السبت 2019/05/18

آخر تحديث: 16:48 (بيروت)

"الهيبة" خيار الفلسطينيين الأول في رمضان

السبت 2019/05/18
"الهيبة" خيار الفلسطينيين الأول في رمضان
سيرين عبد النور وتيم حسن في "الهيبة"
increase حجم الخط decrease
رغم تشتت وتناثر إهتمامات المشاهد الفلسطيني خلال الشهر الفضيل الحالي، بين التركيز على هذا المسلسل أو ذلك البرنامج، إلا أن الدراما السورية-اللبنانية بالمجمل لا تزال تستأثر بمشاهدته مقارنة بالإنتاج المصري "الحاضر الغائب"، لأسباب موضوعية عديدة.

وكانت حلقات الثلث الأول من كل مسلسل، كافية لبلورة توجهات المشاهد الفلسطيني، فـ"المكتوب يظهر من عنوانه"؛ إذ لا يزال مسلسل "الهيبة" متربعاً مرة أخرى على عرش مشاهدتهم وبشكل لافت لدى العنصر الذكوري الفلسطيني، ثم يليه "خمسة ونص" و"دقيقة صمت" وغيرها، بموازاة متابعة لافتة، وكما جرت العادة في كل موسم، للمسلسل الفلسطيني الساخر "ساعة كوميديا-وطن ع وتر" الذي يُعرض في قنوات أردنية بينها "رؤيا".

ويبدو أن الجندرية والواقعية، بالإضافة إلى إعجاب الفلسطينيين بممثلين وممثلات لبنانيين وسوريين محددين، علاوة على عامل متمثل في القرب الوجداني والمكاني للمضمون، فقد كانت دوافع أساسية حددت معيار وحجم المتابعة في ما يخص بعض المسلسلات والبرامج التلفزيونية الرمضانية.

ومع ذلك، رصدت "المدن" انتقادات من شريحة فلسطينية اتجاه الإنتاج التلفزيوني برمته لهذا الموسم الرمضاني. فيقول منشور لشاب فلسطيني ثلاثيني في "فايسبوك" إن "البرامج والمسلسلات لرمضان 2019 باتت تقليدية وتحمل الفكرة نفسها بإختلاف أسمائها. لكن مع هيك بتابع (وطن ع وتر) عشان اللمسة الكوميدية اللي فيه".

ولم يختلف ذلك كثيراً عن منشور ناقد اكتبته فتاة فلسطينية في "فايسبوك"، عندما اعتبرت أن "السمة العامة للأعمال الدرامية في رمضان هي الإفلاس الواضح، بدءاً من الفكرة والمضمون ومروراً بالأسلوب والتقديم. أمر يجعلك تفكر كثيراً قبل أن تتوجه لأي محطة لمشاهدة شيء ما".

والحق أن هناك فئة ثالثة من الفلسطينيين قالت إنها لم تجد كثيراً من الوقت للمتابعة، وتقول امرأة فلسطيينة في هذا المضمار: "ما بتابع برمضان لأنو كلو بنعاد بعد الشهر الفضيل وبنقدر نشوفه عراحتنا". لكن مع ذلك، تقرّ هذه المواطنة الفلسطينية الأربعينية أنها تشاهد فقط أثناء الفطور على شاشة "رؤيا" الأردنية، "ساعة كوميديا" حيث يظهر الشاب الفلسطيني عماد فراجين "بطلاً رئيسياً"، إضافة إلى "جلطة" الكوميدي الأردني الذي يؤدي فيه الممثلان البارزان زهير النوباني وأمل الدباس "ثُنائياً" بطولياً.

ولعلّ توق الناس للضحك أو "الاكشن" يعتبران مدعاة للمشاهدة الفلسطينية، كما غيرهم من العرب، كي يهربوا من الواقع القاتم والصعب إلى مضامين تتعلق بالتسلية والضحك، مروراً بالإثارة المتعلقة بمضامين تحاكي عالم المافيا في بلادنا من قبيل "الهيبة" الذي يؤدي بطولته السوري تيم حسن ويُمثل "رجل المافيا الخيّر!".

ويبث تلفزيون "فلسطين" الرسمي سبعة مسلسلات رمضانية من منطلق اعتقاده بأنها ستكون الأكثر مشاهدة هذا الموسم لدى المواطنين الفلسطينيين، وكان معظمهما سوري-لبناني في مقابل تراجع الإهتمام بالإنتاج المصري الذي يشهد عزوفاً لدى المشاهد الفلسطيني. وهذه المسلسلات هي: "ناس من ورق"، "الهيبة"، "ولد الغلابة"، "دقيقة صمت"، "مقامات العشق"، و"شوارع الشام العتيقة". 

ومن باب دعم الإنتاج الفلسطيني الدرامي الفقير والشحيح، ارتأى تلفزيون فلسطين أسوةً بعدد قليل من المحطات العربية، أن يبث المسلسل الفلسطيني "أولاد المختار" من إخراج الشاب الفلسطيني بشار النجار. واعتُبر الأخير جديراً بالمشاهدة رغم قلة الإمكانات الفلسطينية على هذا الصعيد. مع العلم أن "أولاد المختار" يوضع في مصاف الدراما الفلسطينية التراثية؛ إذ يحاكي عادات وتقاليد وقصص العائلة الفلسطينية داخل القرى، وبطابع تشويقي لا يخلو من الفكاهة. 
ورغم أن "وطن ع وتر- ساعة كومديا" يحظى بالمتابعة الفلسطينية الجيدة منذ عقد من الزمن، إلا أنه يُؤخذ عليه بأنه يحتوي على الكثير من "الكلمات السوقية والشتائم غير المبررة"، حيث يواظب عماد فراجين على النطق بها وتكرارها وكذلك بعض الإيحاءات "المستفزة"، أملاً في إضحاك متابعيه.

كما وجّه البعض انتقادات لهذا المسلسل، بأنه يفتقر للتجديد والنص القوي، رغم قدرة عماد فراجين ومن معه على إضحاك الجمهور. وذهب المصور الصحافي فادي العاروري، إلى انتقاده بطريقته الخاصة، بالقول: "أنا كنت مقرر ما أحضر أي إنتاج عربي لرمضان... غلطت وحضرت 5 دقايق من وطن على وتر والحمد الله زناخة السردين لسه موجودة".

ولم ترصد "المدن" اهتماماً فلسطينياً ملحوظاً بمسلسل "باب الحارة الجزء العاشر"، لاعتبارات شتى؛ بينها تغير الكثير من الوجوه التي اعتادوها خلال المواسم الماضية، إما بسبب وفاتهم أو استبدالهم بممثلين آخرين، فضلاً عن أن فكرته حُرقت وبات مُبتذلاً ومُبالغاً ومُتكلّفاً، كما ورد عبّر كثر من رواد مواقع التواصل الإجتماعي الفلسطينيين.

وعلى صعيد البرامج التلفزيونية المنتمية تقليدياً لفئة "الكاميرا الخفية"، والتي يتصدرها الآن برنامج "رامز في الشلال"، فلم يحز هذا العام على أي إهتمام فلسطيني واضح، من منطلق الإنتقادات الشديدة لأسلوب وطريقة مقدمه الممثل المصري رامز جلال، فضلاً عن افتقاره لعنصر التجديد في العمق مع الإكتفاء فقط بتغيير "فكرة المقلب" والمكان الذي يُنفذ فيه البرنامج، لا أكثر. ناهيك عن أن المشاهد لم يعد تعنيه كثيراً ردود أفعال "نجوم الفن والغناء" ولغة جسدهم عندما يتعرضون لموقف مرعب ما. 

وإذا ما انتقلنا إلى طقوس الفلسطينيين في متابعات هذه المضامين الرمضانية وماهية القنوات التي يشاهدونها عبرها، فإنهم لا يُجمعون على شاشة بعينها أو وسيلة محددة، وإنما تتوزع متابعة هذه المسلسلات على السورية الخالصة أو المشتركة السورية-اللبنانية أو الأردنية والفلسطينية الكوميدية عبر التلفزيون الأردني "رؤيا" بالدرجة الأولى، والذي يحظى بمتابعة لافتة في الضفة الغربية نظراً لتنوع برامجه ومسلسلاته، بالإضافة إلى مشاهدة بعضها في قناة MBC وغيرها.

والواقع، أن هذه القنوات عبر "الديجيتال" او "الساتالايت" لم تعد المساحة والوسيلة الوحيدة التي يعتمدها الفلسطيني لمشاهدة هذه المضامين، بل اللافت أن كثيراً منهم يحدد عدداً من المسلسلات والبرامج التي تهمه، ليشاهدها في الوقت الذي يريد وبلا فواصل إعلانية طويلة، من خلال اشتراكات "ريسيفر الإنترنت"، أو مواقع محددة عبر الشبكة العنكبوتية.

ولعلّ تعدد هذه الوسائل في عملية مشاهدة مسلسلات وبرامج رمضان قد افسدت "لمّة وجمعة" أفراد العائلة الواحدة حول شاشة تلفزيونية واحدة في رمضان، كما جرت العادة في سنوات سابقة. والصَّرْعات التكنولوجية في السنوات الأخيرة، شتتت أفراد العائلة حول مضامين وشاشات ووسائل متناثرة، فبات كل فرد له خصوصيته في متابعة ما يريد وفي الوقت الذي يناسبه.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها