الخميس 2020/02/06

آخر تحديث: 19:15 (بيروت)

رائد خوري يتبرأ

الخميس 2020/02/06
رائد خوري يتبرأ
increase حجم الخط decrease
الشرخ الذي أحدثته الانتفاضة في صفوف المنظومة الحزبية الواحدة، ليس تفصيلاً عابراً في المشهد السياسي اللبناني الذي أظهر في بدايات الثورة، تماسكًا في صفوف كل منظومة سياسية على حدة، وسرعان ما انكسر ذلك، لا سيما في تغريدات الوزير الأسبق رائد خوري.


فما قاله خوري، عملياً، هو تبرؤ من المجموعة. بدا محاولة للنفاذ بالنفس من تُهم عامة تطاول الجميع وتضعهم في سلة واحدة. حاول التأكيد أنه ليس جزءاً من كل. يتمايز عنهم، وله بصمته. وهي دعوة مبطنة لجميع السياسيين ليظهر كل منهم خصوصيته وتمايزه، ويعلن إنجازاته، وينفذ بنفسه من المجموعة على قاعدة "أنا غير" و"اللهم نفسي".

وما كان هذا الخيار ليتخذ لولا أن الإحراج بدأ يدق أبواب كل السياسيين الذين يجدون المتظاهرين في انتظارهم في الأماكن العامة، كلما خرجوا من منازلهم ومكاتبهم. برأيهم، كانت المواجهة مستحيلة عندما كان نوح الانتفاضة مرتفعاً جداً. ولدى انحساره سياسياً، إثر تشكيل الحكومة، خرج الجميع لاستعادة "الحياة الطبيعية"، فوجد المتظاهرين يعقدون محاكمة علنية له، في الشارع، بوصفه جزءاً من منظومة فاسدة أو شريكاً لها أو ساكتاً عنها.

هذا الإحراج، هو ما دفع الوزير خوري لتوضيح موقفه. فهو لا يعتبر نفسه شريكاً في المنظومة، او متورطًا في الفساد، ولو أنه كان جزءاً من حكومة أحيطت بشبهات عدم شفافية على الأقل. فلجأ إلى الدفاع عن نفسه بقصد تبرئتها. لكنه في الواقع، ترك فريقه السياسي في مواجهة التهم التي يرى نفسه بريئاً منها. في ذلك، انشق عن المجموعة. صنع لنفسه مكانًا متمايزاً عنها.

في خطابه، لم يستخدم وسيلة إعلام المجموعة لنفي تهمة الذوبان فيها، وهي في هذا الموقف قناة "او تي في" او منصات اعلامية أخرى للتيار الوطني الحر. استخدم أداة الاتصال الشخصي. الفيديو الممكن بثه في منصات مواقع التواصل الاجتماعي، أو مشاركته في مجموعات "واتساب" الذي يعتبر، في الاعلام الحديث، أداة اتصال شخصية بما يتخطى كونها وسيلة اعلام عامة. تصل الى هاتف كل شخص، بشكل منفرد، ما يمنحها انطباع التخاطب الشخصي. وعليه، حاول خوري إيصال صورته، كوزير حقق إنجازات ولم يدخل شريكًا في منظومة الفساد، الى كل فرد لبناني، بمعزل عن حاضنته السياسية.

والحال ان خوري لم يلجأ الى تبرئة الجماعة او الدفاع عنها، فهو تحدث بـ"الأنا" وليس بالـ"نحن" كما النائب زياد أسود مثلاً. هذا الشقاق، يمثل واحداً من إنجازات الثورة. بل من إنجازات استراتيجية ملاحقة السياسيين في الحيز العام بغرض دفعهم الى خارجه.

فالملاحقة الى المكان العام، مثلت محاكمة علنية لمحاسبة السياسين. تعقد في الشارع والمطعم طالما أن المحاكمة في القضاء باتت متعذرة أو متأخرة أو تعرقلها مواد قانونية يجب تعديلها، حسبما قال النائب حسن فضل الله في مؤتمر صحافي عقده أمس الأربعاء. حين يتأخر القضاء، يتحرك الناس. فالشارع بديل من قاعات المحاكم الى حين توافرها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها