الإثنين 2020/06/08

آخر تحديث: 15:02 (بيروت)

معارضة وموالاة: ثورة الجياع في السويداء.. لا تستحق التعاطف؟!

الإثنين 2020/06/08
معارضة وموالاة: ثورة الجياع في السويداء.. لا تستحق التعاطف؟!
الصورة الأكثر تداولاً للاحتجاجات في السويداء (تويتر)
increase حجم الخط decrease
في كانون الثاني/يناير الماضي، كانت وكالة "سانا" الرسمية أول من نقل صور المظاهرة، النادرة حينها، في محافظة السويداء، والتي طالب فيها المحتجون بتحسين الواقع المعيشي مع شعارات "بدنا نعيش"، لكن صوت الإعلام الرسمي، المنشغل منذ نحو أسبوع بتغطية الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في الولايات المتحدة، غاب تماماً عن التظاهرات الجديدة التي خرجت في السويداء ومدن سورية أخرى، الأحد والاثنين، ارتفعت فيها شعارات مماثلة لشعارات ثورة العام 2011.

ووصفت وسائل إعلام شبه رسمية، التظاهرات التي خرجت الاثنين، بأنها مظاهرات محدودة، بسبب الخلط الذي حصل في اليوم السابق بين الاحتجاج لأسباب معيشية والاحتجاج لأسباب سياسية، مع القول أن "الدعوات الأولى للتظاهر كانت لأسباب اقتصادية ومعيشية، إلا أن المظاهرة شهدت استعارة لشعارات احتجاجات المعارضة بعد 2011".


وبهذه المقاربة المضللة، يروج الإعلام الموالي للنظام، لفكرة المندسين مثلما كان عليه الحال قبل تسع سنوات. فالمتظاهرون وفق هذه الرؤية، موالون للنظام لكنهم يريدون الإصلاح ومكافحة الفساد، وهو ما تقوم به "الدولة السورية" أصلاً، لكن المندسين يقومون بخداعهم وتحويل مطالبهم إلى مطالب سياسية "دنيئة".

وبالطبع، تضم هذه النوعية من الخطاب، عنصراً خارجياً يقوم بإملاء الأوامر، حيث وصفت صفحات موالية للنظام وشخصيات من الإعلام الرسمي، في مواقع التواصل، المتظاهرين في السويداء بأنهم "زعران وليد جنبلاط"، في إشارة للسياسي اللبناني المنتمي للطائفة الدرزية التي تشكل الأغلبية في محافظة السويداء. كما تمت الإشارة للصحافية البارزة إليزابيث تسوركوف، التي تغطي شؤون الشرق الأوسط لعدد من أكبر وسائل الإعلام المرموقة مثل مجلة "فورين بوليسي"، على أنها "ناشطة إسرائيلية" تملي الأوامر على المتظاهرين!



بموازاة ذلك، يمكن ملاحظة وجود نوع من الاختلاف بين المعارضين للنظام في نظرتهم للمظاهرات في السويداء، وإن كانت ثورة جياع لا تستحق التعاطف معها أو ثورة تشكل امتداداً لثورة الكرامة الأولى، علماً أن هذا الجدل العقيم كان حاضراً بشكل أقوى في التظاهرات التي شهدتها المحافظة مطلع العام، مقارنة به اليوم، وربما يعود ذلك للشعارات السياسية التي رفعها المتظاهرون، وتحيتهم للثورة السورية ورموزها، مثل عبد الباسط الساروت.

وكانت هنالك محاولات في السوشيال ميديا لتفسير التظاهرات في هذا التوقيت، وربطها بقانون قيصر الذي يفرض عقوبات جديدة على نظام الأسد، رغم أن القانون لم يدخل بعد حيز التنفيذ. وكان لافتاً إصرار بعض المعارضين للنظام تحديداً، على رفض القانون وتحميله مسؤولية جوع الشعب السوري، تماماً كخطاب الإعلام الرسمي بهذا الخصوص، وتفسير هذا الموقف بأن العقوبات لا تسهم في تغيير الأنظمة بل تزيد من تعنتها كما يثبت التاريخ في كل من إيران وكوبا وفنزويلا على سبيل المثال.

ورأى آخرون أنه من المبكر الجزم بفعالية قانون قيصر في هذا التوقيت، خصوصاً أن الجوع والفقر ينتشران في سوريا منذ فترة ليست بقصيرة، حيث تشير إحصائيات نشرتها صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، مطلع العام، إلى أن الحرب المستمرة قضت على الطبقة المتوسطة، وتوسعت الثغرة القائمة أصلاً، بين الفقير والغني داخل سوريا، وباتت نسبة 80% من السكان، على الأقل، تعيش تحت خط الفقر، بموازاة تركز الثروة في أيدي عدد من الشخصيات التي تملك الثروة في البلاد، وتقدم الدعم المالي للنظام، وتسهم في بقائه في الحكم، بأساليب أسهمت في انهيار ما تبقى من اقتصاد البلاد، والذي لم يعد سوى هيكل عظمي عما كان قبل الحرب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها