الجمعة 2019/10/25

آخر تحديث: 20:03 (بيروت)

مراسلة"يديعوت"في بيروت: أنوثتي تسهّل عملي في العالم العربي

الجمعة 2019/10/25
increase حجم الخط decrease
مرة أخرى، تثير الصحافية الإيطالية فرانتشيسكا بوري جدلاً عبر إعدادها تقريراً بعنوان إشاري هو "مِن قلب بيروت.. بين المتظاهرين"، إذ أكدت صحيفة "يديعوت احرونوت" الإسرائيلية في مستهله أنه خاص بها عبر التنويه بعبارة "فرانشيسكا بوري توافينا من بيروت". 
والواقع، أنه كما في كل مرة تثير فيها هذه المراسلة الجدل والحساسية عبر دخولها مناطق ودولاً لا تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ومروراً بلقاء قيادات وشخصيات على عداء تام مع تل أبيب لا سيما من حركة "حماس" وغيرها، فإنه لا يستطيع أحد تحديد العلاقة "الدقيقة" بين هذه المراسلة  و"يديعوت احرونوت"، وحتى ماهية العلاقة بينها وبين الدولة العبرية.

لا شك، أنه في حالة يكون فيها دخول إسرائيلي إلى دولة عربية مثل لبنان بمثابة مخاطرة كبيرة، فإن الإعلام الإسرائيلي يلجأ إلى أسلوب التحايل عبر طرق عديدة، من قبيل التعاون مع صحافي حر "Free lance" يحمل جنسية دولة أوروبية تمكنه من حرية الحركة، أو من خلال شراء تقرير من صحيفة أوروبية مثلاً!

حاصلة على جنسية اسرائيلية
غير أنّ مصدراً وحيداً فقط من داخل الخط الأخضر، اعتبر في حديث لـ"المدن" أن لديه معلومة أن فرانتشيسكا تحمل الجنسية الإسرائيلية أيضاً (ليس بالضرورة أن تكون يهودية) إلى جانب جنسيتها الإيطالية، وتقيم في الدولة العبرية، حتى أنها دخلت إلى غزة للقاء القيادي في "حماس"، يحيى السنوار، من خلال تسهيلات إسرائيلية عبر السماح لها بالمرور عبر حاجز "إيرز" الإحتلالي في وقت سابق. ويوضح المصدر أنها ليست مجرد صحافية "حرة" كما يُطرح، بل أنها مرتبطة بشكل وثيق بـ"يديعوت احرونوت".
يقول البعض إن "يديعوت احرونوت" يوجد بينها وبين الصحيفة الإيطالية "ايلفاتو كوتيديانو" اتفاق تعاون، بحيث تشتري الأولى حقوق النشر من الثانية في ما يخص تقارير اقليمية ودولية- من دون وجود علاقة بالضرورة مع كاتب التقرير- حينما لا يكون في مقدور الصحيفة العبرية إيفاد مراسل لها إلى مكان "حساس". إلا أن السؤال المطروح: "ما دام الأمر كذلك، لماذا تشتري الصحيفة الإسرائيلية المذكورة تقارير فرانتشيسكا فقط.. وهل عمل الأخيرة في صحيفة إيطالية مجرد تمويه؟!".

ولأنّ ما ورد سالفاً ليس كافياً لتحليل ماهية العلاقة بين فرانتشيسكا و"يديعوت احرونوت"، فإن "المدن" راحت تبحث في أرشيف وبروفايل هذه الصحافية الإيطالية.. ولعل ما توصلت إليه يثير بعض علامات الإستفهام.

من رام الله الى اسرائيل
تمثلت النقطة اللافتة في سيرة فرانتشيسكا المولودة العام 1980 في مدينة باري جنوب إيطاليا، أنه تم إرسالها إلى رام الله للتدريب قبل سنوات وتحديداً إبان الإنتفاضة الثانية، لتجد نفسها في مكتب أمين عام المبادرة الوطنية، الدكتور مصطفى البرغوثي، المهتم بتوثيق الأجانب لممارسات الإحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، باعتباره مؤيداً للنضال السلمي ضد الإحتلال.

قبل مجيء هذه الصحافية إلى رام الله كمتدربة، كانت قد تخرجت من جامعة في توسكانا حيث درست العلوم السياسية والدبلوماسية في جامعة يحضّر خريجوها للعمل في الأمم المتحدة أو في منظمات ومؤسسات دولية مهمة.. ثم طارت إلى البلقان كجزء من دراسة متعمقة في القانون الدولي، وقد ألّفت أول كتاب عن كوسوفو، عندما حصلت على درجة الماجستير.

ووفق المعلومات، فإن فرانتشيسكا عادت إلى إيطاليا بعد انتهاء السنوات التدريبية الأربع في رام الله، لتتلقى عروضاً بالكتابة الصحافية، فوافقت على ذلك على الرغم من أنها "لم تتخيل نفسها يوماً تعمل في الصحافة"، وفق ما نَسب إليها موقع إسرائيلي يعرض قصص نجاح نساء في ميادين مختلفة، ويُدعى موقع "اون لايف" .

وكان قبولها بالكتابة لصحيفة "يديعوت احرونوت" مشروطاً بأن تتمكن من العودة إلى الشرق الأوسط، فذهبت إلى سوريا، والتي أصبحت على مر السنين مجال خبرتها الرئيسي، إلى جانب خبرتها في الجماعات الجهادية.

حذرة في إبداء آراء شخصية
والواقع، أن فرانتشيسكا (39 عاماً)، أشارت ضمناً إلى ظروف وعوامل تساعدها في حماية نفسها خلال تغطيتها لأحداث في مواقع حساسة، فتراها تقول "أفضل طريقة لكي يحمي الصحافي نفسه، هو أن يكون في صف المدنيين، لأنه عندما يدرك المواطنون أن الصحافة تحكي قصتهم، فإنهم سيفعلون كل شيء لحماية الصحافيين"... لكن، لم يُفهم ما إذا كانت فرانتشيسكا تعتبر ما سلف بمثابة إيمان بقضية المجتمع المدني في البلاد العربية، أم أن ذلك شكل عوامل تمويه مساعدة لها لا أكثر؟!
وبما أن فرانتشيسكا عملت على تغطية المقاومة الشعبية والمسلحة في الأراضي الفلسطينية، فإنه من المؤكد أن تغطيتها ونشاطها آنذاك لم يزعج إسرائيل، والدليل أنها سُمح لها لاحقاً بالدخول إلى إسرائيل ومن ثم الضفة وغزة، إن لم تكون مقولة "أنها مقيمة فعلاً داخل اراضي 48"، صحيحة بالفعل، ومروراً بمدى دقة "حصولها على الجنسية الإسرائيلية وسبب ذلك"... فتل ابيب تحرص على عدم السماح للأجانب بدخول الأرضي الفلسطينية مجدداً حينما يكشفون صورة إسرائيل الحقيقية أمام مجتمعاتهم.

وقالت هذه الصحافية يوماً في مقابلة للموقع الإسرائيلي سالف الذكر، ويسلط الضوء على فرانتشيسكا كإمرأة جريئة بطبيعة عملها في الدول العربية: "من السهل بالنسبة لي أن أكون امرأة في العالم العربي، لأن المرأة يمكن أن تغطي نفسها بالكامل. لم يحاول أحد لمسي. الرجال العرب يقدرونني، أما الرجال الغربيون فيزعجونني".

وتبدو فرانتشيسكا حذرة في إبداء آراء شخصية إزاء العديد من القضايا، بحيث لا يمكن معرفة معتقدها ورأيها السياسي في هذا المضمار.
يديعوت.. مجموعة تقارير خاصة عن لبنان
والحال، أن صحيفة "يديعوت احرونوت" لم تكتفِ بتقرير فرانتشيسكا عن حراك لبنان، فقد نشرت ايضاً سلسلة مقالات للكاتبة الإسرائيلية سمدار بيري على مدار ثلاثة أيام مضت، خصص للحديث عن الحراك اللبناني الذي دخل اسبوعه الثاني.. لكن سمدار بدت في مقالها التحليلي أنها استندت لمصادر لبنانية رغم أنها كتبته من حيث إقامتها في إسرائيل.
لكن سمدار، تحمل جنسية فرنسية إلى جانب جنسيتها الإسرائيلية، وتتحدث اللهجة المصرية بقوة، كونها يهودية لوالدين يتحدران من الجزائر ومصر. ويُقال إن علاقة سمدار قوية بالنظام المصري، وتذهب كثيراً إلى القاهرة وترصد الأوضاع هناك.

ونقلت سمدار والتي هي في السبعينيات من عمرها، عن ناشطين شباب في الحراك اللبناني قولهم: "إن رئيس الوزرء اللبناني الأسبق فؤاد السنيوة اضطر لترك إحدى شققه في منطقة فارهة في بيروت خشية المتظاهرين". ثم جملة "نحن انتصرنا في ثورتنا رغم كل شيء".

جدير ذكره، أن هناك العديد من الصحافيين الإسرائيليين والمتخصصين في الشأن العربي كما هو حال سمدار، قد خدموا في الجيش الإسرائيلي، ويُنظر إليهم على أنهم يتلقون دورات تدريبية من قبل جهاز المخابرات "الموساد"، الأمر الذي يجعلهم "محترفين في نقل المعلومات والتمويه"، والدخول إلى مناطق حساسة واختراق المجتمعات العربية دون كشفهم.

رغم كل شيء، تبدو إسرائيل في قراءاتها الإعلامية والسياسية، متخوفة أيضاً من الحراك اللبناني الشعبي، بإعتباره يرفع صوت الشعوب العربية مجدداً، كما يضر بالوضع الراهن والذي سيجلب تغييره مخاطر أكبر على الدولة العبرية، مقارنة بالوضع الحالي... وهذا ما يجعل الصحافة العبرية مهتمة جداً بمواكبة ثورة لبنان بأي وسيلة كانت.

صحافي اسرائيلي مع الحشد الشعبي
الواقع، أن دولاً عربية عديدة، وحتى جهات محسوبة على "الممانعة"، وقعت في فخ التعامل مع مراسلين إسرائيليين من دون أن يدروا، ونستذكر هنا تقريراً لمراسل القناة الإسرائيلية "الثانية عشرة" ايتال انغل، الذي رافق الجيش العراقي وحتى قوات "الحشد الشعبي" المدعومة من إيران في شباط/فبراير 2017، خلال تغطيته لمعركة تحرير الموصل من داعش.



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها