الجمعة 2024/02/23

آخر تحديث: 14:46 (بيروت)

لوبي إعلامي إسرائيلي..."كاميرا" مستمرة في ملاحقة الصحافيين العرب

الجمعة 2024/02/23
لوبي إعلامي إسرائيلي..."كاميرا" مستمرة في ملاحقة الصحافيين العرب
من حملة سابقة لمنظمة "كاميرا" ضد "نيويورك تايمز": "التشهير بإسرائيل عبر أخبار مُحرّفة"
increase حجم الخط decrease
"يمثّل غياب خالد الغرابلي عن الشاشة خطوة صحيحة في توجهات فرانس 24 عربي"، هو عنوان إحدى مقالات "كاميرا"، بتاريخ 7 شباط/فبراير الجاري. تعرّف المنظمة الأميركية عن نفسها بأنها "أداة لتحرّي الدقة في تغطية أخبار الشرق الأوسط". وحسب تقرير لها، "يُعرف الغرابلي بإساءته لكل مظاهر الحياد والدقة تجاه إسرائيل"، واستنتجت في تقرير لها أنّ غياب محلل الشؤون الدولية عن الشاشة، إلى جانب اختفاء صفحة مقالاته عن الموقع الالكتروني لـ"فرانس 24"، يؤكّدان فصله من عمله. 

مثّلت هذه النتيجة، "انتصاراً" جديداً للمنظمة ضد الصحافيين العرب، وكل من ينتقد إسرائيل، لا سيما بعد الحرب الإسرائيلية الدمويّة على غزة. منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، اتخذت وسائل الإعلام الغربية موقفاً واضحاً بدعم إسرائيل، إلا أنّ الموقف هذا بدأ يتراجع بعد أشهر على الإبادة التي ترتكب بحق أهالي غزة، ليس بسبب تعاطف هذه الوسائل مع الغزاويين، إنما بتخطي إسرائيل لكافة المعايير التي قد تسمح بدعم مواقفها أمام شعوب العالم. 

وفي المقابل، ما زالت "كاميرا" تلاحق أي صحافي أو محلّل ينتقد الهمجية الإسرائيلية، لتسارع إلى شنّ الحملات والضغط على المؤسسات لفصله من عمله، أو معاقبته بالحد الأدنى.

من هي منظمة "كاميرا"؟ 
حسب تعريف "من نحن" على موقعها الالكتروني، "تسعى المنظمة إلى متابعة وسائل الإعلام الغربية الصادرة باللغة العربية والتي تغطي الصراع العربي - الإسرائيلي، والكشف عن التغطية غير الموضوعية والتواصل مع القائمين على هذه الوسائل في مسعى لتصحيح أخطائها". 

تأسست "كاميرا" في العام 1982، وتتخذ من بوسطن في الولايات المتحدة الأميركية مقراً لها، وهي ناطقة بلغات عديدة أبرزها الانكليزية والعربية والعبرية. 

وتنفي المنظمة انتماءها إلى أي تيار سياسي، وأفادت بأن لديها أكثر من 65 ألف عضو مدفوعي الأجر، وأن 46 منفذاً إخبارياً أصدروا تصحيحات بناءً على عملها، بما في ذلك خلال الحرب الحالية في غزة. 

في "إكس" حيث تم توثيق حسابها بالعلامة الزرقاء، يتابعها أكثر من 27 ألف شخص، ولها مكتب في الأراضي المحتلة إلى جانب مقرّها الأساسي في الولايات المتحدة. اللافت، أنّ حساب المنظمة الرسمي، يتابع 330 شخصاً وجهة، جميعهم من السياسيين والصحافيين والناشطين الإسرائيليين، إلى جانب المنظمات والوزارات الإسرائيلية، والشخصيات العالمية المعروفة بدعم إسرائيل.

سناء خوري وندى عبد الصمد… وآخرون 
بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، لم تعدّل "كاميرا" كثيراً من هيكلية عملها، بل زادت شراستها في مواجهة منتقدي الممارسات الإسرائيلية من صحافيين وعاملين في مجال الإعلام، والتي وصلت حدّ اتهامهم بالانتماء إلى حركة "حماس"، عدا عن وصفهم بـ"الإرهابيين والداعمين للإرهاب" في الشرق الأوسط. 

في كانون الثاني/يناير الماضي، أعادت "كاميرا" نشر تغريدة للصحافية اللبنانية سناء خوري، العاملة في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، واتهمتها بـ"الاحتفاء بمذبحة 7 تشرين الأول/أكتوبر"، بعد فصلها وإعادتها لموقعها، بحسب مزاعم المنظمة. كما اعتبرت أنّ "لهذا السبب يجب إجراء تحقيق في تغطية بي بي سي لإسرائيل". 

في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، شكّل تعليق "بي بي سي" عمل خمسة موظفين في مكتبي بيروت والقاهرة، بينهم خوري وندى عبد الصمد، نقطة فاصلة في تعامل كبرى وسائل الإعلام مع الصحافيين العرب العاملين لديها. ترافق القرار حينها، مع "تحقيق" أجرته "كاميرا"، خلصت فيه مديرة مكتب إسرائيل، تامار ستيرنثال، إلى أن "نشاط وسائل التواصل الاجتماعي لستة صحافيين في BBC فشل بشكل مذهل في تلبية المعايير المهنية القائمة على الحيادية في التغطية".

خلال الفترة القليلة الماضية، يتجسّد التحوّل في ممارسات "كاميرا"، بمهاجمة وسائل الإعلام الغربية، بعدما اعتادت المنظمة على حصر "متابعتها وتقييمها" بالأقسام العربية التابعة لهذه المؤسسات. فخلال شباط/فبراير الجاري، نشرت المنظمة تقارير هاجمت فيها "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" على تغطية قضية "الأونروا" في غزة، واتهمت "سي ان ان" بالترويج للبروباغندا، ووجهت تصحيحاً لوكالة "أ.ف.ب" بعد مقال تناولت فيه تهجير الفلسطينيين في العام 1948. 

"لوبي" على أقسام السياسة في وسائل الإعلام 
تعيدنا ممارسات "كاميرا" الحالية إلى أواخر 2021، حين فصلت شبكة "دويتشه فيليه" الألمانية، خمسة عاملين لديها بعد تغريدات قديمة لهم انتقدوا فيها إسرائيل. يستذكر الاستشاري في مجال ديمومة الإعلام، داوود إبراهيم، خلال حديثه مع "المدن"، تعليق أحد العاملين في "كاميرا" على منشور له قبل فصله من عمله، بعدما قام بنشر صور لأطفال إسرائيليين يخضعون لتدريبات على إطلاق النار والكتابة على الصواريخ الموجّهة إلى غزة. 

يعتبر إبراهيم أنّ "هذه المنظمة تعمل على التواصل مع أقسام السياسة، الخارجية تحديداً، في الصحف وسائر وسائل الإعلام، لحثّ العاملين فيها على تعديل التغطية، من خلال اعتماد مصطلحات "تجميلية"، قائمة على تجهيل الفاعل. مثلاً، بدل اعتماد مصطلح "قتل الجيش الإسرائيلي"، تحث المنظمة على استخدام مصطلح "قُتِلَ أشخاص في اشتباك". ويشير إبراهيم إلى أنّ لهذه المنظمة عدداً كبيراً من العاملين في كبرى المؤسسات، ما يعطيها قدرة أكبر على الضغط والتأثير. 

تعمل "كاميرا" وغيرها من منظمات اللوبي الإسرائيلي، على الدمج بين اليهودية والكيان الإسرائيلي، في محاولة لإدراج أي انتقاد لإسرائيل ضمن "معاداة السامية". هي تشكّل بالفعل نموذجاً مصغراً عن حرية الرأي والتعبير الغربية، التي تسمح بانتقاد أي حاكم وأي نظام وأي ديانة… باستثناء إسرائيل ومن يقف خلفها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها