الجمعة 2020/01/24

آخر تحديث: 15:43 (بيروت)

تكنولوجيا إسرائيل لكشف أنفاق حزب الله: إعلان "تجاري"!

الجمعة 2020/01/24
تكنولوجيا إسرائيل لكشف أنفاق حزب الله: إعلان "تجاري"!
increase حجم الخط decrease
كما لو انه إعلانٌ تجاري لبنية تكنولوجية "فريدة من نوعها"، نشر الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أفيخاي ادرعي عبر صفحته الفايسبوكية، صباح الأحد، مقطع فيديو يتباهى فيه بشروع جيشه بعملية زرع هذه البنية التكنولوجية في المجال "التحت أرضي" على الحدود اللبنانية، لكشف ورصد أنفاق حزب الله المحتملة.


وكتب أدرعي على الفيديو، تعليقاً يحاول من خلاله طمأنة الجبهة الداخلية بالسيطرة على خطر أنفاق حزب الله من جهة، وإيصال رسالة "ردع" للحزب بألا يُفكّر بحفر أي نفق جديد، لأنه لم يعد سلاحاً ناجعاً بعد اليوم بفعل "تكنولوجيا إسرائيل الفائقة". وقال: "نعمل ليل نهار للحفاظ على الأمن والأمان والتأكّد من عدم قيام العدوّ بأي خطوة لمحاولة المساس بدولة إسرائيل ومواطنيها".

وكي يمنع أدرعي أي إثارة لمخاوف الرأي العام الإسرائيلي، زعم أن زرع البنية التكنولوجية الجديدة جاء في سياق "وقائي وبمثابة ورقة أمان" لا أكثر، حسب تعبيره. مشيراً إلى عدم وجود أية معلومات جديدة عن أنفاق جديدة لحزب الله منذ اكتشاف أنفاقه الستة الخارقة للحدود العام الماضي وتدميرها فيما سُميت بحملة "درع الشمال" الإسرائيلية.


والحال، أن المعلومات الأكثر زخماً عن عملية زرع هذه "الحساسات تحت أرضية"، لا توجد في حديث أدرعي، والذي يتخذ شكل الدعاية والمُكابرة دائماً لكونه موجّهاً إلى الجمهور العربي بالدرجة الاولى. لكن، يمكن ملاحظة هذه المعلومات "الخبرية" بشكل أكثر وضوحاً في كلام الناطق باسم الجيش باللغة العبرية الجنرال هدي زيلبرمان، والذي يكون كلامُه موجهاً للرأي العام في الدولة العبرية بشكل رئيسي.

وهنا، يتحدث زيلبرمان عن سبب إضافي لدوافع إعلان إسرائيل عن زرع حساسات تحت الأرض على الحدود الشمالية مع لبنان للكشف عن أنفاق، بدلاً من جعل ذلك "سراً" و"مُفاجأة" لحزب الله. وأعلن للإعلام العبري سبب ذلك، قائلاً: "هذا النشاط سيُرى ويُسمع في أراضينا وفي الجانب اللبناني. نريد منع أي سوء تقدير"، مُرجحاً أن الجيش الإسرائيلي سوف يعمل على طول الحدود في إطار هذه الخطوة عدة أشهر.

إذاً، حرصت إسرائيل من خلال الإعلان والترويج لعملية زرع الحساسات المذكورة، أن تحول دون إثارة أي استنفار من حزب الله قد يقود إلى توتر وتصعيد محتمل على الجبهة الشمالية، وهو الأمر الذي لا يريده أي من الطرفين. وتؤكد صحيفة "معاريف" أن الجيش أرادَ "منع الالتباس وعدم إثارة الذعر من كلا الجانبين الإسرائيلي واللبناني".

وكي يحول دون هذا الإلتباس أبلغ الجيش الإسرائيلي قوة الأمم المتحدة المؤقتة لحفظ السلام في لبنان "يونيفيل" بخططه لتثبيت أجهزة الاستشعار هذه على طول "الخط الأزرق".

والحال أن هنالك دافعاً مهماً آخر تمت الإشارة إليه ضمناً، كي يُضافَ إلى الدافع الأمني للإعلان عن الخطوة الإسرائيلية. ويتمثل بالتسويق والترويج التجاري لهذه التقنية الأمنية الإسرائيلية من أجل بيعها لدول أخرى وتكريس البروباغندا القائلة أن "التكنولوجيا الإسرائيلية لا سيما الأمنية متطورة دوماً ولا حدود لها".

ويتجلّى التسويق لهذا "المُنتج التكنولوجي-الأمني" بجملة عملت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على نشرها إعلامِيّاً، وتتمثل في الإدعاء "بأن قرار تركيبها اتُّخذ على ضوء أن تقنية الاستشعار المستخدمة تم الإعلان مؤخراً أنها جاهزة للاستخدام بعد سلسلة من الاختبارات".

ويبدو أن توقيت تسويق إسرائيل لهذه التقنية لم يأتِ من فراغ، بل يتزامن مع إستنفار إسرائيل لاستقبال زعماء ورؤساء من 50 دولة حول العالم بينها دول كبرى أوروبية وغربية، لعقد "المنتدى العالمي للهولوكوست". وبالتالي أرادت بهذه التزامنية أن تُفاخر أمام هذه الدول، الصغيرة منها والكبيرة، بقدراتها التكنولوجية والأمنية وتقول لها: "ها أنا لست عالة على الشرق الأوسط، بل مصدراً للتطور ونفعِ الآخرين".

هذه "الديباجة الدعائية الإسرائيلية" يُرادُ بها إضفاء شرعية على احتلال اسرائيل للأراضي الفلسطينية واللبنانية والسورية، ودمجها في العالم وتقليل انعزاليتها الناتجة عن ممارساتها الإستعمارية. ورغم ذلك، لا يجب أن يُخفيَ تسليط الضوء على الدافع الدعائي والتسويقي لخطوة زرع الحساسات الرامية إلى كشف أنفاق حزب الله، ذلك القلق الاستراتيجي لدى إسرائيل من سلاح الأنفاق الذي جرّبت مدى خطورته خلال حربها على قطاع غزة في صيف العام 2014، ما يستدعي محاولاتها المستمرة لإيجاد وسائل تكنولوجية تُحبط هذا السلاح وتضمن "التفوّق الإسرائيلي".

وبينما تشدد الدوائر العسكرية الإسرائيلية قولها أن تركيب أجهزة الاستشعار بالقرب من كيبوتس (ميسغاف عام) لا يستند إلى معلومات استخباراتية جديدة عن قيام حزب الله بحفر نفق جديد عابر للحدود هناك، فإن ما رصدته "المدن" في متابعات الإعلام العبري يظهر أن الاحتلال يعتزم تركيب أنظمة استشعار إضافية في نقاط أُخرى على الحدود في المستقبل. ويعتمد عددها ومواقعها المحددة على معلومات استخباراتية عن الأمكنة التي يعتزم حزب الله حفر أنفاق فيها، وفق إدعاء إسرائيل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها