الجمعة 2020/05/29

آخر تحديث: 16:27 (بيروت)

كيف ينظر موالو الأسد لصراع ترامب مع "تويتر"؟

الجمعة 2020/05/29
كيف ينظر موالو الأسد لصراع ترامب مع "تويتر"؟
increase حجم الخط decrease
حرية التعبير في سوريا الأسد أكبر من تلك الموجودة في الولايات المتحدة، هي النتيجة العجيبة التي توصل إليها موالو النظام السوري في رؤيتهم للصراع الناشئ بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وشركات السوشيال ميديا الكبرى، والذي وصل حد توقيع أمر تنفيذي يفتح الباب أمام وضع قواعد جديدة لعمل هذه الشركات العملاقة، ويسمح بمحاسبتها على المحتوى الذي ينشر عليها.


وانتشرت مقاربة من جمهور الممانعة عموماً، في "فايسبوك" وتويتر" تقول أن "الدولة السورية" رغم الحرب الكونية ضدها لم تحجب مواقع التواصل، بعكس ما يحصل في الولايات المتحدة، علماً أن البلاد حصلت على 17 نقطة من أصل 100 نقطة ضمن مؤشر حريات الأنترنت الصادر عن منظمة "فريدوم هاوس"، كما تقبع في المركز 174 من أصل 180 دولة على مقياس حرية الصحافة الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود".

على سبيل المثال، كتب الإعلامي مضر إبراهيم، مدير قسم الإعلام الإلكتروني في قناة "الإخبارية" الرسمية، في صفحته في "فايسبوك": "عشر سنين حرب خشنة وناعمة، ولم يقل أصغر مسؤول سوري أننا سنحجب وسائل التواصل. أمس قالها رئيس الدولة العظمى التي تتحكم في 95% من تلك الوسائل وبمفاتيح الانترنت في العالم. إنها الأفعى التي بدأت تلدغ نفسها، والفوضى التي انفلتت من كل عقال وطاولت حتى صنّاعها ورعاتها".



وبالطبع لا يمكن سوى الضحك والقهقهة أمام هذه المقاربات الكوميدية. فالنظام يحجب عشرات المواقع المعارضة، ومن بينها موقع "المدن"، ويقوم من حين إلى آخر برفع الحجب وإعادته على مواقع أخرى مثل موسوعة "ويكيبيديا" ومدونات "ووردبرس".

ورغم أن النظام رفع الحجب عن مواقع التواصل العام 2011، بعدما كانت محجوبة في البلاد، لكنه يمارس رقابة واسعة عليها، ويعتقل كل من يكتب كلمة "مسيئة" بحقه في مناطق سيطرته، وشمل ذلك اعتقال ناشطين وصحافيين موالين خلال السنوات الأخيرة، كما أن وسائل الإعلام الرسمية والمحليين الموالين يعتبرون مواقع التواصل "شريكة وأداة" في الحرب على سوريا، حسب وصفهم.

وعبر فرض السلطات السورية أيضاً نظام باقات الأنترنت في البلاد، في شباط/فبراير الماضي، فإن النظام بات يفرض حجباً غير مباشر على الإنترنت، ويعني ذلك أن المستخدم سيتمكن من الحصول على إنترنت يكفيه لتصفح بعض المواقع الأساسية والسوشيال ميديا، لكنه سيكون في خوف دائم من تجاوز حد الاستهلاك بسبب العامل الاقتصادي والفاتورة التي ستنتظره. وبالتالي سيفرض رقابة ذاتية على نفسه عن مشاهدة مقاطع الفيديو مثلاً، أو تصفح مواقع "غير مرغوبة من قبل النظام"، والتي قد تُفرض عليها بعض القيود التقنية التي تجعل تصفحها ثقيلاً وبطيئاً ما يزيد في الاستهلاك بالضرورة، من دون أن تضطر سلطات النظام لاستعمال الحجب بمعناه التقليدي المعروف قبل العام 2011.

وتجب الإشارة إلى أن النظام فرض منذ العام 2017 قيوداً على المكالمات الصوتية ومكالمات الفيديو عبر تطبيقات المراسلة الفورية ومواقع التواصل الاجتماعي، ورغم عدم حجب التطبيقات الأساسية، إلا أنه بات من الصعب إجراء مكالمات عبر "واتس آب" أو حتى "ماسنجر" التابع لشركة "فايسبوك" من دون استخدام برامج "بروكسي" وخدمات الشبكات الافتراضية البديلة "VPN".

ويعاني الإنترنت في سوريا ضعفاً ملحوظاً منذ بداية تشغيل المخدمات، ويضطر المستخدمون للانتظار فترات طويلة لتحميل مقطع فيديو صغير مثلاً. ويعزو مسؤولو النظام سوء الخدمة في البلاد، أحياناً لقصص خيالية، كأسماك القرش في البحر المتوسط، التي تتسبب بالانقطاعات المستمرة في الخدمة. ويعود ضعف الانترنت فعلياً لأسباب تقنية متعلقة بسوء البنية التحتية الخاصة بالشبكة، وأخرى سياسية عندما يرى النظام حاجة في خنق المساحة الضئيلة للتعبير التي توفرها مواقع التواصل الاجتماعي.

ومن المثير للاهتمام أن عداء النظام السوري للإنترنت قديم، فرغم أن الإنترنت دخل البلاد في أواخر التسعينيات إلا أن الوصول إليه كان مقتصراً على الهيئات الحكومية، وحتى العام 1999 لم يكن يسمح للمواطنين السوريين الاشتراك بالإنترنت، وهو ما ذكرته منظمة "هيومان رايتس ووتش" حينها في تقرير خاص بالإنترنت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتقدر وزارة الاتصالات السورية عدد مستخدمي الإنترنت في سوريا بنحو من 8 ملايين مستخدم فقط من خلال بوابات "ADSL" ولا يشمل هذا الرقم مستخدمي الإنترنت عن طريق الخطوط الخليوية باهظة التكلفة.

وتشير معطيات وزارة الاتصالات إلى أن تطبيق "واتس اب" وموقع "فايسبوك" هما الأكثر استخداماً لتبادل المعلومات في سوريا، مقارنة مع التطبيقات الأخرى مثل "يوتيوب" و"تويتر"، كما يكشف تحليل الحزمة الدولية لمستخدمي الإنترنت أن 70% من المستخدمين يعتمدون على تطبيقات التواصل الاجتماعي، علماً أن النظام حجب المواقع الإباحية في البلاد العام 2018 بحجة "حماية المجتمع".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها