السبت 2023/01/28

آخر تحديث: 16:21 (بيروت)

ياسمين عزّ التي تشبه "المُفسبِكين".. لكنكم لا تنتبهون

السبت 2023/01/28
ياسمين عزّ التي تشبه "المُفسبِكين".. لكنكم لا تنتبهون
increase حجم الخط decrease
عندما تشاهدون ياسمين عزّ وتستمعون إلى ما تقوله، لن تصدقوا في الوهلة الأولى، ولا في الوهلة الثانية ولا حتى الثالثة، أنها جادّة في ما تقوله. ستنتظرون فيما تستمعون، أن تنهي كلامها بما يوضح "الإيفيه" الذي ظننتم أنها تبنيه أثناء سردها، لتكتشفوا أن لا "إيفيه" في كلامها ولا من يحزنون! وأنها تعني، وبجدية تامة، ما تقول.

ما تراه هو الحقيقة، عزيزي المُشاهد والمتابع لياسمين عزّ. أقول "المتابع" لأني أعلم أنك لن تتوقف عن متابعتها بعد أول فيديو صادفته لها. وكيف تتوقف، بعدما تحوَّلت إلى "تريند" وبطلة "ميمز" من صناعتها، ومقتطفات فيديوهاتها منتشرة أينما تصفّحت. وأستطيع تخيّل شفتك السفلى المتدلية أثناء سماعك لما تقوله قبل أن تتوه في عالم من التساؤلات كل مرة: "آه هذه المرة أيضاً لا يوجد إيفيه؟"... "آه! هي تعني ما تقوله؟"، ثم تغرق في نوبة ضحك، جزء منها سببه سذاجة توقعاتك.

ياسمين عز مُناصِرة الرجل، كيفما تحرك، ومهما قال وفعل.

سمعناها تشيد بالرجل -المصري تحديداً- أكان والداً أو أخاً أو إبناً أو زوجاً أو خطيباً: "يا مدام إنتي معاكي حتة آثار نادرة".. "الراجل يتشال على الرموش والأهداب، فوق العيون وجوا العيون"، "الراجل نعمة لازم يحس بهيبته في البيت"، "اكتاف الرجل في الدنيا، فما بالك بباقي الحاجات". وسمعناها تتحدث عن أصوات النساء، مصنفةً إياها بين صوت شتوي "سَهتان"، وهو الصوت الذي تنصح الإناث باستخدامه مع رجالهن، وصودف أنه صوتها هي "بكل تواضع"... وبين صوت صيفي، وهو الصوت الذي لا تحبذه، وتنصح النساء بالابتعاد عنه أثناء التواصل مع الحبيب والخطيب، إذ يبدو أنها قامت بدراسة علمية معمقة تضمنت استطلاعات رأي واسعة أظهرت أن الرجال لا يحبون "الصوت الصيفي".

وسمعناها مستنكرة عدم استخدام لقب "أستاذ" مع الزوج، متسائلة: "فين درس تفخيم الزوج اللي درسناه كلنا زمان؟ فين؟"... ها؟ فين يا امرأة؟!! "قولي ورايا عشان جوزك يحبك: "ياااااا" أداة نداء تطلعي بيها، "أستاذ" للتفخيم، "محمد" للتنعيم. ويا حبذا طبعًا لو جمعت المرأة دروس ياسمين عزّ المقسمة على حلقات، ونادت على زوجها مع لقب أستاذ وبصوت شتوي في آنٍ واحد... الله!!! عَظَمة على عَظَمة يا ياسمين.

لكن ليس محتوى ما تقوله ياسمين عز، هو ما يجعل شفتي السفلى، بل فكي الأسفل كاملاً يتدلى وأنا أستمع إليها. فسبق أن تدلت شفتي وفكّي على كلام مذيعات قبلها، مثل رضوى الشربيني، وفنانات لبنانيات مثل نجوى كرم. إنما ما يدهشني هو حين تتحدث مع بعض النجوم والمشاهير الأجانب تحديداً.

لا أقول تتحدث "عن".. إنما "مع"! ياسمين عز تخاطب شاكيرا، تنصحها وتعاتبها على أغنيتها الأخيرة: "حبيبة قلبي الموضوع خِلص خَلاص... ما ينفعش أولادكم تبقى سيرة أمّهم وأبوهم على ألسنة كل الأولاد ويتّريقوا عليه". وتخاطب رونالدو و"تتحشم" عليه أن يتزوج صديقته، مستخدمةً معاييرها ومفرداتها وقيمها. تطالبه بكل ثقة وطلاقة -تُحسد عليهما والله- بالأخذ بما تقوله: "أجبر بخاطر البنت جورجينا اللي صاينة عيالك واتجوزها". فهي "متأكدة" من متابعتهم لبرنامجها، وإتقانهم لغتها، والتزامهم بمعاييرها الأخلاقية والذكورية.. وسهتان صوتها!

لكني تنبّهت إلى أن ياسمين عز ليست الوحيدة في مخاطباتها ومحادثاتها المباشرة مع المشاهير الذين لم يسمعوا يوماً باسمها. فهذا حال معظم المُفسبكين (أود بهذه المناسبة أن أتحشّم على مارك علّه يجد لنا كلمة نتمكن من تحويلها إلى فعل كما هي الحال مع تويتر: التغريد، شكرًا يا مارك، ما نجيلكش في حاجة وحشة يا خويا).

فالمُفسبِكون يخاطبون الجميع. بدءاً من الله، وصولًا للأموات، مروراً بالمشاهير والسياسيين. لا أقصد من يتكلم "عن" الله والأموات والمشاهير. أقصد من يتحدث "مع" الله والأموات والمشاهير، ويخاطبهم عبر فايسبوك.

يخاطبون الله ويطلبون منه أيضاً، يناجونه ويرجونه، ويعبّرون له عن حبهم، وأحيانًا يتلون عليه صفاته التي يفترض أنه هو أصلًا من أطلقها على نفسه. يخاطبون الأموات، خصوصاً في ذكرى وفاتهم السنوية، معبّرين لهم عن أشواقهم، ومرددين عليهم صفاتهم الحسنة، ووحشة غيابهم. يخاطبون المنتخب الألماني. ليس المهاجم فقط أو حارس المرمى، ولا حتى المدافع. بل المنتخب كاملاً، بمن فيهم مَن كان على دكة الاحتياط، ويعاتبونه على الأداء السيء والمخزي (وهم محقون في عتبهم، لكن هذا أمر آخر). يخاطبون المنتخب المغربي وحارس مرماه الذي "رفع رأس العرب"، حتى أنهم يتجرأون على انتقاد رونالدو "عينك بنت عينك"! ومرة لمحت تَمَنّي أحدهم على ميسي بأن يمرر الكرة لغيره كي يسجل هدفاً، لكن سرعان ما استدرك فداحة ما تمنّى ومحا البوست مشكوراً.

أحدهم خاطب مدرب الفريق البرتغالي، وناقشه في الخطة الفاشلة التي اعتمدها. ومرّر له بعض الملاحظات، عسى أن يأخذ بها في المونديال التالي، أو في أي مباراة مقبلة للمنتخب. وأغلب الظن أن الله سيقرأ البوستات الموجهة إليه، قبل أن يفعل سانتوس!
وأحدهم خاطب "الرجل الأبيض"، وأخرى خاطبت "المجتمع الدولي"، وآخر خاطب "السلطة الفاسدة". كلهم استخدموا مفرداتهم ولغتهم الخاصة، عاتبوا ونصحوا واستنكروا وتعشموا وطلبوا، كما فعلت ياسمين عز. (نداء مكرر لمارك: يا ريت تستجعل وتلاقي حل لمشكلة فعل الفسبكة. تويتر مش أحسن من فايسبوك، ولا إيلون ماسك أحسن منك يا بيبي).

ليس لدي أي استنتاج آخر غير أنه المُفسبكين، على الأرجح، يظنون أن الله لديه حساب في فايسبوك. وأن الأموات لديهم إنترنت وفايسبوك، ويتسلون في عتمتهم بقراءة البوستات. وأن المشاهير، وتحديًدا لاعبي الفوتبول، يتصفحون بوستات مشجعيهم اللبنانيين بين الشوط الأول والثاني، وغالبًا ما يتأخر أحدهم عن الانضمام لرفاقه في الملعب بسبب ردّه على إحدى النصائح والتمنيات... تماماً كما تظن ياسمين عز أن جورجينا ستتصل بها شاكرة لها حسن الوساطة بينها وبين رونالدو ليُقدِم على خطوة طلب يدها لأنها "صاينة العِشرة".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها