الإثنين 2023/12/04

آخر تحديث: 18:11 (بيروت)

"المنار" في الجنوب: المخاطر مضاعفة..و"انتشار" بحجم المعركة

الإثنين 2023/12/04
"المنار" في الجنوب: المخاطر مضاعفة..و"انتشار" بحجم المعركة
مراسلو "المنار" في الجنوب: علي شعيب وهاشم السيد حسن وسامر الحاج علي (منصة إكس)
increase حجم الخط decrease
تكتسب تغطية قناة "المنار" في جنوب لبنان خصوصية تميزها عن باقي القنوات المحلية. فالقناة هي الناطقة باسم "حزب الله" الذي يخوض المعارك في الجنوب، ولطالما وضعت هذه الحيثية طواقمها في دائرة الخطر، فضلاً عن أنها محظورة فضائياً من الأقمار الاصطناعية العربية الاساسية منذ العام 2016. 

بالنسبة للجمهور غير المحلي، يصعب التفريق بين المهمة الاعلامية لطواقم "المنار" التي تشبه مهام القنوات المحلية الأخرى، وبين "الإعلام الحربي"، وهما خطان مختلفان في المبدأ. فـ"الإعلام الحربي"، مفصول تماماً عن مهمة القناة "الإعلامية البحتة"، نظراً لارتباط "الاعلام الحربي" بالذراع العسكري، بينما ترتبط "المنار" بالجسم السياسي للحزب. بهذا المعنى، تمثّل القناة مؤسسة إعلامية منسجمة مع خطابها السياسي، أي أنها غير محايدة في قضية الاعتداءات على الجنوب و"حق المقاومة في الدفاع"، وفي الوقت نفسه، تنقل المواد التي يوزّعها الإعلام الحربي كغيرها من وسائل الإعلام، ولو أنها تعيد بثها أكثر من مرة. 

على أن موقع "المنار" كـ"ناطقة باسم الحزب"، يمنحها هذه الخصوصية في هذه المرحلة، ويدفعها لنشر ثلاثة طواقم في الجنوب، رغم الأخطار، وذلك في القطاعات الشرقي والأوسط والغربي، بما يتخطى معظم القنوات المحلية الأخرى، فضلاً عن أن تجربتها في تغطية الحروب المتعاقبة مع الاحتلال في الجنوب، منذ العام 1991، أهّلت مراسلين حربيين، يتصدرهم في الوقت الحالي مراسلها علي شعيب الذي ينقل الخبر وتفسيراته و"ما بعده"، استناداً الى تجربته وقدرته على الوصول الى المعلومات، وهو ما وضعه في دائرة خطر الاستهداف المباشر، كونه الأكثر شهرة بالنسبة لوسائل الاعلام الاسرائيلية. 

النطاق الجغرافي للتغطية 
على مدار الساعة، تنقل كاميرا "المنار" تطورات الجنوب الأمنية، وتبثها عبر شاشتها ومنصاتها الرقمية في وسائل التواصل الاجتماعي. يغطي علي شعيب في القطاع الشرقي، وهاشم السيد حسن في القطاع الاوسط، وسامر الحاج علي في القطاع الغربي. 

يقول علي شعيب لـ"المدن": "أنا متواجد على هذه الجبهة منذ ما بعد التحرير من العام 2000 وأتابع كل الخروق والاعتداءات من الناقورة إلى مزارع شبعا المحتلة. وليس بالجديد على العدو الإسرائيلي الذي، وكما يستهدف المدنيين، يقوم باستهداف الصحافيين بشكل متعمد. ويستهدف الصحافيون بشكل مباشر هكذا، فلأنهم أثبتوا أن الإعلام هو سلاح ذو فعالية".

ويضيف: "يسعى العدو إلى استهداف فعالية السلاح العسكري، إضافة إلى فعالية السلاح الإعلامي. طبعاً هذه التضحيات وهذه الدماء، مثلما تزيد المقاومين إصراراً على متابعة ومواصلة الطريق، نعتبر أيضاً أن تضحيات وشهادة الصحافيين تزيدنا تحفيزاً وإصراراً على ايصال الرسالة فيما العدو الإسرائيلي الذي يسعى إلى نقل رواية واحدة إلى العالم حول ما يجري على الأرض، بالإضافة إلى سعينا لإظهار إنجازات المقاومة في الميدان".


مخاطر الميدان
يقرّ المراسلون جميعاً بمخاطر الميدان. في القطاع الأوسط، يغطي هاشم السيد حسن، منطقة تمتد تقريباً من بليدا شرقاً وصولاً إلى عيتا الشعب غرباً، وهي مناطق كان لها النصيب الاكبر من الاعتداءات الاسرائيلية. خلال مقابلته مع "المدن"، يتوقف السيد حسن عند المخاطر، شارحاً أنها "تنقسم إلى نقطتين، الاستهداف المباشر، خصوصاً أن العدو يتعمد استهداف الصحافيين، ما يجعلك هدفاً محتملاً كصحافي، فضلاً عن أنك مراسل لقناة المنار ما يزيد من هذه الاحتمالية". وثانياً "أن تكون في إحدى القرى الأمامية في ساعة احتدام القصف المعادي على أطرافها في ظل استخدام كم كبير من القذائف الفسفورية"، فيما الهاجس الدائم بالنسبة له وسائر الصحافيين "يتعلق بحركة المسيّرات المسلحة التي تعيق نوعاً ما الحركة بين القرى الأمامية وتجبر أي صحافي على تقييد حركته الى حين انكفاء هذه المسيرات عن الأجواء".
 

القطاع الغربي
الأمر نفسه أكّده سامر الحاج علي بقوله: "منذ اليوم الاول كنت أتابع التغطية الميدانية في القطاع الغربي من جنوب لبنان وتحديداً من رميش وعيتا الشعب الى رأس الناقورة مرورا بكل القرى والبلدات الواقعة في هذا النطاق، ما يعني بطبيعة الحال ايضاً متابعة المنطقة المقابلة داخل الأراضي المحتلة، بما فيها من مواقع وتحشدات معادية ومستوطنات". 

هذه المنطقة تتسم بحساسية أمنية بالغة، نظراً لقرب المواقع المعادية الواقعة تماماً عند الحافة، ونظراً لوجود مقار قيادة فرقة الجليل في ثكنة برانيت، وسرية زرعيت وكتائب الشوميرا وبركة ريشا وجل العلام وغيرها. ونظراً للتماس مباشر مع العدو، "مما يجعل المنطقة عرضة للقصف المباشر".


استهدافات وتهديدات
اختبرت طواقم "المنار" العديد من المخاطر. يستعرض السيد حسن غارات عديدة في مناطق حساسة من الناحية الأمنية، من تشييع الطفلات الثلاث وجدّتهن في بليدا "على مسافة عشرات الأمتار عن موقع البياض بليدا"، الى "استهداف موكب الصحافيين في بلدة يارون حيث كنا في جولة داخل البلدة حين أغارت مُسيّرة بصاروخين على مكان تواجد الصحافيين"، فضلاً عن استهدافات لمواقع اسرائيلية والرد الناري الاسرائيلي بالذخائر الفوسفورية خلال التغطية.

ومثله، يستعرض الحاج علي أبرز التهديدات، خلال تبادل لإطلاق النار بالتزامن مع انتشار الطواقم الإعلامية، وهي محطات "جعلت العمل محاطاً بالمخاطر خصوصاً مع دخول المسيرات المعادية مسرح العمليات مما جعل التحرك قاتلا في كثير من الاحيان". ويضيف: "رغم ذلك ما زلنا حتى اليوم عند الخط الأمامي"، رغم أن "المنطقة كلها مكشوفة للعدو بالرؤية والنار".

تجربة مختلفة 
"ما يميّز هذه التغطية أنها كانت مفاجئة وطويلة زمنياً"، يقول سامر الحاج علي، في وقت "كنا ولا نزال ننقل العمليات وبعضها بشكل مباشر على الهواء، من تدمير آليات ومواقع وتحشيدات، وهو ما يجعلها مشوّقة". يضيف: "نلاحق عمليات اذلال العدو وكسر هيبته وسحق نخبته، اضافة الى تغطية الاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة والتي كانت عنيفة في كثير من الأحيان"، مشيراً الى ان تغطيته تميزت "باللقاء الخاص الذي أجريته اثناء الحرب باسم المنار في زيارة لأحد مواقع المقاومة مع ضباطها ومجاهديها الذين قدموا شرحاً حول العمليات وظروفها وما تحقق فيها، لقد عرفنا حينها من قرب كيف أعادت المقاومة مواقع العدو الى العصر الحجري تماماً، وكيف لبت نداء قيادتها رغم التحديات، ما جعل من مجاهديها استشهاديين بحق، نصرة لغزة وأهلها ومقاومتها ودفاعاً عن لبنان وشعبه وسيادته"، حسب قوله.

تجربة أولى
تجربة هاشم السيد حسن تختلف، كونها أول تجربة له في ميدان الحرب في مسيرته المهنية. يقول: "هذا ما يجعلها مختلفة كلياً عن أي تغطيات سابقة كأحداث 17 تشرين وما رافقها من أحداث داخلية. هي تجربة محفوفة بشتى أنواع المخاطر فضلاً عن أنها تتطلب معرفة جغرافية واسعة للمنطقة اللبنانية من أجل تحديد أماكن الاعتداءات الصهيونية ومن أجل سهولة التنقل بين المناطق من دون التعرض للخطر المباشر"، لافتاً الى ان تحدره من تلك المنطقة (بنت جبيل) خفف تعقيدات التغطية، "وكذلك الأمر لجهة معرفة على اسماء مواقع العدو والمستوطنات المحاذية لحدود مع لبنان، وهذا الأمر تطلب يومين او ثلاثة لحفظ جغرافية معظم هذه المنطقة"، معتبراً أنها "نقلة نوعية على الصعيد المهني من حيث المشاركة"، وهي تجربة متواصلة. 

التحدّيات
أما عن أبرز التحديات، فيقول السيد حسن: "ننقل الخبر بدقة وأمانة من دون تسرع وفق معايير وتوجيهات القناة، ومحاولة الحفاظ قدر الإمكان على الحصول على الخبر والصورة من دون التعرض للأذى الشخصي مع اتخاذ تدابير السلامة وعكس حقيقة الواقع بحذافيره بما فيه صورة صمود جزء كبير من المواطنين في قراهم المتاخمة للحدود".

أما بالنسبة للحاج علي فيعتبر أن "التحدي الأبرز أننا في عمق الاستهداف القاتل، ورغم ذلك لم نتراجع.. ولن نتراجع طالما اننا ابناء قضية وتجربة محقة، لم تزدها الشهادة إلا إصراراً على متابعة الطريق".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها