الأحد 2024/04/14

آخر تحديث: 20:40 (بيروت)

إسرائيل عن هجوم إيران: فرصة لاختبار قدرتنا..والشرق الأوسط تغير

الأحد 2024/04/14
إسرائيل عن هجوم إيران: فرصة لاختبار قدرتنا..والشرق الأوسط تغير
increase حجم الخط decrease
 
ما أن أنهت إيران ردها على استهداف قنصليتها في دمشق بإطلاق آخر صاروخ أو مُسيَّرة ضمن هجومها غير المسبوق بإمطار إسرائيل بعشرات الصواريخ المُجنّحة والطائرات المُسيّرة، انطلاقاً من أراضيها لأول مرة.. حتى دخل الإعلام العبري في نقاش على مفهوم "النجاح" و"الفشل" اتصالاً بموقعة الرد.

واتفقت وسائل الإعلام العبرية على اعتبار أنّ إسرائيل "نجحت" في جعل الهجوم الإيراني مشهدياً بلا أي ضرر استراتيجي، خلافاً للهجة إيران التي عدّته هجوماً "ناجحاً" و"نوعياً"؛ لمجرد أنها "فعلتها مباشرة" إلى حدّ "ترهيب إسرائيل واستنفارها"، وتدمير موقع استخباراتي لها في الشمال، وقاعدة جوية جنوباً، جراء الهجوم، بحسب إعلان طهران.

وبمنظور الدولة العبرية، "فشلت" إيران في تدمير قواعد عسكرية لها، حتى لو أصابت صواريخها قاعدة جوية في النقب، مدعية أن الأضرار الناتجة "غير كبيرة"، بـ"دليل" أن القاعدة تواصل "نشاطها" كالمعتاد.. وكأنها حربٌ إسرائيلية- إيرانية على هندسة مفهوم "الفشل" و"النجاح"، بالنظر إلى طبيعة نقاش الطرفين لنتيجة الهجوم، وخاصة استهداف قاعدة النقب الجوية.

وفي هذا السياق أيضاً، فاخرت إسرائيل بأنّ الهجوم أثبت تفوقها التكنولوجي الدفاعي لاعتراض الصواريخ، وأن معظم الصواريخ اعترضتها منظومة "حيتس" خارج المجال الجوي "الإسرائيلي". وهنا، اعتبر محلل الشؤون العسكرية لإذاعة "مكان" العبرية، إيال عاليما، أن "نجاح" إسرائيل تمثل في اختبارها، لأول مرة، منظومتها الدفاعية المطّورة "حيتس"، وأن معظم الصواريخ الباليستية تصدت لها "حيتس" التي تم تطويرها على مدار سنوات.

وخلص عاليما إلى القول إنه من ناحية تكنولوجية، فإن اعتراض الصواريخ بنسبة 99 في المئة أثبت "قدرة" إسرائيل، وأن "إيران لم تُفاجأ بهذه القدرة الإسرائيلية؛ لأنها معروفة في المنطقة"، وفق تعبيره. لكنّ عاليما لفت بأن التحقيق الإسرائيلي لإجمال حصيلة الهجوم الإيراني ما زال مستمراً.

فرصة.. لاختبار القدرات

الحال أنّ الخطاب الإعلامي الإسرائيلي سعى إلى إظهار الهجوم الإيراني كفرصة "استثنائية" للدولة العبرية اختبرت خلالها إمكاناتها "الدفاعية"، وقيمتها، ورصدت أي ثغرات تحتاج إلى معالجة فورية.. حتى لو أقرت إسرائيل أن فرنسا وأميركا وبريطانيا ساهمت في إسقاط عدد كبير من المُسيّرات الهجومية التي استهدفتها.

لم ينسَ الإعلام العبري إجمال حصيلة الهجوم، بإعلانه أنّ نحو 300 مُسيّرة وصاروخ تم إطلاق معظمها من إيران، بواقع 100 صاروخ باليستي، و170 طائرة مسيرة "انتحارية"، و30 صاروخاً "جوالاً"، إضافة إلى 40 قذيفة صاروخية من لبنان. وبينما أكدت إسرائيل إصابة طفلة بدوية من النقب بجراح خطيرة خلال الهجوم، نوه تلفزيون "مكان" الى أنه لم يُحسم ما إذا كانت إصابة الطفلة جراء صاروخ إيراني، أم صاروخ "دفاعي" إسرائيلي. 

رد إسرائيل بالتخطيط.. لا الإيغو
وبالرغم من إقرار إسرائيل بأن الرد قد انتهى من ناحية إيران، إلا أن إعلامها العبري أشار إلى أن الكرة باتت في الملعب الإسرائيلي، وأنّ الحدث بهذا المعنى لم ينتهِ، والمقصد هنا تداعياته اللاحقة، خاصة مع استمرار المشاورات الأمنية والسياسية لتقييم الوضع، وطريقة العمل ضد إيران في المرحلة القادمة. وتطرقت "مكان" إلى مدى رغبة إسرائيل بالرد على الهجوم الإيراني، غير أنها عادت وقالت إنه في نهاية الأمر ستأخذ الحكومة الإسرائيلية الموقف الأميركي بعين الاعتبار، خاصة أن تنسيق الولايات المتحدة هو الذي مكّن إسرائيل من اعتراض عدد كبير من المسيّرات والصواريخ الموجّهة.

واللافت هنا، أن مذيع "مكان" العبري طرح سؤالاً على نائب رئيس "الشاباك"، يسرائيل حسون، مفاده: هل تقبل إسرائيل أن تُهاجَم دون رد؟

فسارع حسون بالرد عليه: "وما المشكلة أن لا ترد إسرائيل؟، إسرائيل قوية، ويجب أن لا يكون ردها بناء على الإيغو والكبرياء، بل التفكير لثلاثين عاماً إلى الأمام، بما يبني قوتنا ويعزز قدراتنا في سبيل استقرارنا". وتابع: "هذه الأمور لا تُناقش في مقال بصحيفة، ولا تحليل في برنامج تلفزيوني"، منوها الى أنّ الأسئلة المهمة: هل تحتاج المنطقة إلى الحرب؟، هل هي ضرورية؟، وما المطلوب لمواجهة الخطر؟

وحاول يسرائيل حسون أن يجمل "إنجازات ضمنية" للهجوم الإيراني، منها أن الهجوم أثبت أن "هناك مجموعة في المنطقة تتفق على أن إيران تشكل خطرا"، على حد قوله.

تداعياته على الجبهات
أما مراسل التلفزيون الإسرائيلي على الجبهة الشمالية فقد تساءل عن انعكاسات الرد الإيراني على القتال الدائر في جبهة لبنان الجنوبية، مرجحاً أن الجيش الإسرائيلي سيقدم على تغييرات تكتيكية بالمواجهة، دون أن يحدد ماهيتها. ويبدو أن مقاله المراسل ليس نابعاً من تحليل، بقدر ما أنه استنتاج توصل إليه من خلال حديثه مع مصدر أمني ما.

بكل الأحوال، تدرك إسرائيل أن هجوم إيران قد شكّل مواجهة مباشرة مع دولة أخرى لم تشهدها إسرائيل منذ حرب الخليج مطلع تسعينيات القرن الماضي، أي حينما أطلق الجيش العراقي في عهد الرئيس الأسبق صدام حسين صواريخ سكود على إسرائيل. وقد طلبت الولايات المتحدة من تل أبيب حينها، أي قبل أكثر من 3 عقود، بأن لا ترد، وأن تتولى واشنطن مهمة الرد. 

حوار مباشر.. بالنار
وربما هذا ما دفع صحافيين إسرائيليين متخصصين بالشأن العسكري إلى الاستنتاج بأن الهجوم يدل على أن "الشرق الأوسط قد تغير"، ودلّوا على ذلك بالتأكيد أن إسرائيل وإيران تتحاوران مباشرة بالنار، والصواريخ والمسيّرات، لفرض قواعد مواجهة جديدة .. ففي حين، أرادت تل أبيب أن تقول لإيران من خلال قصف قنصليتها في دمشق واغتيال قائد حرسها الثوري في لبنان وسوريا، أن لا خطوط حمر بالنسبة لها، وأنها غيرت معادلة "الردع"،  جاء الهجوم الإيراني ليخبر تل أبيب: "أنا مَن يغير قواعد الاشتباك، فأي ضربة إسرائيلية من الآن فصاعداً، ستُقابل بردنا الحاسم". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها