السبت 2020/08/22

آخر تحديث: 15:15 (بيروت)

"لقاح بوتين": سبوتنيك 2020.. والمتطوعة ليست ابنته؟!

السبت 2020/08/22
"لقاح بوتين": سبوتنيك 2020.. والمتطوعة ليست ابنته؟!
من الصور الأكثر تداولاً احتفاءً باللقاح الروسي المزعوم ضد "كوفيد19"
increase حجم الخط decrease
لم يؤدّ الإعلان عن أن روسيا تمضي قدماً في العمل بلقاحها المطور محلياً ضد كوفيد-19، إلى مخاوف دولية بشأن مدى سلامة اللقاح فحسب، بل ولّد أيضاً كمّاً هائلاً من المعلومات المضللة والسخرية في منصات وسائل التواصل الاجتماعي.


ونشر فريق تقصي الحقائق في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، تقريراً موسعاً استعرض فيه أبرز المعلومات المضللة التي انتشرت بالتوازي مع الكشف عن اللقاح المزعوم. وكان لافتاً وجود العديد من الميمز (لشعارات والأفكار والصور الساخرة المنتشرة في الإنترنت بسرعة كبيرة) حول إعلان روسيا إطلاق لقاحها ضد وباء كوفيد-19، وتم تداول تلك المنشورات بلغات عديدة.

وأظهر البعض منها، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في صورة بطل خارق ينقذ العالم على غرار شخصيتي سبايدرمان والرجل الحديدي الخياليتين. ومن أشهر الصور التي تم تداولها: صورة بوتين وهو يركب دباً ويحمل حقنة عملاقة على ظهره. وزعم المنشور الأصلي أن بوتين نفسه هو من نشر الصورة. وهو زعم غير صحيح.

وظهر منشور آخر انتشر على نطاق واسع، للاحتفال بإعلان اللقاح الروسي في صفحة فايسبوكية تدعم بوتين، وتمت مشاركته أكثر من 200 ألف مرة. لكنه في الواقع، ليس حساب الرئيس الروسي الرسمي، الذي يُعتقد أنه يتجنب التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي.

ومن الواضح أن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين علقوا على المنشور بلغات عديدة يعتقدون أنه حسابه الشخصي. ويقارن المنشور الذي انتشر على نطاق واسع، بين أول قمر اصطناعي سوفياتي "الذي مهدّ الطريق للإنسانية للوصول إلى الفضاء"، باللقاح الروسي الذي "سيمهد الطريق لمستقبل بلا كوفيد 19 وأقنعة وعزلة اجتماعية"، حسبما جاء في المنشور.

وفيما زعم منشور آخر، أثبت شعبيته أيضاً في "فايسبوك"، أن روسيا "أنقذت العالم مراراً باللقاحات التي صنعتها"، تتزايد المخاوف الدولية من احتمال أن إسراع الروس في إنتاج اللقاح جاء على حساب مواصفات السلامة والأمان فيه، الأمر الذي دعا منظمة الصحة العالمية إلى حض روسيا على اتباع المعايير والإرشادات الدولية في هذا الصدد.

وعلقت دورا فارغا، المؤرخة والخبيرة في مكافحة الأمراض في حقبة الحرب الباردة: "هذه مبالغة كبيرة". إذ يتحدث المنشور عن أن لقاحات عديدة "اخترعت" في روسيا، من بينها لقاحات ضد أمراض الكوليرا وشلل الأطفال. لكن الحقيقة هي أن العالم الفرنسي لويس باستور، هو الذي اكتشف أول لقاح ضد الكوليرا. وفي وقت لاحق من العام 1885، طوّر الطبيب الإسباني خايمي فيران، للمرة الأولى، لقاحاً يحصن البشر ضد وباء الكوليرا. وفي العام 1955، طور عالم الفيروسات الأميركي، جوناس سولك، أول لقاح فعال ضد شلل الأطفال.

وبعد فترة وجيزة في حقبة الحرب الباردة، تم تطوير أول لقاح ضد شلل الأطفال يعطى من طريق الفم، والذي مازال يستخدم إلى يومنا هذا للقضاء على المرض في أنحاء العالم. وتم اعتباره إبداعاً أميركياً وروسياً (سوفياتياً). وأكملت فارغا، بأنه يجب أن يُنظر إليه على أنه جهد مشترك بين الأميركي الدكتور ألبرت سابين، والعالم الروسي ميخائيل تشوماكوف.

وفي ما يخص تعاطي وسائل الإعلام الروسية مع أخبار اللقاح، كتبت أولغا روبنسون من فريق "بي بي سي" لتقصي الحقائق: "قُدمت أخبار إنتاج لقاح محلياً في وسائل الإعلام الحكومية الروسية على أنها خرق وتقدم كبير في مجال مكافحة فيروس كورونا".

وسلطت التقارير التي بُثّت عبر التلفزيون الرسمي الروسي، الضوء على ما وصفته بسلامة "الاختراع الروسي" وركزت على تعليقات تشبّه هذا الإنجاز بوضع الاتحاد السوفياتي أول قمر اصطناعي "سبوتنيك" في مداره في الفضاء. كما أشارت القنوات التلفزيونية الحكومية إلى شكوك دول الغرب في عدم وجود اختبارات كافية لفعالية وسلامة اللقاح. لكنها سرعان ما رفضت هذه المخاوف ووصمتها بأنها "غيرة" و"هجمات إعلامية" على روسيا.

وتذكّر التقارير المتفائلة، هذا الأسبوع، بتغطية الكرملين الإعلامية للقاح إيبولا الروسي في أوائل العام 2016. وبعد ذلك، قدم التلفزيون الحكومي تسجيل اللقاح في روسيا، على أنه انتصار للعلوم الصيدلانية الروسية، مؤكداً أنه "أكثر فعالية بأضعاف" من أي لقاح أجنبي، لكن من دون تقديم أي دليل.

وبالعودة إلى الأخبار الكاذبة، نسب أحد المنشورات الإيطالية اقتباساً مثيراً للجدل للرئيس بوتين، لكن لا يبدو أن هناك وسائل إعلام أخرى تداولته، بما في ذلك القنوات الروسية. وتقول الصورة التي ضمت التعليق وتم الإعجاب بها والتعليق عليها ومشاركتها أكثر من 35 ألف مرة في "فايسبوك": "طلبت منا شركات الأدوية تأجيل إطلاق اللقاح! الأمر لا يتعلق بالاقتصاد، فروسيا لا تفكر في المال عندما يتعلق الأمر بأرواح الملايين من الناس".

وربما يكون الاقتباس عبارة عن ترجمة خاطئة لمنشور مماثل من صفحة المعجبين ببوتين، حيث يحتوي أحد منشوراتها على الانتقادات نفسها لشركات الأدوية والثناء على القيم الروسية. ويُظهر المنشوران انتقادات لخطط روسيا إقرار استعمال اللقاح مبكراً، بوصفها مدفوعة من شركات الأدوية المتعطشة للأرباح. ويتجاهل ذلك أكبر المخاوف الأكبر التي أبداها العلماء بشأن الطرح المبكر للقاح الروسي، المتعلقة بنقص النتائج المنشورة عن التجارب الروسية للقاح حتى الآن، بما في ذلك البيانات المتعلقة بالسلامة.

واختارت منشورات أخرى التركيز على ابنة الرئيس بوتين، التي قيل أنها طُعّمت باللقاح. لكن بوتين لم يحدد أي واحدة من بناته تلقت اللقاح، وقال أن الآثار الجانبية الوحيدة التي عانتها هي ارتفاع طفيف في درجة الحرارة لفترة وجيزة.

وتم تداول مقطع فيديو في الهند مرفقاً بمزاعم، ويُظهر ابنة الرئيس بوتين وهي تتلقى اللقاح. والواقع، أن اللقطات هي كانت لإحدى المشاركات في تجربة اللقاح الروسية، وقد عُرّفت في التغطية الإعلامية الروسية بأنها طالبة في أكاديمية طبية عسكرية وليست ابنة الرئيس بوتين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها