الإثنين 2023/09/25

آخر تحديث: 19:53 (بيروت)

ماستركلاس مع النجمة مالالا

الإثنين 2023/09/25
ماستركلاس مع النجمة مالالا
مالالا (عن مجلة "فوغ" البريطانية)
increase حجم الخط decrease
متنقلة بين صفحات التطبيقات في هاتفي، يقفز أمامي مقتطف ترويجي يدعو إلى رحلة تثقيفية- توجيهية مع مالالا يوسفزاي.

مالالا، هي نفسها الفتاة الباكستانية التي وجدت نفسها في معركة مع حركة طالبان- باكستان، مدافعة عن حقها وحق قريناتها في الذهاب إلى المدرسة طلبًا للعلم. ومعلومٌ كيف أصبحت مالالا، قبل أن تتجاوز الإثني عشر عامًا من عمرها، أيقونة الدفاع عن حقوق الأطفال، والفتيات تحديدًا، في مواجهة مع قوى لا تريد إلا أن تضع الفتيات في الخوابي. لعل وجه مالالا، الذي تأثر بطلق ناري استهدفها، فيما كانت على متن حافلة تقلها إلى مدرستها في وادي سوات، لعله الوجه الثاني بعد شاربات غولا، اللاجئة الأفغانية في باكستان.

عرف العالم شاربات غولا من خلال صورة التقطها الصحافي الأميركي ستيف ماكوري، تصدرت غلاف مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" في حزيران 1985. شاربات، لجأت مع أهلها، وهي في عمر الثانية عشرة أيضًا، من محافظة ننغرهار إلى مخيم ناصر باغ، حيث كان لاجئون من البشتون يتجمعون.

عرف العالم شاربات ولم يتعرف عليها. عرفها طفلة تختصر في صورتها نزاعًا وحربًا ولجوءًا وموقفًا سياسيًا، من دون أن يعرف اسمها، لا شيء عنها ولا عن أحلامها. اكتسبت شاربات هوية مجازية أكبر من شخصها لسنوات، أُلبسَت هوية جامعة لكل الأفغانيات، أصبحت وجههن من دون علمها. بقيت هويتها مجهولة حتى العام 2002.

ومالالا، نشطت في كنف والدها. كانت الظروف "مهيأة" لها، لتضطلع بالدور الذي أُوكل إليها من جانب، وسارت فيه رغبة منها من جانب آخر. والبقية سيرة معروفة، بل إن كتبًا ووثائقيات وأفلامًا أنتجت لسردها ولوضعها في إطار ملائم، في المركبة المتجهة نحو النجومية.

سطعت مالالا نجمة في عالمنا، وبقيت شاربات، حتى بعد التعرف على هويتها، امرأة تكابد الحياة بتفاصيلها من زواج وإنجاب وترمّل وأوجه قمع متعددة، متحملة منغصات لا تحصى، هي وغيرها من الأفغانيات اللواتي كانت وجهًا لهن. بل وكأن هويتها الشخصية مُحيت مرة أخرى من ذاكرة العالم، بعدما تعرف على اسمها ومكانها وظروفها، وتُركت لهذا كله.

أما مالالا، فقد تحولت إلى نجمة شهيرة، تستخدم حضورها والضوء المسلط عليها، لتتصدق بجزء منه على شريحة من البشر تعاني أزمة، معضلة، مأساة إنسانية كبرى. مالالا الناشطة، هي في هذا المعنى، في مكانة موازية لأي شخصية شهيرة استُدعيت لتوظيف شعبيتها من أجل أن تشد انتباه جمهورها لقضية ما. كما لو أن مالالا وآنجيلينا جولي زميلتان.

تصالحًا وتسامحًا، لا ضير في ذلك. ومفهوم في الوقت نفسه استمرار النقاش عن مدى الفائدة التي يعود بها المشاهير على القضايا الإنسانية. لا شك أنهم قادرون على تحويل كم من مشاعر جمهورهم العريض إلى هذه القضية أو تلك. لكن العواطف لا تتحول إلى أفعال بالضرورة، وأحيانًا لا تكفي حتى لتجيير مبلغ تبرعات دائم لصندوق منظمة خيرية بعينها. لذا يبقى دورهم محدوداً.

مالالا الآن أكثر من نجمة، هي مؤسَّسة لها أذرع وفروع، فهل أصبحت أكبر من ناشطة؟ على الأرجح أن تلقف الغرب لها شكّل أساسًا في مأسسة نشاطها. وبقدر ما لذلك من إيجابيات، فقد طاول نطاق عملها، الفتيات الهنديات واللاجئين السوريين في لبنان على حد سواء، بقدر ما خنقت هذه المأسسة مالالا الناشطة.. باكراً.

تتحرك وتطلق الدعوات وتعيد تغريدات عن حق الأفغانيات في التعلم، مثلما يفعل أي رائد آخر، كما لو أنها ريتشارد برانسون، مؤسِّس مجموعة "فيرجين".

تجلس مالالا، في هذا الدرس الافتراضي، لتخبر الناشط اليافع عن كيفية تنظيم مبادئه وفق منطق لائحة "سأفعل ولن أفعل". تحاور مالالا، أصغر حائزة على جائزة نوبل للسلام، خبراء في مجال المناصرة والحملات إلخ، في حلقات مسجلة لتعطي الدروس المستفادة من تجربتها كما لو أنها وصلت إلى خواتيمها.

هل تقاعدت مالالا، وهي في السادسة والعشرين من عمرها فقط؟ هل يعتزل الناشط؟ حتى لاعبي كرة القدم يدفعون حاجز سنّ الاعتزال قدر الإمكان... وها هو زلاتان ابراهيموفيتش، ظل يرمح في الملعب، ولم ينوِ الاعتزال إلا بعد حين.
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها