الثلاثاء 2022/08/16

آخر تحديث: 15:18 (بيروت)

خطة إسرائيلية لـ"إبعاد"حزب الله عن مفاوضات ترسيم الحدود البحرية

الثلاثاء 2022/08/16
خطة إسرائيلية لـ"إبعاد"حزب الله عن مفاوضات ترسيم الحدود البحرية
increase حجم الخط decrease
ثمة قراءة اعلامية اسرائيلية بدت أكثر وضوحاً حول أزمة ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وتتعلق بمكامن المصلحة الإسرائيلية الإضافية من طريقة إدارة ملف الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية، تتمثل في توجه اسرائيلي لإبعاد "حزب الله" عن ملف السياسة الخارجية اللبنانية، وهو ما تم التعبير عنه بالحديث عن "ضمانات أمنية" رُفعت قبل اسبوعين. 

هذه الغاية الاسرائيلية، برزت في صولات وجولات الوسيط الأميركي في النزاع البحري آموس هوكشتاين، بغضّ النظر عن إمكان نجاحه في التوصل لحل وسط . وعبّر العديد من الأقلام العبرية عن هذه الغاية، عبر الاضاءة على "جهد إسرائيلي" يرمي إلى "تحجيم تدخّل حزب الله بقضية الترسيم"، وبالتالي "ملف الشؤون الخارجية اللبنانية برمته"، وإن كان لدى الحزب "القدرة على التأثير في مفاصل الحياة اللبنانية الداخلية"، على حد تعبير تل أبيب. 

ويظهر المقال الذي كتبته سامدار بيري في صحيفة "يديعوت احرونوت"، هذا الجانب بوضوح، حيث يبرز هذه المصلحة الإسرائيلية، إذْ رأت فيه أن منهجية الدولة العبرية تقوم على قاعدة مفادها "العمل على دفع حزب الله، ببطء، نحو الخروج من محادثات الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل".

وحسب بيري، فإن الأهداف الدبلوماسية التي حددها هوكشتاين أصبحت أكثر جدوى، بالنظر إلى "تمكن الوسيط الاميركي من إقناع السياسيين اللبنانيين بعزل الحزب المدعوم من إيران عن الشؤون الخارجية". 

الواقع، أن هذه الرؤية بالإبعاد التدريجي لحزب الله عن ملف الترسيم والشؤون الخارجية، هي بمثابة خطة أميركية أشمل للمنطقة، وكجزء من الجهود الرامية إلى تحييد التأثير الإيراني في لبنان وغيره، لكنها تتلاقى، بالضرورة، مع المصلحة الإسرائيلية بهذا الاتجاه. 

ولتعزيز هذه الرغبة الإسرائيلية، تركز "يديعوت أحرونوت" على الثلاثي اللبناني، مدير عام الأمن العام عباس إبراهيم، ووزير الطاقة وليد فياض، وقائد الجيش جوزيف عون، بإعتبار أن "دورهم مؤثر ومهمّ لصالح بلورة اتفاق، نظراً لرغبتهم برؤية اتفاق غير مباشر، ولكن نهائي مع إسرائيل"، وهي قراءة بطبيعة الحال تفتقد لفهم القانون اللبناني الذي يحصر مهمة التفاوض على الملفات الدولية، بالرئيس اللبناني ميشال عون.

وأضاءت الصحيفة العبرية على شخصية قائد الجيش جوزيف عون، بما ينسجم مع دعاية إسرائيل لتفرقة اللبنانيين، من خلال دق الأسفين بينهم في هذه المرحلة الدقيقة بالنسبة لهم، مشيرة إلى أن الجنرال عون "مرشح مرجح ليحل محل الرئيس اللبناني ميشال عون في هذا المنصب العام المقبل، مما يجعله شخصية بارزة في المستوى السياسي في لبنان". 

 كل هذا يأتي، بالرغم من إقرار الإسرائلييين المتحمسين لتحقيق الغرض المطلوب، بأن مبعوث الولايات المتحدة لشؤون الطاقة، عاموس هوكشتاين، يدرك جيداً حقل الألغام الذي تشكله الحكومة اللبنانية: "الفروع الحاكمة والمتشابكة، وحزب الله المدعوم من إيران، وأعضاء البرلمان الذين يستقطب الحزب ولاءهم". 

لكن المبعوث المُنتظر قدومه إلى بيروت مرة أخرى، محملاً بالإجابة الإسرائيلية النهائية حول مقترح الحل، يُبدي تفاؤله بإمكانية التوصل إلى حل وسط بحلول نهاية الصيف، قبل أن تبدأ حقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط بالقرب من الساحل اللبناني، بالانتاج. 

ولم تنسَ محللة الشؤون العربية في "يديعوت أحرنوت"، سمدار بيري، أن تقرب المجهر، أيضاً، على دلالات هوية هوكشتاين اليهودية، معتبرة أنه يحاول دائما لفت الانتباه بعيداً من هذه الهوية، عبر إطلاعه إسرائيل على تطورات جهوده بملف الترسيم. 

وذكرت سمدار أن هوكشتاين قد أكد أن مساعيه تتجه لإتمام الإتفاق بحلول الشهر المقبل، حيث يعتزم العودة إلى بيروت مجدداً، بينما يترك الحكومة اللبنانية تتعامل مع شؤونها الداخلية في الوقت الحالي، حسب المحللة الإسرائييلة. 

وهنا، تطرح إسرائيل نفسها وكيلاً مُوزعاً للمهام بين الحكومة اللبنانية "كحكومة تسيير أعمال داخلية"، وبين الشخصيات اللبنانية الثلاث سالفة الذكر (الأمن، والعسكر، والطاقة)، كمؤثرين ومقررين في ملف الترسيم. 

ومن أجل تحويل وجهة النزاع مع إسرائيل إلى خلاف لبناني داخلي، حرصت وسائل إعلام عبرية على تضخيم التباين بين حزب الله من جهة، والمسؤولين اللبنانيين المنخرطين في محادثات الترسيم، عبر القول إن الحزب منزعج بشدة من تفاؤل هوكشتاين المتوقع عودته إلى العاصمة اللبنانية في الفترة المقبلة، وكذلك من الدعم الذي تمكن الوسيط الأميركي من الحصول عليه من مسؤولين لبنانيين. 

وادعت "يديعوت احرونوت" أنه حتى وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب قد سلط الضوء على "عزلة حزب الله في المحادثات"، عبر قوله إن تهديدات الحزب بقصف حقول الغاز، إذا لم تتراجع إسرائيل عن استخراج الغاز من "كاريش"، لا تمثل الموقف الرسمي اللبناني. 

وللدلالة على ذلك، رأت الإذاعة الإسرائيلية العامة "مكان" أن تهديدات الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، لإسرائيل، في حال لم تُعطِ حقوقه من الغاز، وكأنها تأتي في سياق مكافحة الحزب لمساعي تهميشه وعزله عن ملف الترسيم، ومحاولة منه لفرض تأثيره في القرارات المهمة، وما يتصل بملف السياسة الخارجية اللبنانية. 

وهنا، فسّر محللون إسرائيليون تهديدات حزب الله بالحرب، في إطار الغضب من مساعي عزله المتدحرج، ورغبة منه للقول للداخل والخارج، معاً: "أنا موجود"!، حسب ادعاءات اعلام تل ابيب. 

في المقابل، روّجت إسرائيل إلى أن عمليتها العسكرية ضد "الجهاد الإسلامي" في غزة، مؤخراً، حملت رسالة "مهمة" لحزب الله، قبل شهر من حلول شهر أيلول/سبتمبر؛ ما يعني أن المعركة حصلت في غزة، وأما الرسالة فهي إلى حزب الله وإيران، ليس بعيدا من صراع الغاز والنفوذ في البحر المتوسط.

وكان "حزب الله" كرر أنه غير معنيّ بالمفاوضات التي تعتبر شأناً سيادياً لبنانياً، لكنه أصر بلسان مسؤوليه على أن يُسمح للبنان بالتنقيب الطاقة، مهدداً بأنه لن يسمح باستخراج الغاز من الحقول الاسرائيلية من دون السماح للشركات بالتنقيب في المياه اللبنانية. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها