الأمر صعب ولا يمكن تحقيقه، ولا يقومون حتى بالاعتذار والتخلي عن مناصبهم، لذلك، هؤلاء من يلامون على تقصيرهم ويجب محاكمتهم، ولا يحاكم من يحاول بكل طاقته وبدون أي دعم.. مَن لا يرى جدوى في هذا العمل، نحترم رأيه، لكن ليدعنا نحاول، نحن لن نقف مكتوفي الأيدي ونلعن حظنا".

فكرة الحملة الأساسية، كما يشرحها العاشق، "محاولة لإدانة المجرم وحماية من بقي في المعتقلات"، مضيفاً أن الحملة تستهدف السوريين في محاولة لتوحيدهم على اسم الضحية "ولنختلف بعدها في ثنائياتنا التي أفرزتها الأحادية التي كانت تحكمنا، لنختلف متدينين وعلمانيين، سلميين ومع العسكر، 18 آذار أو 15 آذار، لكن الضحية والشهيد لن نختلف عليهما".

ويطمح معدّو الحملة الى تحقيق انجاز سياسي، يتمثل في "إدانة النظام السوري في المحاكم الدولية عبر ملف حقوقي توثيقي وذلك عبر التواصل مع أهالي الضحايا الذين يملكون جنسية أخرى أو الأجانب من الصحافيين والأطباء الذين قتلوا في سوريا تحت التعذيب كعائلة الطبيب خان، ونسعى لرفع دعاوى قضائية في بلدان الضحايا". كما تنشط الحملة لتحويل قصص الشهداء والمعتقلين إلى كتاب يحمل اسم الحملة وترجمته إلى عدة لغات بالتعاون مع مواطنين وصحافيين أجانب على أن يصدر في وقت لاحق هذا العام.

نشاط الحملة يتعدى الحدود الافتراضية لـ"فايسبوك" حيث تنظم مجموعة من الوقفات الاحتجاجية والتضامنية في مجموعة من دول العالم، إضافة الى التواصل مع وسائل إعلام عالمية لإيصال الحملة للرأي العام العالمي، وهو ما تعمل عليه فيديوهات الحملة المختلفة باللغتين العربية والانجليزية في "يوتيوب" أيضاً.

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها