الإثنين 2023/01/16

آخر تحديث: 19:25 (بيروت)

رحيل صونيا بيروتي.. ذاكرة اللبنانيين الذهبية في السِّلم والحرب

الإثنين 2023/01/16
رحيل صونيا بيروتي.. ذاكرة اللبنانيين الذهبية في السِّلم والحرب
increase حجم الخط decrease
رحلت الإعلامية والصحافية اللبنانية، صونيا بيروتي، مساء اليوم الإثنين، عن عمر يناهز الـ87 عاماً لمعت خلالها في ميدان الصحافة المكتوبة والاعلام الاذاعي والتلفزيوني، وخطت فيها تجربة استثنائية في مجال الصحافة النسائية. 

وحظيت بيروتي بشهرة واسعة منذ الستينيات في الاذاعة اللبنانية، عبر برنامجها "فنجان قهوة"، واكتسبت شهرة أوسع لدى انتقالها الى التلفزيون، وعُرفت بصاحبة الشعر القصير.. وبقيَ صوتها الاذاعي، وصورتها الأنيقة، يرافقان اللبنانيين منذ العصر الذهبي الى أيام الحرب وما بعدها، وكسبت احترام اللبنانيين. 

وبيروتي الغائبة عن الشاشة منذ أكثر من 15 عاماً، تعد من أوائل اللبنانيات اللواتي اخترقن عالم الاذاعة والتلفزيون، ورغم ذلك، لم تتعاطَ مع الناس كنجمة. حافظت على تواضعها، ولطالما رددت أنها تمارس مهنتها، مهنة المتاعب.


انتقلت من الإذاعة اللبنانية الى "تلفزيون لبنان" لتقديم برنامج هواة الى جانب زميل لها في العام 1960، لتوسع تجربتها وتقدم برنامج "المجلة المتلفزة" الذي استمر نحو 9 سنوات (1960 - 1969)، وهو برنامج عرض مشاكل اجتماعية وثقافية وسياسية متعددة، وكان له جمهوره الخاص، قبل أن تتوسع قاعدة شعبيتها بشكل قياسي خلال تقديم برنامج "استديو الفن". 

وكتب الإعلامي ريكادردو كرم، الذي كان قد أجرى معها حواراً حول مسيرتها الطويلة، ونشر الفيديو في صفحته في "فايسبوك"، ومما قالته لكرم في هذا الحوار: 
"منذ 60 عاماً، ذهبت (صونيا بيروتي) الى الحلاق وقالت له: أريد قصة شعر مثل الصبيان، وتتابع: لا صبر لي على المكوث ساعات عند المزيّن. لا أطيق هذا وأعتبره مضيعة وقت. وأنا، في اختصار، إمرأة عملية ورياضية. كنت أسبح يومياً صيف شتاء. كنت أعمل في الصحافة اليومية وفي نفس النهار أقوم بتحقيق ميداني ثم أقابل رئيس الجمهورية ثم أتوجّه إلى كوكتيل. كان يفترض بي أن أحافظ على طلّة مرتّبة، مهذّبة، لذا اخترت الشعر القصير والبذّة الرصينة. وكنت إذا ارتديت تنورة أشعر وكأنني عارية".

وكتب كرم: "ولدت (بيروتي) في الأشرفية -بيروت. والدها كان موظفاً في وزارة الخارجية ووالدتها كانت تعشق العزف في بيتها على البيانو. تقول "طلبت مني والدتي يوماً أن أقصّ لها صفحات الجرائد فجلست أقرأ فيها. أتت فنهرتني مردّدة: إنها صحف قديمة. فقلت لها: لا أستطيع أن أمسك بورقة، بحرفٍ، إلّا وأقرأ. هو طبعي". جدّها همس دائماً في أذنها: "العمل يا إبنتي أهم من الزواج".

أضاف كرم: "دخلت صونيا بيروتي معهد العلوم الشرقية في جامعة القديس يوسف وخرجت باختصاص حضارات شرقية وتتذكّر: "قرأت سيمون دي بوفوار واقتنعت تماماً أنّ العمل يُحرّر فبدأت به باكراً واخترت الصحافة بناء على نصيحة من صديقتي رضا خوري (الممثلة) التي قالت لي: حين تحزنين تكتبين وحين تفرحين تكتبين، فلماذا لا تعملين في الصحافة؟ وهكذا انطلقت". أيقنت منذ اللحظة الأولى أنّ من ينجح في هذه المهنة هو من لا يُحاسب نفسه على تعبها وهذا ما كان".

وعندما اختارت بيروتي العمل الصحافي، سلكت درب الصحافة النسائية التي عالجت عبرها قضايا اجتماعية وفنية وسياسية. وتنقلت في "دار الصياد" بين مجلات ومطبوعات عديدة، بينها جريدة "الأنوار" و"مجلة الصياد"، وعالجت العديد من المواضيع، مسلطة الضوء على مشاكل المرأة والمواطنين عموماً، فتفاعلت مع قضاياهم، ونقلتها الى المراجع المختصة.

في العام 1962 تسلمت مسؤولية سكرتيرة التحرير في مجلة "الحسناء"، وبين العامين 1964 و1965، عملت كمحررة في قسم التحقيقات السياسية والاجتماعية في صحيفة "النهار". ثم عادت العام 1966 إلى مجلة "الحسناء" كمديرة تحرير هذه المرة. وتسلمت رئاسة تحرير مجلة "الشرقية" بين العام 1973 والعام 1976 حين انتقلت الى صحيفة "المحرر" وعملت لمدة سنة، في مجال إجراء التحقيقات والحوارات السياسية.

بين 1986 و1990 شغلت منصب رئاسة تحرير مجلة "الأناقة" وكتبت مقالات في مجلتي "فيروز" و"الفارس" الصادرتين عن "دار الصياد". كما شغلت منصب رئيسة تحرير مجلة "لبنان 90"، بين 1991 و1994. ومنذ العام 1999، شغلت منصب رئيسة قسم المرأة، في صحيفة "المستقبل".

والى جانب الكتابة والعمل الاعلامي، لها روايتان هما "مطاحن الطائفيّة" الذي تحدثت فيهِ عن الطائفية في لبنان بوصفها سبباً مباشراً في الحرب الأهليّة في لبنان، فضلًا عن رواية "حبال الهوا" الذي تطرقت فيه لوضع النساء عامّة والنساء اللبنانيات خاصّة من خلال قصّة 24 سيّدة عشن حياتهنّ بين سعادة وحزن وألم وفراق وتشتت. ونشرت مجموعتي قصص حملا عنوان "حبال الهواء" (1991) و"مدار اللحظة" (1995)، وكتاب شهادات مهنية بعنوان "مواعيد مع البارحة" في العام 1987. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها