الأحد 2021/01/24

آخر تحديث: 16:44 (بيروت)

"بنت مستشفى الجامعة": روح جديدة تكاد تهدرها سلطة الأخ

الأحد 2021/01/24
"بنت مستشفى الجامعة": روح جديدة تكاد تهدرها سلطة الأخ
increase حجم الخط decrease


سلوى، إسراء، أحلام، زهراء، حوراء (...) هي بضعة أسماء ضمن لائحةٍ طويلة من فتيات عربيات أزهقت أرواحهن على يد أشقائهن. اسم الضحية الجديدة قد تغير للأبد تحت وطأة الجريمة الوحشية التي شهدتها ليصبح "بنت مستشفى الجامعة" في الاردن، حيث ترقد في غيبوبة منذ شهر، إثر تعرضها للضرب والتعذيب من قبل شقيقها.

هزت هذه الجريمة الأردن وانتقلت اصداؤها الى سائر الدول العربية حيث تتشارك الكثيرات المصير نفسه، فهب العالم الإفتراضي إلى نجدتها عبر هاشتاغ "#بنت مستشفى الجامعة" و"زعران البيوت".

وفي تفاصيل الجريمة أن الطالبة العشرينية آية عظيمات، تعرضت للضرب من قبل شقيقها، كما ربطها بجنازير حديدية وحبسها في الحمام لأيام متتالية، وفق المعلومات المتدوالة. وعند محاولة إنقاذها من قبل الأم وشقيقتها، تعدى عليهما بالضرب أيضاً، ولم يتم اسعافها الا بعد توسلهما لها، فوافق على نقلها الى المستشفى شرط أن تدعي الأسرة بأن اصاباتها هي نتيجة سقوطها في الحمام.

بالطبع لم تكن رواية الوقوع في الحمام قابلة للتصديق بأي شكل من الأشكال، ذلك أن اصاباتها كانت متعددة، وأظهر الكشف الطبي أنها تعرضت لضرب شديد على الرأس والرئة ما أدى الى نزيف داخلي واستلزم اجراء عملية جراحية لمنع الموت الدماغي، وذلك وفق طبيبها المعالج. الا أن هذه التفاصيل المؤلمة لم تكن كافية لزج الجاني في السجن، اذ أفرجت عنه المحكمة بعد إحالته الى القضاء من قبل "إدارة حماية الأسرة".

ونتيجة تزايد الأصوات المنددة بهذه الجريمة، خصوصاً وأن المجرم لا يزال حراً طليقاً، وجدت مديرية الأمن العام الأردني نفسها مضطرة إلى اصدار بيان جاء فيه أن "قضية الاعتداء بالضرب الذي تعرضت له إحدى الفتيات من قبل شقيقها قد تعاملت معها إدارة حماية الأسرة وألقت القبض على شقيقها وأحالته للقضاء وللحاكم الإداري".
تعددت الروايات حول مجريات المحاكمة، فزعم بعض المغردين أن الجاني خرج بكفالة أبيه، في حين أشارت بعض المواقع الى أن المحكمة استبعدت عقوبة السجن. والمثير للسخرية هو تذرع القائمين على القضية بأنه ليس بيدهم حيلة لأن الفتاة لم تشتكِ شخصياً، وكأن غيبوبتها المتواصلة منذ شهر هي خيار شخصي فضلته على التوجه الى المخفر للتقدم بشكوى. 

ومع إلتفات الحيز الافتراضي الى هذه الحادثة، خرجت بعض النساء المعنفات عن صمتهن لسرد تجاربهن الخاصة مع العنف الأسري، فيما قامت نساء ومنظمات نسائية بصوغ مطالبهن المتمثلة بحماية إسراء وأخواتها، وإقامة محاكمة عادلة، وعدم الأخذ بأسباب إسقاط الحق الشخصي. كما ذهب بعض النشطاء إلى المطالبة بـ"#قانون_أردني_رادع" يضع حداً للعنف الأسري. 

كما فتح نقاش عن تغييرات تشريعية تلغي المادة المتعلقة بالعذر المخفف في جرائم الشرف، بالإضافة الى منع اسقاط الحق الشخصي في شتى قضايا العنف الأسرة، ذلك أن الضحية غالباً ما تتعرض للتهديد والضغط الأسري من أجل اسقاط حقها.

ولم يبخل هذا الخطاب الغاضب والمستنكر في تحميل المسؤولية لكل مشارك في هذه الجريمة وكل جريمة من هذا النوع؛ أي الجميع، بما في ذلك الدولة، المجتمع، والأسرة. الدولة بسبب تقاعسها عن حماية المرأة بقوة القانون والأجهزة الأمنية. والمجتمع بسبب توجهه الغالب الى مسامحة الجاني بل وتحريضه في معظم الحالات. أما الأسرة، فبسبب كونها معقل العنف ضد النساء وكاتم أصواتهن وأنينهن.

أعادت هذه الحادثة الى الأذهان قضية إسراء غريب، ابنة الـ21 عاماً الفلسطينية التي لقت حتفها أيضاً على يد أشقائها في العام 2019، ووصل بهم الأمر الى اللحاق بها الى المستشفى بهدف ضربها. وشهدت على الجريمة تسجيلات صوتية وثقت إستغاثات إسراء وأنينها في المستشفى. أوجه التشابه بين الجريمتين واضحة حتى أن بعض المواقع كتبت "إسراء غريب تعود". ففي ظل الوصاية والسلطة المطلقة التي يمنحها المجتمع للرجل، بما في ذلك سلطة الأخ على أخته، وأحياناً أمه، لن تنفك اسراء غريب تعود تحت أسماء وجنسيات ووجوه جديدة. 

وفي هذا السياق، انتشر وسم "زعران البيوت" الذي يعد بمثابة اعتراف بأن المكان الأخطر بالنسبة للمرأة ليس الشارع المظلم أو المرآب المقفر، بل البيت. ذلك المكان الذي يترادف مع مفاهيم الأمن والأمان لكنه الأكثر وحشية في شهادات وروايات نساء كثيرات. شهادات يأتي بعضها محفوراً على جثث تحمل آثار التنكيل المستمر بالمرأة، في حياتها وفي مماتها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها