الثلاثاء 2024/02/06

آخر تحديث: 13:53 (بيروت)

التحريض على اللاجئين السوريين...يبلغ التهديد المباشر في برج حمود

الثلاثاء 2024/02/06
التحريض على اللاجئين السوريين...يبلغ التهديد المباشر في برج حمود
increase حجم الخط decrease
منذ اسابيع، "تبدع" صفحة "الحملة الوطنية لمواجهة التوطين السوري" في منصة "إكس"، تحريضاً على اللاجئين السوريين. يحضر هاشتاغ "لبنان للبنانيين" أو "ترحيل النازحين السوريين" في كل منشور، وتهاجم الصفحة مفوضية الامم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين UNHCR وتتهمها بتدمير لبنان، إلى جانب توبيخ أي شخصية لا يعجبها موقفها، فتتحول التعليقات على منشوراتها إلى ساحة تنافس قوامها "من يحرّض أكثر ويتفنّن في التحريض على اللاجئين". 


ضمن هذا السياق، نقلت الصفحة بياناً عن "أبناء برج حمود والدورة" يدعو الأجهزة الأمنية للقيام بواجباتهم كي لا يتخذوا إجراءات "يرونها مناسبة" في إشارة إلى اعتماد أساليب الأمن الذاتي، وهي ظاهرة باتت مألوفة في العديد من المناطق اللبنانية بوجه اللاجئين.


لا يختلف المشهد كثيراً في هذه الصفحة، عن واقع القسم الأكبر من مؤسسات الإعلام اللبناني. هذه المؤسسات، ورغم انشغالها اليوم بتغطية تبعات الحرب القائمة على غزة وجنوب لبنان، هي الأكثر تأثيراً في الرأي العام اللبناني في هذه القضية. تقارير معمّقة، وأخرى استقصائية، بتقديرات وأرقام "مرعبة"، لا يهم إن كانت دقيقة أم لا… فالهدف حشد أكبر عدد من اللبنانيين ضد السوريين. وإلى جانب تحريضها الممنهج، قفزت غالبية هذه الوسائل فوق الحد الأدنى من أخلاقيات المهنة، خصوصاً في تقاريرها المصوّرة. 

تستمدّ هذه الموجة زخمها من مبادرة النائب غسان حاصباني في الأشرفية، والتي حملت عنوان "كل مواطن غفير"، وهو الشعار الذي أطلقه حاصباني على منصة "تبليغ". حاصباني، النائب "القواتي" ونائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق، قرّر تحويل أبناء الأشرفية والجوار إلى "حرّاس" على اللاجئين السوريين، يمكنهم الإبلاغ عن أي شائبة يرونها عبر الموقع الالكتروني الذي أطلقه. من المؤكد أن حاصباني، صاحب الخبرة الواسعة في الشأنين السياسي والحياتي لدائرة بيروت، على أتم المعرفة بالتداعيات الخطيرة التي قد تحملها مبادرته، والتي لاقت رفضاً تاماً من المنظمات الحقوقية، على رأسها المركز اللبناني لحقوق الإنسان CLDH. 


دغدغ حاصباني مشاعر فئة كبيرة من أهالي منطقته بمبادرته تلك، خصوصاً أنها أتت بعد أيام على قيام شاب سوري بقتل عنصر بلدية بيروت في مار مخايل. يدرك "المستاءون" من الوجود السوري، أن حلّ ما يعتبرونه "أزمة الوجود السوري" لا يكمن في الشعبوية والتحريض وإطلاق منصات التبليغ، وسط غياب الحد الأدنى من حضور الدولة وأجهزتها الأمنية. 

ترحيل إلى "المناطق الآمنة"
لكن هذا الغياب، لا ينسحب على الاجراءات التي يعتبرها حقوقيون تعسفية. يكاد لا يمرّ يوم من دون مطالبة حقوقيين بتراجع الدولة اللبنانية عن ترحيل لاجئين. هي ظاهرة تنشط منذ سنة تقريباً، حيث عمدت الجهات الأمنية إلى ترحيل لاجئين ورميهم في "حضن الأسد" على اعتبار أنّه الحلّ الوحيد للتخلص من هذا العبء. حاول المسؤولون، لا سيما النواب والزعماء، الترويج لمصطلح "المناطق الآمنة"، وأكدوا أنّ من رُحّلوا لم يتعرضوا لأي مضايقات، وهو ما تنفيه تقارير المنظمات الأممية والحقوقية والشهادات الحيّة التي نقلتها تقارير إعلامية. 

ففي الأسبوع الماضي، نشر مركز وصول لحقوق الإنسان ACHR  تقريراً استقصائياً، وثّق فيه 1080 حالة اعتقال تعسفي في 2023، مقابل 281 في العام 2022، و763 تمّ ترحيلهم بشكل قسري إلى سوريا. كما وثّق التقرير شهادات عن تعرُّض اللاجئين المحتجزين لأقسى أشكال العنف، إلى جانب تعرّض لاجئات للتحرّش الجنسي. ودعا المركز، الحكومة اللبنانية، للتوقف عن التحريض الإعلامي ضد اللاجئين ضمن تصريحات السياسيين والمسؤولين الحكوميين، في إشارة إلى الانعكاسات السلبية التي تحملها هذه التصريحات لمختلف الأطراف.

رغم ذلك، من المؤكد أن تنامي الخطاب التحريضي لن ينتهي. سيستمر تصوير السوري، وهو الفئة الأضعف، على أنه الخطر الداهم الذي يواجه لبنان. بات هذا الخطاب الوصفة الأنجع لمخاطبة شريحة كبيرة مُلتاعة من ممارسات السلطة، وتحتاج الى شمّاعة تعلق عليها خيباتها.. وليس هناك أفضل من تحميل اللاجئين مسؤولية تدهور البلاد، وتبرئة السلطة من كل ما يعانيه اللبنانيون.  
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها