السبت 2020/01/04

آخر تحديث: 19:30 (بيروت)

هكذا تنبّأ نتنياهو بمخطط قتل سليماني

السبت 2020/01/04
هكذا تنبّأ نتنياهو بمخطط قتل سليماني
برزت العلاقة التكاملية بين الموساد والإعلاميين الإسرائيليين المختصين بالمسائل الأمنية
increase حجم الخط decrease
منذ الوهلة الأولى، لم يجادل الإعلام الإسرائيلي بحتمية الرد الإيراني على اغتيال قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني إثر قصف أميركي قرب مطار بغداد، فجر الجمعة.. لكنه انشغل في قراءاته على كيفية الرد ونوعيته، وبالتالي مآلاته.
الحق، أن إعلام إسرائيل بكل أشكاله بدا متبايناً في تخيّل حجم الرد الإيراني، فمنه من توقع أن يكون ردّ إيران على اغتيال قاسم سليماني "عنيفاً، لكن من دون إشعال حرب".. ومنه مَن اعتقد أن احتمالية الحرب الشاملة برمتها معتمدة على كيفية وحجم الرد الإيراني ونوعيته.

في خضمّ التخمين الإعلامي الإسرائيلي لشكل الانتقام الايراني، ارتأى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل أن يشبّه القرار الأميركي باغتيال سليماني، بـ"الرهان على الرصيد الشرق أوسطي كله"، معتبراً أن هذا الاغتيال أصاب "نقطة إيرانية حساسة".

بينما كتب المحلل العسكري للفضائية 13 العبرية ألون بن دفيد، في صفحته في "تويتر" بعد نبأ اغتيال الجنرال سليماني، قائلاً: "ليلة اغتيال سليماني نقطة تحول في منطقة الشرق الأوسط، ومن الصعب التقدير إلى أين يمكن أن تقود، الولايات المتحدة ضربت قلب النظام الإيراني وبشكل علني.. سيكون ثمن لعملية الاغتيال، إيران ستنتقم من أميركا، وربما من إسرائيل أيضاً".

في صحيفة "معاريف"، لم يخلُ مقال المحلل العسكري، تل ليف رام، من إثارة ضمنية للخوف من اليوم التالي لاغتيال سليماني ومعه نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس.. فيقول ليف رام "إنه من المبكر التنبؤ كيف سيكون ردّ الإيرانيين على اغتيال سليماني، لكن الصورة ستبقى مبهمة مع حالة توتر بمنطقة الشرق الاوسط، والأفضل لإسرائيل البقاء بعيدة عن المشهد".

بيدَ أن صحيفة "يديعوت أحرونوت" ظهرت عبر مقال كتبه محللها العسكري رون بن يشاي، وكأنها تشكك في جدوى العملية، وكان عنوانه "اغتيال سليماني لن ينهي أنشطة إيران التآمرية ولا تطلعاتها إلى الهيمنة".

غير أنّ الصحيفة العبرية رأت أن التغير الوحيد الذي سيحصل هو أن المواجهة مع أميركا وحلفائها في المنطقة ستزداد حدة نتيجة عملية بغداد، لكن سيمتنع الإيرانيون، على ما يبدو، من القيام بخطوات تؤدي إلى حرب مع الأميركيين أو مع إسرائيل، بحسب رؤية بن يشاي.

ثم أخذت "يديعوت أحرونوت" تتنبأ بشكل الرد، قائلة "سينتظرون الوقت الملائم للانتقام، ربما بواسطة إطلاق النار على الأراضي الإسرائيلية من خلال ميليشيات شيعية في سوريا، وربما حتى من غزة"..

لكن هجمات إيران "الانتقامية الجوهرية"، تفترض الصحيفة العبرية أن إيران ستنتظر بعض الوقت حتى تقوم بالإعداد لها استخباراتياً وعملانياً.

كما واستعرض الإعلام العبري حالة التأهب الأمني بالحدود الشمالية مع بقاء الحياة الاعتيادية للإسرائيليين في المناطق المتاخمة لسوريا ولبنان.. بموازاة تعميم السفارات الإسرائيلية في أنحاء العالم إرشاداتها لموظفيها بشأن كيفية التصرف بحالات الطوارئ، في أعقاب "تصفية سليماني"، على حد تعبيرها.

لم تنسَ محطات التلفزة والإذاعة في إسرائيل أن تنشر تقرير "بروفايل" عن سليماني، حتى أنّ  فضائية "مكان" الرسمية بثت تقريراً وثائقياً مطولاً يستعرض حياة ومسيرة الجنرال سليماني وتحليلاً لشخصيته وتأثيره، وكيف تحول من فقير وعامل بناء ثم تقنياً في مجال المياه في مسقط رأسه كرمان في وسط إيران، وبعدها إلى "مقاتل فذ"- كما وصفه أحد ضباط الموساد في التقرير- فأصبح رجلَ الخامنئي في الشرق الأوسط و"مُصدّر ثورته العابرة لحدود الجمهورية".

اللافت أن هذا التقرير -ومدته 11 دقيقة وتم بثه في برنامج "استديو مكان" بعد ساعات من الإغتيال- اقترب من شكل الفيلم الوثائقي "القصير" عن سليماني، وتضمن لقاءات مع باحثين ومسؤولين في جهاز الموساد وصور وفيديوهات نادرة للجنرال الإيراني.. من الواضح أن هذا التقرير الوثائقي قد تم إنتاجه مسبقا وقبل الإغتيال، لكنه لم يُبث إلا عندما حانت المناسبة وهي "تصفية سليماني".

وهنا تبرز العلاقة التكاملية بين الموساد والإعلاميين الإسرائيليين المتخصصين في المسائل الأمنية!

يطرح معد التقرير الوثائقي سؤالاً على "عاملي الموساد" حول سبب القرار الإيراني بخروج "جنرال الظل" إلى الأضواء في السنوات الأخيرة بعدما ظل بعيداً منها لسنوات طِوال.. وسؤال آخر رفض الموساد الإجابة عليه وهو: هل صحيح منعتكم الولايات المتحدة من اغتيال سليماني حينما حانت الفرصة ذات مرة؟

بالتأكيد، وجدت محطات التلفزة العبرية فرصة لبث شريط فيديو انتشر في مواقع التواصل الإجتماعي ويظهر عدداً من الأشخاص العراقيين وهم يحتفلون بمقتل سليماني في أحد شوارع بغداد؛ متهمين إياه بأنه أعطى أوامر مباشرة للجماعات الموالية له بالعراق، كي تقتل العشرات من المتظاهرين السلميين.

بالانتقال إلى تحليل الخطاب الإسرائيلي، فإن نتنياهو بارك "حزم" الرئيس الأميركي دونالد ترامب في سياق "حق الولايات المتحدة بالدفاع عن النفس كما إسرائيل"..  نتنياهو حاول بكلامه هذا أن يجعل مسألة اغتيال سليماني ومن معه، أمراً خاصاً بواشنطن مع إبعاد اسرائيل، وذلك بالقول "إن أميركا ردت على قتل مواطنيها".

في غضون ذلك، تحاشى الإعلام العبري الخوض كثيراً في السؤال عن دور إسرائيل بالاغتيال؟.. وما إذا كانت تعلم مسبقاً بالعملية؟

الواقع، أن تصريحاً أدلى به نتنياهو قبل ساعات من الاغتيال، قد أثار استغراباً متصلاً بالسؤال سالف الذكر.. إذ قال إنه على تواصل دائم مع مسؤولين أميركيين حول "حدث خطير" بالشرق الأوسط. لم يوضح نتنياهو حينها ماهية هذا الحدث الخطير، وما إذا كان يقصد عملية الاغتيال!

خصم نتنياهو السياسي ورئيس تحالف "أزرق أبيض"، الجنرال الإسرائيلي السابق بني غانتس، علق هو الآخر على"موقعة التصفية"، حيث وضعها في سياق "رسالة لرؤوس أفاعي الإرهاب العالمي".

وفيما غاص اعلام اسرائيل في عملية الاغتيال الأميركية التي اتسمت بـ"المشهدية" نظراً لانتشار صور جثث محترقة ومركبة مشتعلة، قام بعض الصحافيين الإسرائيليين بإعادة نشر صور يبدو أنها لجثة قاسم سليماني في صفحاتهم في "تويتر"، وكتبوا فيها: "في العراق لا رقابة على وسائل التواصل الاجتماعي".

وفي خضم الربط الإسرائيلي بين سليماني ودوره بدعم حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، ذكر موقع "واللا" العبري أن إسرائيل حذرت الحركتين من مغبة الرد على اغتيال سليماني.. على الرغم من هذا، فإن جهات أمنية إسرائيلية ترجح أن يكون الرد الإيراني ضد المصالح الأميركية في منطقة الخليج وربما في السعودية!
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها