الإثنين 2022/08/01

آخر تحديث: 19:14 (بيروت)

آنساتي سيداتي.. أنا هنا من أجل الشبان

الإثنين 2022/08/01
آنساتي سيداتي.. أنا هنا من أجل الشبان
لا بد لامرأة جالسة قربي أن تصدر الأمر فجأة: "يللا قومي نفوت عالحمّام" (اللوحة: كاثي أوزبورن)
increase حجم الخط decrease
كلما صودف جلوسي قرب امرأة، في مناسبة ما، أقرأ المعوذتين وآية السدّ. حتى لو كنتُ على معرفة مسبقة بالمرأة، أو إن كانت صديقتي التي رافقتني إلى هذه المناسبة. أعرف سلفًا ما ينتظرني ولا أريده. فتراني أقوم بمسح بصريٍّ سريع لأجد مكانًا بين شابّين على الأقل، ويُفضَّل وجود مساحة أمان كافية تفصل بيني وبين أي امرأة من كل الجهات، الجهة المقابلة لي أيضًا لأن الطاولة التي ربما تفصل بيننا لن تكون كافية لإبعاد الواقعة عني.

امرأة قربي أو مقابلي، يعني أنها ستستحضر وبلا داعٍ، مناسبة للهمس والكلام، مناسبة للتواصل يبرره فقط أنها امرأة مثلي وبيننا رابط يجب إثباته بالمحادثات الصغيرة، وإن مفتعلة. وستطلب مني في أي لحظة أن أرافقها إلى الحمّام. بالأحرى هي لن تطلب، بل ستصدر الأمر: "يللا قومي نفوت عالحمّام"، كأنه موعد وقد حان، موعد لأمر عالمي، كَوني ومُتفق عليه وتعرفه وتلبّيه كل نساء الأرض. لكني لا أريد استخدام الحمّام الآن! أفرغتُ مبولتي قبل خروجي من المنزل، ولا أريد التحقق من بقايا أحمر الشفاه، والأرجح أن شكلي لم يتغير منذ ألقيت آخر نظرة على المرآة، ولم أنحف بعد، فلماذا تريدين مني مرافقتك إلى الحمّام؟ وبالرغم من توقعي الدائم لسماع أمر الدخول إلى الحمّام، لكن يحدث أن تباغتني به إحداهن واضطر في أحيان قليلة أن ألبّي أمرها.

حسناً، ها قد دخلنا الحمّام، ماذا بعد؟ حينها أشعر أنني دخلت نادياً سرّياً، عضواته لهن لغة مشفّرة خاصة بهن: نادي النساء اللواتي يدخلن الحمّام معاً في المناسبات العامة. ما يحصل في الحمّام، يبقى في الحمّام. نميمة الحمّامات تحصر بين عضوات النادي، حتى الغريبات عن بعضهن البعض. إن كنتِ مع صديقتك في الحمّام، وسمعتِ إحداهن تفصح لصديقتها عن سر ما – وعلى الأغلب ستسمعين لأنه لا همس في الحمّام - فأنت وكل من سمعن أيضاً، ستصبحن مؤتمنات على السر خارج الحمّام، فلا غرباء في الحمّام. الحمام هو أرض الـbesties. بمجرد دخولكن الحمّام، فقد تعاهدتنّ بأحمر الشفاه على كتم ما تم البوح به وسماعه من أي أحد، وإن عَرَضاً.

العلاقة بعد خروجي من الحمّام لن تبقى كما كانت قبل دخوله، ستصبح أمتن. سأُعامَل على أنني عضوة في النادي، ولن أتمكن من التملص من تلبية أمر المرافقة في المستقبل، بل سيُنتظر مني أن أقوم أنا بالدعوة: "يللا قومي نفوت عالحمّام".

بعد خلوة الحمّام، سأتوقع أن تشدني المرأة أو الصديقة المجاورة أو المقابلة لي، في أي لحظة، لتهمس في أذني عن شيء ما، أو لتشير لي بأن أنظر في اتجاه أمر أو شخص ما، في حين أني لا أريد أن أُبلَّغ من أحد إن كان هناك مَن ينظر إليّ، أو إن كان هناك مَن سأرغب في النظر إليه. سنصبح شركاء، هذا ما سيكون المتوقع مني، منذ دخولي الحمام، وإلى الأبد. أنا شريكة، خلص، قُضي الأمر، قُضي عليّ.

لكني لا أريد شريكة لي. أنا وحدي لا شريكة لي.

غالباً، أنا خارج هذا النادي. جسمي ووجهي يصدران، نيابةً عني، كل الإشارات التي تُبعد دعوة الإنضمام هذه. لا أمتلك المهارات والإكسسوارات المطلوبة للإنضمام. ولو حدث وانضممت، كنت سأُطرَد منه بعد فترة وجيزة. سينتبهن إلى أنني لا أمانع إخراج مرآة صغيرة لإضافة أحمر الشفاه في العلن، هذا طبعاً في حال قررتُ إضافة ما زال منه، وفي حال كانت معي مرآة صغيرة أصلاً. وإذا تبعثر شعري، فلن أهتمّ بتعديل تسريحته. وسينتبهن إلى أنني سأقول أمام الجميع ما يُحببنَ هنّ قوله في الحمّام.

أنا هنا لأجل الجلوس بين شابَّين، والنظر إلى شاب ثالث، والرقص مع رابع، والمغادرة ربما مع آخر. هذا كل القصد من خروجي من منزلي في الأساس.
Ladies, I am here for the boys
وسأذهب إلى الحمّام فقط حين أشعر بحاجة للتبول أو التقيؤ، وفي هذه الحال لا داعي لاصطحاب أحد معي، على الأقل ليس أحداً من بنات جنسي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها