الإثنين 2021/05/31

آخر تحديث: 18:22 (بيروت)

سعد الحريري المخطوف الدائم

الإثنين 2021/05/31
سعد الحريري المخطوف الدائم
الحريري عند بري: لقاء الفرصة الأخيرة
increase حجم الخط decrease
يستطيع سعد الحريري ببساطة أن يزيح عن كاهله عبء تشكيل الحكومة، رمي الكرة في ملعب خصومه، والإعتذار. يعلم جيداً أن الحلول في البلد لن تكون سهلة أبداً، وأن ما يحاول حسان دياب تفاديه، من انفجار للأزمة الاجتماعية والاقتصادية، سينفجر في وجهه حين يشكل حكومته الجديدة. ويدرك أيضاً أن من يمنعه الآن من التشكيل، سوف لن يوقف حربه عليه بعد التأليف، بل سيعرقل كل مشروع سيتقدم به، ولن يكون لحكومته المقبلة سوى عنوان واحد: التحدي في أحسن الأحوال، أو الفشل. فلماذا يصر سعد الحريري على تأليف حكومة خصومه؟ هل لأنه مخطوف؟


تغيرت نظرة اللبنانيين إلى سعد الحريري منذ احتجازه/اختطافه في السعودية، قبل سنوات، وهو ما أعاد خلط الأوراق لإعادة النظر في العلاقات المفترض أنها متينة بينه وبين السعودية، وأصبحت علاقاته الدولية محل تشكيك. فمن المعروف أن رضى المملكة العربية السعودية أساسي لإيجاد حل للأزمة اللبنانية، هو ما يعجز الحريري عن نيله.

وكلما غادر سعد الحريري لبنان، وضع أنصاره أيديهم على قلوبهم مخافة أن يصيبه مكروه ما، ويتصدون للحملات بكل ما لديهم من معلومات أو لا-معلومات. أما خصومه، فيبدأون بطرح التساؤلات حول مكان احتجازه ولماذا. وكأنما التذكير بخطفه سابقاً هو نخرٌ مستمر في صورته، لا كضحية، بل كمحاولة للقول أنه ضعيف أو فاشل، ومسؤول عن فشله. حتى إن مغرّدي الممانعة والعونيين، راحوا اليوم ينشرون للحريري صوراً معدّلة بالفوتوشوب، تظهره حليق الرأس، وكأنما للانتقام لسمير صفير، ولتعميم الخزي الذي أصابهم، وللتخلص مما شعروا بأنه وصمة للتيار الحر وأبواقه. بل شارك في ذلك ممانعون، من غير الجمهور العوني، وُوضعت مع الصور المركبة عبارات شبيهة بما قاله سمير صفير من المطار من "شُكر للسعودية" و"عودته لوعيه". 

هذا جو طاغ في السوشال ميديا اللبنانية، وبسببه، على الأرجح، غرّد الحريري، قبل وصوله إلى بيروت، قائلاً "صباح الخير" لمتابعيه في "تويتر". حتى إن أحد الظرفاء قال إن الرئيس الحريري هو المسؤول الوحيد في لبنان، وربما في العالم، الذي، كلما سافر أو احتجب، عليه أن يثبت أنه ليس مخطوفاً لدى جهة ما... وهذه طبيعة الصراع الالكتروني الآن: تهشيم الصورة، والثأر للجِراح النرجسية، من الجهتين.
 

والحال، وإن تبيّن أن الحريري ليس مخطوفاً في الخارج، فلعله مخطوف في الداخل. فبعد تحالف الأشواك الذي أسسه مع التيار الوطني الحر وباقي أقطاب السلطة في حكومته الأخيرة، خسر الحريري أبرز حلفائه، وليد جنبلاط، سمير جعجع، وغيرهم. وجد الرجل نفسه وحيداً تماماً، ومع الأزمات التي تحيط به، سواء الاقتصادية، أو علاقاته بالسعودية وباقي الدول الخارجية. السحب من رصيده، ودخول أخيه بهاء وآخرين على خط المنافسة على الزعامة، جعلا أيضاً وصوله إلى رئاسة الحكومة مخرجاً قد يستطيع عبره أن يعيد ترتيب كل الأوراق.
 

الرئيس نبيه بري بات قلعة الحريري، كأنه حَبَس نفسه فيها طوعاً. وبري مُجتهد في رسم استراتيجية المواجهة مع التيار الوطني الحر. عند كل عقبة، نرى الحريري يشد الرحال إلى عين التينة بحثاً عن أرنب يخرجه بري من قبعته. يكاد أحد لا يدعم الحريري غيره، استمراره في تشكيل الحكومة أو اعتذاره عنها، يبدو الآن قراراً يصنعه الحريري في عين التينة، تماماً كما كان الأمر مع حسان دياب حين استقال من رئاسة الحكومة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها