الإثنين 2023/11/13

آخر تحديث: 12:55 (بيروت)

"العربية" و"الحرة" و"سكاي نيوز" جنوبي لبنان..تغطية حرب أكثر تعقيداً

الإثنين 2023/11/13
"العربية" و"الحرة" و"سكاي نيوز" جنوبي لبنان..تغطية حرب أكثر تعقيداً
الطواقم تبحث عن مواقع يفترض أنها آمنة، رغم أن ذلك لا يعني بالضرورة أن الصحافيين آمنون فعلاً (غيتي)
increase حجم الخط decrease
فرض التصعيد المُستمر في جنوب لبنان، منذ السابع من أكتوبر، إستنفار وجهوزية الطواقم الإعلامية لمختلف وسائل الإعلام، لا سيّما الفضائيات العربية التي فتحت تغطيات على مدار الساعة، ونفذت جولات على الشريط الحدودي وتحديداً في القطاعين الشرقي والغربي اللذين يعدان الأكثر سخونة، ويتخذ فيهما مراسلو "العربية" و"سكاي نيوز" و"الحرة" موقعاً دائماً للتغطية. 

أصعب التغطيات
والحرب هنا، تبدو أكثر تعقيداً، لتداخل عواملها والأطراف المنخرطة فيها، وارتفاع منسوب مخاطرها. ويقرّ سلمان العنداري، مراسل قناة "سكاي نيوز"، بأن التجربة في الجنوب مختلفة ومن أصعب التغطيات. يقول لـ"المدن": "كلنا نحب هذا البلد وأهله، ولا نريد ان تندلع اي حرب جديدة. وفي الوقت عينه نحن مجبرون بحكم عملنا على إكمال التغطية وإبقاء الصورة والصوت لكل الناس والمشاهدين. بصراحة انها تغطية من أصعب التغطيات، على أمل أن تنتهي بخير. وأن تنتهي معاناة غزة ايضاً في أقرب وقت".

وبالمقارنة مع تغطيات في مناطق ساخنة أخرى، يقول عنداري: "قمت بتغطية العديد من الأحداث في المناطق الساخنة، آخرها في أوكرانيا وتداعيات زلزال تركيا. لكن تغطية مواجهات وتوترات في بلدك، تكاد ان تتحول الى حرب واسعة في أي لحظة، لها وقع خاص. فالجنوب، منطقة عزيزة على قلبي، هي بلدي وناسي وأهلي واصدقائي، منطقة لبنانية تتعرض للقصف والغارات والقنابل الفوسفورية، وسط قلق الناس وخوفهم مما يمكن أن يحدث في حال توسعت رقعة الاشتباكات. هنا التجربة مختلفة عن اي تغطية اخرى".


وفي السياق نفسه، تعتبر سحر أرناؤوط، مراسلة قناة "الحرة"، أن تغطية أحداث الجنوب هذه المرة قد تكون مختلفة عن تغطية أي أحداث أمنية أخرى، وتقول: "نحن في مناطق ساخنة ما يحتم علينا درس خطواتنا وعدم التهور أو المغامرة في نقل اي حدث. فسلامتنا تبقى الأهم من اي شيء آخر، والإحاطة بطبيعة المنطقة لتحديد أماكن تواجدنا وتحديد المكان المناسب مع التزامنا بشروط السلامة ومعرفة التوقيت المناسب لانسحابنا من الموقع المتواجدين فيه إذا بات الأمر يشكل خطراً علينا".

أما مراسل قناة "العربية" محمود شكر فيقول: "لا شك أنّ الخبر الأمني هو الأساس بالنسبة لقناة عربية، فكيف إذا الخبر مُتصل ببلد عربي؟ ونحن اليوم نشهد أهم الحروب المعاصرة منذ 1973 وستكون نتائجها أكبر مما كان قبل 1973، بعد العملية التي شهدتها فلسطين المحتلة "طوفان الأقصى" وما رافقها من دخول لفصائل المقاومة الفسطينية إلى مستوطنات الغلاف رغم كل الإجراءات الأمنية المُشدّدة والوسائل التكنولوجية من أجهزة تجسس ومراقبة وكاميرات فائقة الجودة وغيرها".


التحدّيات والمخاطر 
التغطية في مثل هذه الظروف لا تخلو من الخوف والقلق في ظل المخاطر التي تتعرض لها الطواقم الإعلامية، خصوصاً بعد استهداف الصحافيين، الشهر الماضي، في علما الشعب. هنا تُعبّر أرناؤوط عن "خوف قائم طبعاً، وهذا امر طبيعي، لكن يجب أن نتغلب على هذا الشعور والتحلي بنسبة عالية من الحذر، وفي الوقت نفسه، يجب ان نسيطر على هذه المشاعر لنبقى على دراية كاملة بما يحيط بنا من أحداث والتعامل معها بمسؤولية عالية". 

تشير الى ان حادثة استهداف السيارة المدنية، "شكلت مصدر خوف حقيقي، خاصة أننا كإعلاميين ننتقل من منطقة الى اخرى للقيام بواجبنا المهني ولنقل الأحداث بالصوت والصورة، هذه الحادثة جعلتني أصبح اكثر حذراً خصوصاً لجهة التنقل مع حلول ساعات الليل". وتشير الى انه من الاحداث الخطرة التي عايشتها، "اشتداد وتيرة العمليات العسكرية في القطاع الشرقي واستهداف مناطق قريبة لأماكن تواجد الفرق الإعلامية كما حصل عندما سقط ما يقرب من عشرة صواريخ على منطقة القليعة كردٍّ على إطلاق قذائف، وكنا نستعد لرسالة مباشرة. كان الأمر مرعباً جداً. رغم كل المخاطر، لا بد من القيام بواجبنا المهني بمسؤولية عالية جداً"، لافتة الى أن "خبرة المراسل تلعب دوراً كبيراً في هذه الظروف"، وتضيف: "ما أشدد عليه دائما هو عدم المغامرة او المسارعة الى تغطية خاصة في أماكن سقوط القذائف من أجل خبر او صورة حصرية".


مخاوف عالية
يتشارك معظم مراسلي الفضائيات المتواجدين في جنوب لبنان، مخاوف متشابهة. وفي السياق، يقول عنداري: "وجودنا في منطقة آمنة لا يعني أننا آمنون. نرتدي الدروع والخُوذ ونتخذ اجراءات سلامة عالية، وقد اعتدنا على إجراء تقييم أمني متواصل للمنطقة ومخاطر تعرضها لأي قصف. لكنن انعدم الشعور بالأمن والأمان بعد استشهاد زميلنا عصام عبد الله. وبعد استهداف زملاء لنا في 13 اكتوبر، المنطقة كلها اصبحت خطرة. المخاوف تعاظمت مع الوقت. هل يشتد القصف الاسرائيلي؟ هل يتوسع تبادل القصف؟" 

ويضيف: "استهداف المدنيين ومحيط المستشفيات والمنازل والاماكن التي يغطي منها الصحافيون، جعلنا ندرك أن الخطر زاد، لكن التغطية مستمرة واستمرت. مخاطر كثيرة تعرضنا لها. تغطيتنا لغارات وقصف كان قريباً منا. إطلاق صواريخ من منطقة محاذية لتغطيتنا. تنقلنا من منطقة الى أخرى، كان خطراً أيضاً في ظل استهداف السيارات. قمنا بتخفيف التنقل مع ساعات المساء. قنابل فوسفورية ألقيت على مكان قريب من تواجدنا. الاعتداءات الاسرائيلية لا تتوقف. إنها حرب استنزاف بالنسبة لنا، لأن التغطية طويلة على ما يبدو، وستمتد أسابيع عديدة في حال بقيت الأمور على حالها". 

يذكر عنداري بأن لحظة ٍاستشهاد واستهداف الزيل عصام عبد الله، كانت لحظة صعبة. "هو صديق لي. والزميلة كارمن جوخدار صديقتي أيضاً وأعرفها منذ سنوات. لحظة إعطاء رسالتي على الهواء تطلبت الكثير من الدقة والالتزام والموضوعية، لكن رأسي وفكري وعقلي ومشاعري كانت في مكان آخر في تلك اللحظة. كنت أفكر في عصام وكل زميل وزميلة ومخاطر التغطية".

مسؤولية الهواء تقف عائقاً بين المراسل ومشاعره. يقول عنداري: "على الهواء يجب كبت مشاعرك الحقيقية"، وترافقه مشاعر الغضب من الاستهداف اليومي للناس وأرزاقها ومن استهداف اسرائيل لزملاء مقربين. ويتابع: "زاد خوفنا على بعضنا البعض كصحافيين. بعد الاستهداف الأخير، وقتل عصام، لم نتوقف عن التواصل في ما بيننا. نتأكد دائماً من مواقعنا. اتصل بالزملاء وأوصيهم بعدم الاقتراب وبارتداء عدّة الحماية الصحافية وبأن يكونوا حذرين ويقظين. لهذه التغطية تبعات نفسية علينا جميعاً. خصوصا على المراسلين اللبنانيين".

ساحة حرب حقيقية
بغض النظر عن شعاع المعركة في الجنوب، إلا أن محمود شكر يصف ما يجري بأنه "ساحة حرب حقيقية بكل معنى الكلمة تُستخدم فيها كل أنواع الأسلحة من صواريخ وقذائف مدفعية وفوسفورية وعنقودية، فضلاً عن سلاح الجو والمسيّرات، وبالتالي تفرض هذه الساحة ضوابط وإجراءات عالية يجب أن نلتزم بها، فقد خضعنا لدورات في قناة العربية حول إجراءات التنقل وأوقاته وكيف يجب أن نتموضع في أماكن ثابتة بعيدة من مناطق الإشتباكات ونأخذ الحطية والحذر أثناء التغطية المتواصلة، هذا يعني أننا يجب أن نكون في منأى من المخاطر، لكننا في ساحة حرب والإسرائيلي يستهدف بشكل عشوائي، وبالنهاية الحامي هو الله".

التغطية والانتشار 
وعن أماكن الانتشار بالنسبة لمساحة التغطيات في الفضائيات، يقول عنداري: "قمنا بتغطية التوترات على الحدود من منطقة رميش ومرجعيون وإبل السقي ومناطق أخرى. رسائلنا مباشرة ومتواصلة على مدار الساعة. التغطية لا تتوقف. اخبار عاجلة وبحث عن معلومات ومصادر وصور وفيديوهات بين القطاع الشرقي والأوسط والغربي. كغيرنا من الصحافيين، حرصنا على التواجد في أماكن آمنة قدر المستطاع. تلال ومناطق مطلة على الحدود. ورصدنا قصفاً مدفعياً وغارات وانفجارات وتبادلاً لإطلاق النار على مدار الساعة. لكن احساسنا بالخطر يتضاعف كل يوم".

"الحرة" منذ الاسبوع الاول
بالنسبة لتغطية قناة "الحرة"، فقد بدأت منذ الاسبوع الاول. تشير أرناؤوط الى أن "التغطية بدأت تحديداً من منطقة كفرشوبا الى العديسة وتلة الحمامص وكفركلا. ومع ارتفاع منسوب المواجهات العسكرية انتقلنا الى مرجعيون، حيث استطعنا ان ننقل، ومباشرة على الهواء، كافة المواجهات في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وحولا وغيرها من المناطق الساخنة".

أما بالنسبة لطواقم قناة "العربية"، فيشير شكر الى "الانتشار يتم على أربع جبهات" هي قطاع غزة، غلاف غزة، الحدود اللبنانية- الفلسطينية، الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة. هي "تغطية على مدار 24 ساعة، وبين دقيقة وأخرى ثمّة تحديث للعواجل وأي خطاً غير محسوب يُشكّل مشكلة".

تتضاعف المسؤولية، حسب شكر. "هواء مفتوح وسط أكبر مشاهدة في العالم العربي فضلاً عن باقي دول العالم. هنا تكمن الخبرة حيث تتمركز تغطيتنا على طول الشريط الحدودي. ومن الجانب الآخر ما يقارب 54 إلى 56 موقع للجيش الإسرائيلي وعشرات المستوطنات، نحن بحاجة لنقل المعلومة بشكل دقيق بعد التبيّن منها، مع وجود عناصر عديدة على الجبهة اللبنانية، فلم يعد حزب الله وحده في الميدان، إذ إنضمت كتائب القسام وسرايا القدس وقوات الفجر والسرايا اللبنانية. لا يمكن أن تكون سريعاً، خصوصاً أن حزب الله لا يُعلّق مباشرة على الأحداث، ففي بداية التصعيد كانت صواريخ القبة الحديدة تنفجر في الهواء ويعتبرها البعض مسيرّات وقد إستُهدفت وغيرها من الأمور المشابهة".


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها