الأحد 2023/12/10

آخر تحديث: 19:24 (بيروت)

الانتهاكات الجنسية الاسرائيلية بحق الفلسطينيات..لماذا تصمت الجمعيات النسوية؟

الأحد 2023/12/10
الانتهاكات الجنسية الاسرائيلية بحق الفلسطينيات..لماذا تصمت الجمعيات النسوية؟
increase حجم الخط decrease
في الوقت الذي يتصاعد فيه العدوان على غزة يوماً بعد يوم، ترتفع الأصوات والإنتقادات تجاه المنظمات والجمعيات النسوية الدولية والعربية حتّى، نتيجة صمت بعضها حيال ما يحدث مع المرأة الفلسطينية التي لم تسلم من التحرش من قبل عناصر جيش الاحتلال الإسرائيلي وقواته الامنية.

تغيب هذه القضية عن ساحات عمل بعض الجمعيات الحقوقية النسوية، تحديدأ بعد أن رفعت منسوب أنشطتها في المنطقة العربية خلال السنوات الأخيرة، عبر دعم بعض الجمعيات العربية أو إقامة الورش التدريبية والتوجيهية لتثبيت مفاهيم حماية المرأة العربية وتمكينها، ولُوحظ مشاركة هذه الجمعيات في قضايا عنف ضد النساء حدثت في بعض الدول العربية وكان أثرها إيجابياً في إطار حماية المرأة، ولكن الغياب عما يحدث في فلسطين من فظاعة ووحشية وإعتداءات على المرأة، يطرح التساؤل والتعجّب وسيل من الانتقادات.

وأعادت الشهادات بخصوص العنف الجنسي الذي ارتكبه الحراس الإسرائيليون ضد الأسيرات  الفلسطينيات اللواتي تم إطلاق سراحهنّ في الأيام الأخيرة بعد السابع من أكتوبر القضية إلى الواجهة. وجاءت الشهادت بعد فترة ليس بالبعيدة، عن إنتشار مواد (فيديوهات) توثّق قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي التحرّش بفتيات فلسطينيات أثناء تفتيشهن، وقيام جنود الاحتلال بتعرية أربع نساء فلسطينيات على أحد الحواجز العسكرية داخل البلدة القديمة لمدينة الخليل، والعنف الجنسي والتفتيش الجسدي المهين الذي مارسه جنود الاحتلال بحق نساء فلسطين على الحاجز المعروف باسم حاجز شعفاط، وأيضا ممارسة العنف الجنسي اللفظي من قبل المستوطنين ضد نساء فلسطين.

اعتداءات موثقة
إنتهاكات وإعتداءات واضحة وموثّقة لم تُحرّك المنظمات النسوية حول العالم، حتّى أن البعض يعتبر أن حراك بعض المنظمات النسوية العربية خجول ومتواضع نسبةً لحجم القضية التي خرجت الى الاعلام، وبينها دعوة فتاة فلسطينية في شباط/فبراير 2022 إلى محاكمة ستة ضباط إسرائيليين ينقسمون الى 3 في "الشاباك" و3 في الجيش، قالت إنهم اعتدوا عليها جنسياً أثناء تفتيشها في عام 2015، فيما أغلق الاحتلال التحقيق في الواقعة في ربيع 2021، "بسبب نقص الأدلة، على الرغم من اعتراف البعض بهذه الاتهامات أثناء التحقيق". 

وتقول الباحثة والناشطة الحقوقية ايمان شمس الدين لـ"المدن" عن توجهات الحركات النسوية أنها "لا تخرج عن النموذج الإرشادي الرسمي الذي تديره سياسات الولايات المتحدة في منطقتنا، وهو (بارادايم) موجه ومؤطر ضمن حدود عمل وخطة مشتركة تتفاعل معها هذه المنظمات التي غالباً تتلقى دعماً ماليا من الولايات المتحدة ومنظمات أوروبية، وأيضاً أغلب تصاريحها وتراخيصها تخضع لقوانين أميركا وأوروبا، بالتالي يصبح وجودها مهدداً في حال خالفت البروباغندا والنموذج الإرشادي الرسمي لتلك الدول".

وتتابع شمس الدين: "لذلك لا تسمع لها صوتاً فيما يتعلق بالانتهاكات الاسرائيلية بحق المرأة الفلسطينية، فهذا لا يخدم الأجندة العامة من جهة، ومن جهة أخرى إن تحركت باتجاه رفع الصوت لاستنكار وإدانة هذه التصرفات من قبل العدو، فإن وجودها كمؤسسة يصبح مهدداً".

وتشرح شمس الدين: "منظمة الـ FRONT LINE DEFENDERS مثلاً في أعقاب أحداث غزة وموقف إيرلندا والمنظمة من الانتهاكات، تعرضت لضغوط كبيرة، وتم تهدديها بسحب تراخيصها الحقوقية، فهذا هو وضع هذه المنظمات غالباً، وإن وجدنا بعض الأصوات تخرج لكنها أصوات خجلة لا ترقى إلى مستوى مؤثر أو كابح".

اعتداءات جنسية
وملف الاعتداءات الجنسية، ليس جديداً. فقد وثقت المنظمات الحقوقية العديد من حالات الاعتداء الجنسي التي ارتكبها جنود وضباط أمن إسرائيليون بحق مدنيين فلسطينيين، ضمنهم أطفال في الضفة الغربية خلال السنوات الماضية، وقد وصل العديد منها للمحاكم الإسرائيلية التي اعتادت أن تمارس إجراءات رمزية تسمح لمرتكبي الجرائم الجنسية من عناصر الجيش بالافلات من العقاب، حسبما ذكر تقرير مركز العودة الفلسطيني".

وحذر المركز يوم الجمعة الماضي، من عمليات اعتداء جنسي ممنهج، خاصةً ضد النساء والأطفال الفلسطينيين. وقال في أحدث تقاريره إن "حالة الاستقطاب والتحشيد الإعلامي والنفسي الذي يخضع له جنود وضباط جيش الاحتلال تغذي النزعة الانتقامية لدى جيش لديه استعداد دائم لارتكاب أبشع الانتهاكات، خصوصاً وأن هذه الحرب تحظى بغطاءٍ دولي غربي غير مسبوق، وقيادة يمينية متطرفة داخل النخبة السياسية والحزبية الإسرائيلية، من ضمنها قيادة الجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية".

هيمنة دولية
وتتحدث شمس الدين عن "هيمنة الدول الكبرى على المؤسسات الدولية ومراكز القرار كمجلس الأمن والأمم المتحدة، سواء من خلال الدعم المالي الذي تقدمه لهذه المؤسسات، وبالتالي تهيمن من خلاله على مسار القرارات وتوجهاتها وفق مصالحها، أو من خلال التحالفات الداخلية القائمة على تبادل المنافع والمصالح داخل هذه المؤسسات وبين أعضائها". 

وكان تقرير صدر عن "مركز الجزيرة للدراسات" في 16 كانون الاول/ديسمبر 2014، اعتبر أن مجلس الأمن الذراع الأقوى للأمم المتحدة، والأداة الأبرز لتكريس هيمنة القوى العظمى في العالم، وفرض إرادتها على دول العالم الثالث".

وعن أسباب فقدان المنظمات الحقوقية مصداقيتها تقول شمس الدين إن "ازدواجية معايير الغرب في تطبيق حقوق الإنسان والتي تجلت في مواقف سياسية واجتماعية واقتصادية كثيرة، واستغلالها للمؤسسات الدولية بما يحقق مصالحها واختراق كثير من المنظمات الحقوقية استخباراتيا، وإخضاع بعضها لهيمنة الدول الغربية وقراراتها السياسية ومصالحها". 

ويُضاف ذلك الى "محاولة الاصطدام مع خصوصيات الهوية في منطقتنا العربية والإسلامية وفرض رؤية أحادية حقوقية على المجتمعات، مما أفقد كثير من المنظمات الحقوقية مصداقيتها، وأفقد المؤسسات الدولية حيادها، ولم يعد هناك أي آذان صاغية عند أغلب الشعوب للمطالبات الحقوقية حتى لو كانت محقة، مما أحكم قبضة الأنظمة المستبدة في هدر الكرامات والقهر، بعد أن عاينت أغلب الشعوب شعارية حقوق الإنسان وازدواجية المطالبة بها، وما سببته هذه الشعارات من فوضى دفعتها للقبول بالاستبداد لأجل الأمن والاستقرار، وتوظيف هذه الشعارات سياسياً لتحقيق مصالح الدول الكبرى على حساب حقوق الفرد والمجتمع في العالم العربي الإسلامي". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها