الأحد 2022/02/20

آخر تحديث: 14:33 (بيروت)

كارول سماحة:"فوضى"..تتحدى الملل والسلبية

الأحد 2022/02/20
كارول سماحة:"فوضى"..تتحدى الملل والسلبية
increase حجم الخط decrease


وسعت المغنية اللبنانية كارول سماحة مروحة مضامين أغنياتها من القضايا الاجتماعية والإنسانية، الى تلك المتصلة بالشأن العام. فالقضية الجوهرية التي تطرحها سماحة في أغنيتها الأخيرة "فوضى"، وأطلقتها قبل أيام، تقارب فيها المسألة السياسية بإطار حيوي، عبر توصيف السلوك السياسي بالمملّ، والدعوة إثره الى "تغيير الجو"، أي جوّ المشكلات المتكررة والطاقة السلبية التي تمدّها بها أخبار بلادٍ مأزومة. 

تعالج سماحة هذه "القضية" عبر فيديو كليب ينتقل من جلسةٍ يظهر على أنها لمجلس نواب. تتأفف خلالها المغنية من الفوضى الناتجة عن مناقشة مواضيع مكررة، وتنتقل منها إلى حفلةٍ راقصة ترتدي فيها سماحة زياً مبهرجاً، وتحتفي بأصدقائها "الحلوين والمهضومين"، وكأنها عبر الرقص مع مجموعةٍ من شباب "كوول" في مقتبل العمر، وجدت الحلّ السحري للسلبية التي تنغّص حياة الشعوب.   


هذه السلبية التي تتحدّث عنها سماحة وتدعو الى نبذها وكأنها خيار شخصي، هي تجسيد لأزماتٍ مستعصية كانهيار اقتصادي وانعدام القدرة على تأمين الحاجات الأساسية كالمأكل واضاءة المنازل والطرقات ناهيك عن اضاءة حفلات صاخبة. هي الأسباب نفسها التي دفعت سماحة الى البكاء لمدة خمسة أيام في آخر زيارة لها الى لبنان بسبب أوضاع البلد، بحسب ما قالته في حوار تلفزيوني حديث. أيضاً، من عوارض الفوضى الاجتماعية التي تهزأ بها سماحة في أغنيتها المصورة، تتمثل في إنتشار ثقافة عمليات التجميل التي "تجعل النساء بنفس الملامح"، وفق تعبيرها، وكأن مشرط طبيب التجميل وإبرته لم يمسّاها يوماً.


هي ليست المرة الأولى التي تعبّر فيها سماحة عن مواقفٍ متناقضة. فهي، أي سفيرة النوايا الحسنة التي تلقي خطباً في اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية وتجري تعديلات على النشيد الوطني لتضمنه كلمة نساء الى جانب رجال، هي في الوقت نفسه ضدّ مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة. ففي احدى المقابلات المتلفزة، صرّحت سماحة أنها ترفض "مناصرة" المرأة، أولاً لأن "فيمنست هي كلمة كبيرة"، وثانياً لأن الكثير من النساء "ما بتنطاق والرجل بيتحمل"، وثالثاً لأن النسوية تعني أن "تدفعي أقساط أولادك، وأن تدعي زوجك إلى المطعم وأن تدفعي الفاتورة، أي أن يصبح هناك مساواة بكل شيء". يا لها من مصيبة، فلنضع حداً لجموح النسوية ولنسحب منها انجازاتها (كحق المرأة في الانتخاب مثلاً؟) قبل أن تضطر كارول الى دفع الفاتورة! 

في المرة الوحيدة التي أقدمت سماحة على تناول احدى الموضوعات النسوية في أغنيتها "نعم أنا المطلقة" التي صدرت عام 2019، قدّمت المغنية خطاباً تقليدياً وإنفعالياً شديد الابتذال يكرّس النظرة الدونية للمطلقة، ويصوّرها على انها ضحية "حُكم عليها بالوحدة" كأنها "محطة انتظار يزورها الجميع لكن لا أحد فيها يبقى". وبدلاً من تحدّي تمجيد ثقافتنا العربية لعذرية المرأة، تستخدم سماحة لغة التمجيد نفسها للقول إنها، وإن لم تعد عذراء الجسد، "فالروح عذراءٌ". 
بمعزل عن طرحها الرديء لهذه القضية (أي الطلاق)، فإن ما تطالب به الأغنية لجهة إحترام المطلقات ورفض تسليعهن أو وصمهن بالعار، يندرج ضمن المطالب النسوية ومناصرة حقوق المرأة التي تتحاشى سماحة وسمها. حتى أنها أطلقت وسم "#مطلقة" في "تويتر"، نصرةً للمطلقات، وعيدتهنّ والأرامل في عيد الأم. إن كان كلّ ذلك ينمّ عن شيئاً فعن مزاجية وعشوائية غير مسؤولية في انتقاء القضايا ومعالجتها، وعن فهمها المتكاسل للنسوية والذي يجعلها غير قادرة حتى على تعريف مفهوم تدّعي معارضته وآخر تزعم مناصرته، بالرغم من أنهما الشيء نفسه. 

هذا الاستسهال في ابتداع المواقف والتعبير عنها نراه أيضاً في تفاعل المغنية مع جائحة كورونا، اذ غرّدت حول رفضها لتلقي اللقاح، متبنيةً نظريات مؤامراتية ترى أن "لقاح كورونا هو صفقة التاريخ، واللعبة أصبحت واضحة!" 

وكغيرها من الجموع التي اطلعت صدفةً على بعض المقالات والحملات المضللة والفاقدة للعلمية، إنقادت سماحة الى نقاشاتٍ حول خطورة اللقاحات لاحتوائها على مادة الزئبق، ضمن مزاعمٍ أخرى تمّ دحضها مراراً وتكراراً مثل تسبب اللقاحات بمرض التوحّد، داعيةً المنتقدين الى تثقيف أنفسهم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها