السبت 2019/02/16

آخر تحديث: 14:52 (بيروت)

ميركل تقتل الأرشيف

السبت 2019/02/16
ميركل تقتل الأرشيف
increase حجم الخط decrease
منذ قرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مطلع الشهر الجاري، إغلاق حسابها الشخصي في "فايسبوك" الذي يتابعه 2.5 مليون شخص، تشهد ألمانيا جدلاً مستمراً حول ما إذا كان القرار المفاجئ سيحذف جزءاً هاماً من السجل التاريخي للبلاد.


وكانت صفحة ميركل التي قادت البلاد طوال 13 عاماً، الأكثر نجاحاً بين كافة السياسيين الألمان عبر السوشيال ميديا، وكان يمكن لها بدلاً من حذفها، أن تتحول إلى منصة تقدم الكثير للشعب الألماني، لكن ميركل تجاهلت ذلك، رغم أن فريقها في حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي، قدم لها مذكرة تضم قائمة بالأفكار المحتملة لذلك التغيير.

وتثير خطوة ميركل تساؤلات جوهرية، حسب مجلة "دير شبيغل" المرموقة: "فهل يحق للسياسي البارز بمفرده أن يغادر فايسبوك؟ ألا يحتاج إرثه الرقمي إلى أرشفة مع ملفاته وخطاباته ومذكراته؟ ألا يحق للأجيال المقبلة أن تعرف كيف تواصلت أنجيلا ميركل في مجال وصفته بنفسها بالأرض الجديدة؟"، علماً أن أياً من زملاء ميركل لا يقدم إجابة عن هذه التساؤلات، ففي مكتب الصحافة الفيدرالي، يقول الموظفون أن صفحة ميركل في "فايسبوك" ليست موقعاً حكومياً، أما المكتب الصحافي للحزب الديموقراطي المسيحي، من جانبه، فيهتم أكثر بحساب "فايسبوك" لرئيسة الحزب الجديدة، أنغريت كرامب كارينباور.

والحال أن هذه الأسئلة ليست سهلة. وبحسب أشخاص مطلعين، فإن مستشاري ميركل قدموا لها حلولاً عديدة، من بينها تجميد حضورها في "فايسبوك"، بحيث لا يمكن لأحد أن يعلق أو يعجب بأي شيء، مع الحفاظ على الحساب بدلاً من إلغائه، أو تحويل الصفحة من الارتباط برئاسة الحزب الديموقراطي المسيحي إلى مركز المستشارية، بحيث يمكن لمكتب الصحافة الفيدرالي الحفاظ عليه. علماً أن فريق الإعلام الاجتماعي في المكتب يدير حالياً حساب "فايسبوك" تابعاً للحكومة الألمانية، يضم ما يقرب من 530 ألف معجب.

وأدلت ميركل بتصريحها عبر تسجيل مصور، مطلع الشهر الجاري، عبر حسابها في "فايسبوك"، وقالت أنها ستغلق صفحتها الشخصية لأنها لم تعد تقود حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي، علماً أن أنغريت كرامب كارنباور، حليفة ميركل، تولت المنصب خلفاً لها في كانون الأول/ديسمبر الماضي. فيما دعت ميركل متابعيها الى "مواصلة متابعة أعمالها كمستشارة" عبر صفحة الحكومة في "فايسبوك" و تصريحات المستشارة عبر "إنستغرام".

وبحسب "دير شبيغل" فإن تلك الحجة واهية وغريبة، فحساب ميركل بداية هو حساب شخصي باسمها، وهي مازالت سياسية ناشطة ضمن حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي. ومن الناحية القانونية، لا إشكالية بشأن حذفها للحساب، وينص قانون الأرشيف الفيدرالي على أنه يجب الحفاظ على الملفات التي توثق "المواقف العامة" للحكومة فقط، وحتى لو كانت لها قيمة دائمة.

وتقول إيفا شلوثيوبر، رئيسة جمعية المؤرخين الألمان: "إن حذف حساب خاص في فايسبوك هو، بالطبع، مسؤولية الفرد". لكن كسياسية بارزة، تظل ميركل شخصية عامة، كما أن الذاكرة البشرية للأحداث السياسية المعاصرة، باتت ذاكرة متعلقة بالوثائق نفسها مع التحول نحو الاتصال الرقمي.

ومن هنا تأتي أهمية الجدل، فمن دون تغريدات السياسيين والصور التي نشروها في "أنستغرام" والجدلات التي أثاروها في "فايسبوك"لا يمكن لا أحد في المستقبل أن يعرف عما كنا نتحدث عنه اليوم، وبالتالي فإن حذف هذه النوعية من الحسابات يعني أن سجلات رقمية تاريخية كاملة تضيع للأبد، علماً أن ميركل استخدمت صفحتها منذ إطلاقها العام 2009، لقياس الرأي العام الألماني تجاه الكثير من القضايا والقرارات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها