الأحد 2022/07/03

آخر تحديث: 15:38 (بيروت)

إسرائيل تقرأ في مُسيّرات"حزب الله":أكثر من هدف سياسي

الأحد 2022/07/03
إسرائيل تقرأ في مُسيّرات"حزب الله":أكثر من هدف سياسي
increase حجم الخط decrease
اتفقت معالجات الإعلام العبري لواقعة إطلاق "حزب الله" لثلاث مُسيّرات تجاه منشأة الغاز "كاريش" في البحر المتوسط، قبل أن يسقطها جيش الإحتلال عصر السبت، على توظيفها لخدمة دعاية مزدوجة بشأن نجاحٍ إسرائيل عسكرياً وسياسياً في التعامل مع "الخطر" المتطور. 
وطغى "النجاح العسكري" على ما تضمنته نشرات الأخبار في محطات التلفزة الإسرائيلية المختلفة، مروراً بالتحليلات والمقالات التي غزت الصحف العبرية. فكان استعراض إسرائيل، بالصور، للحظات استهداف مُسيّرات حزب الله الثلاث دافعاً لتعزيز الترويج الإعلامي بأن الواقعة قد أثبتت قدرات اسرائيل على اعتراض أي محاولات للمسّ بمواقع الغاز بصفتها "ثروات إستراتيجية لإسرائيل"، وكذلك التنسيق العملياتي "المُحكم" بين سلاحي البحر والجو، حسب الإذاعة العبرية العامة. 

وذهبت الجولة الإخبارية الصباحية لإذاعة "مكان" إلى سرد بعض تفاصيل الواقعة، مشيرة إلى أن اجهزة الإنذار والمراقبة الإسرائيلية قد رصدت عند الساعة الثالثة بعد ظهر السبت، ثلاث طائرات مسيّرة لحزب الله، وهي من أنواع مختلفة، حيث تميزت هذه المُسيّرات بالتحليق على علو منخفض، وببطء، بغية تصعيب اكتشافها. 

لكن، بالرغم من ذلك، تم رصدها والتصدي لها، حيث أُسقطت إحداها بواسطة طائرة مقاتلة من طراز "أف-16"، فيما أسقطت الثانية والثالثة من قبل منظومة "باراك-8" الخاصة بسفينة صواريخ عائمة وسط البحر، حسب رواية الإحتلال. 

وفاخرت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، عبر إعلامها، بأنها المرة الأولى التي تُختبر فيها منظومة "باراك-8"، بشكل عمليّ، فنجحت في التصدي لخطر المُسيّرات. وأكدت إذاعة "مكان" أنه الإستخدام الأول لهذه المنظومة التي طُورت لتوفير الحماية للسفن والمواقع البحرية الإستراتيجية. 

لم تنسَ المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن تُبرر إسقاط المُسيرات في مواقع مختلفة بالمتوسط، وليس في مكان واحد، قائلة إنه "لإعتبارات أمنية ووقائية"، وفق الصحافي الإسرائيلي المختص بالشأن العسكري، إيال عاليما. 

وانتقالًا إلى "النجاح السياسي" المزعوم إسرائيلياً، فقد تطرق عاليما، في تحليل تلفزيوني، بالرغم من اختصاصه العسكري، إلى ذلك بقوله إن إطلاق حزب الله الطائرات المسيّرة الثلاثة "تنطوي على رسالة مزدوجة لكل من إسرائيل، وأيضاً الحكومة اللبنانية، على حدّ سواء". 

وهنا دقت إسرائيل أسفيناً بين اللبنانيين، لإظهار الأمر في سياق الضرر اللبناني أكثر من الإسرائيلي، وذلك عبر اتهام الدوائر العسكرية في تل أبيب لحزب الله بأنه يحاول من خلال هذه الممارسات أن يعرقل الإتصالات بشأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وخصوصاً الوساطة الأميركية المتصلة بها. وسّعت البروباغندا الإسرائيلية أن تعزز روايتها، من خلال الزعم بأن حزب الله استهدف بطائراته المسيرة حقل "كاريش"، رغم أنه "يقع خارج المنطقة المتنازع عليها مع لبنان".

وهُنا، ادعى الإعلام العبري أن إسرائيل حققت نجاحاً سياسياً، عبر الإثبات، إقليميا وعالمياً، قدرتها على حماية مواقع الغاز في المتوسط، مع إظهار تصرف حزب الله "تخريباً لمصالح الدولة اللبنانية، وإحباطاً لمساعي استغلال لبنان لحقوقه من الغاز".  

وقال الصحافي الإسرائيلي المتخصص بالشأن العربي، يعقوب عيزرا، في حديث إذاعي، إن ما وصفها "استفزازات حزب الله" تأتي بعد أسبوعين على مباحثات الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين مع مسؤولين لبنانيين بخصوص نزاع الحقوق البحرية. ودلّ عيزرا على التناقض بين مقاصد حزب الله وغايات الدولة اللبنانية في ما يتعلق بالنزاع وسبل حله، من خلال عرضه مقطعاً صوتياً لرئيس الحكومة اللبنانية المكلف نجيب ميقاتي، شدد فيه على "أن المعلومات الواردة عن ترسيم الحدود مشجعة، وبيروت بإنتظار رد إسرائيلي خطي ورسمي على العرض اللبناني". 

وزعم عيزرا، أيضاً، أن جهات سياسية لبنانية عديدة تدعو حزب الله إلى عدم اتخاذ أي خطوات من شأنها أن "تهدد الإتفاق المتبلور بين إسرائيل ولبنان بخصوص النزاع البحري". 

كما استثمرت إسرائيل إقرار حزب الله بإطلاق المسيّرات، الليلة الماضية، كدليل على "موثوقية" دعايتها، إذ اعتبر الصحافي الإسرائيلي أن "الحزب اعترف وأكد الرواية الإسرائيلية". لكن تل أبيب، وبالرغم من مفاخرتها بـ"نجاحها العسكري" في الموقعة، عادت لتُقر أن المسيّرات، وإن لم تكن مفخخة، فإنها يُمكن أن تسبب أضرارا لو اصطدمت بحقل "كاريش".. وهو ما دفع تل أبيب إلى المزج بين المفاخرة والقلق، في آن، أمام "تحدي الطائرات المُسيّرة"، خصوصاً وأنها عبرت عن استعدادها للتعامل مع مزيد من الحوادث من هذا النوع بالفترة القادمة. 

مدير معهد دراسات "الأمن القومي" الإسرائيلي (INSS)، تامير هيمان، وهو المدير السابق للإستخبارات العسكرية، خرج من إطار المفاخرة بالنجاح السياسي والعسكري، إلى تسليط الضوء على المعضلة التي واجهت صناع القرار في إسرائيل، بعد الحادثة، موضحاً، في تغريدته على موقع "تويتر"، أن ما جرى قد وضع إسرائيل أمام خيارات عديدة: إما توقف الأمر عند حدود ما جرى، من منطلق أنه لم يحدث ضرر، وهذا بحد ذاته "نجاح". أو أن يفتح الباب أمام المزيد من المحاولات المماثلة لحزب الله، وهذا يُمكن أن يؤدي إلى تصعيد في ظل حكومة إسرائيلية انتقالية. 

وبين رواية حزب الله القائلة إن مُسيّراته نجحت في أداء المهمة قبل إسقاطها، والرواية الإسرائيلية المتُغنية بالنجاح العسكري والسياسي، رأت صحيفة "هآرتس" أن اقتراب الطائرات بدون طيار، بشكل خطير، من منصة الغاز الإسرائيلية، كانت في مهمة تحذيرية أكثر من كونها هجومية. ولم تُهمل الصحيفة العبرية توظيف الواقعة اقتصاديا، حيث تجلى ذلك بالتغني الإسرائيلي بنجاح منظومة "باراك-8" في التصدي للمُسيّرات، مشيرة إلى أن "البحرية الإسرائيلية حققت نجاحها التشغيلي الأول مع هذا النظام، مما يثبت فعاليته، وهو أمر سيزيد اهتمام الدول الأخرى بشراء هذه الصواريخ".  

بدورها، رجحت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن إرسال حزب الله لثلاث طائرات مسيّرة باتجاه حقل "كاريش" في المتوسط، لهدفين، جاء في سياق الرد على غارة منسوبة لإسرائيل ضد هدف في ميناء طرطوس السوري، في وقت سابق السبت، بموازاة دافع آخر مرتبط بتحقيق "أهداف خاصة" للحزب في لبنان. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها