الثلاثاء 2018/07/03

آخر تحديث: 15:04 (بيروت)

كيف ساهم تمدد "النصرة" في تمويل راديو "ألوان"؟!

الثلاثاء 2018/07/03
كيف ساهم تمدد "النصرة" في تمويل راديو "ألوان"؟!
increase حجم الخط decrease
قدم راديو "ألوان" السوري المعارض، في مدينة إدلب، آخر نشرة إخبارية على الهواء مباشرة، "لظروف خارجة عن إرادتها"، بعد سنوات من العمل.


وفيما قالت الإذاعة في بيانها على الهواء مباشرة، السبت، أنها ستوقف فقط نشراتها الإخبارية على أن تستمر في تقديم برامجها الأخرى، أشارت مصادر مطلعة إلى أن الإذاعة في طريقها للإغلاق النهائي، بسبب مشاكل متعلقة بالتمويل.



وفي حديث مع "المدن" قال محمد البارودي، مدير المحتوى السابق في الراديو من العام 2015 حتى شهر حزيران/يونيو العام الماضي، أن الراديو في الواقع يتجه للإغلاق وبات مؤسسة منتهية بحكم الأمر الواقع. لافتاً إلى أن الراديو حالياً يبث مجموعة من المحتوى القديم المسجل سابقاً، وأن الزملاء المسرحين من الراديو في الأيام الأخيرة لم يتلقوا أي تعويضات.

ولم يكن البارودي موظفاً في الراديو بشكل مباشر، بل عمل معه كجزء من فريق منظمة "اي ريكس" الأميركية لدعم الإعلام البديل، والتي كانت تمول الإذاعة إلى جانب منظمة "كرييتيف"، وتنقل بين عدة إدارات في الراديو وأشرف على إنشاء الموقع الإلكتروني له وأدار منصات السوشيال ميديا أيضاً.

ويشير البارودي بحكم عمله مع الراديو إلى العديد من المشاكل التي أودت به إلى الإغلاق، بوصفه حالة عامة يمكن تعميمها على الأرجح على الإعلام السوري البديل، فصاحب التمويل هو أحمد قدور من مدينة سراقب، لكنه "لم يستطع التصرف بهذه الأموال، وسافر إلى الولايات المتحدة، وتم وضع سامي الجندي لتولي منصب الإدارة، وهو شخص لا ينتمي إلى قطاع الإعلام، وكان السبب في تدهور الراديو" ما أدى لتخبطات إدارية وتخلي عن موظفين أكفاء.

وحسب البارودي، لم تكن هنالك شفافية مالية في الإذاعة، ما رسم أسئلة كثيرة لدى الجهات الممولة، دفعت إلى إجراء عملية إعادة تقييم في شهر حزيران/يونيو العام الماضي، وتمت محاولة إنقاذ الراديو بعدة طرق من دون جدوى.

وعانت الإذاعة في السنوات الماضية من عقبات كثيرة، حيث تعرضت مكاتبها في مدينة سراقب لقصف الطيران الروسي العام 2016، كما توقف بثها العام 2015 لفترة محدودة بعد اقتحام مكاتبها من طرف جبهة "النصرة" ومصادرة معدات البث حينها. لكن المشاكل أخذت منعطفاً جديداً في العامين الأخيرين، نحو مشاكل التمويل، مثل معظم وسائل الإعلام السورية المعارضة، التي نشأت كمؤسسات تتلقى دعماً من جهات ترعى المشاريع الخاصة بحرية التعبير، من دون أن تتمكن للأسف من تحويل نفسها لمؤسسات قادرة على تمويل نفسها بنفسها.

اللافت أن تلك العقبات التي كانت تصدر بشأنها بيانات رسمية، كانت حسب البارودي أسلوباً منظماً من إدارة الراديو، ووسائل إعلام أخرى تصدر في الداخل السوري، من أجل كسب تعاطف الجهات الممولة، فراديو "ألوان" كان منذ تأسيسه العام 2013، أول إذاعة مجتمعية تتحدث عن موضوع المثليين واعتمد في بدايته علم قوس قزح، ومن هنا بدأت جدليته للحصول على الدعم، بالقول أنه محارب من المجتمعات المحلية للحصول على مزيد من التمويل الذي وصل إلى نحو 27 الف دولار شهرياً. لكن الراديو لم يستطع تقديم المحتوى الإعلامي مثلما كان يفترض به.

بعد ذلك تحولت إدارة الراديو من طلب الدعم المالي إلى طلب دعم الكوادر، فتم تزويد الإذاعة الناشئة بمجموعة من الموظفين، الذين يعملون في الراديو ويأخذون رواتبهم من المنظمات الممولة، كالبارودي تماماً، وهنا بدأ الراديو يستقطب صحافيين يقدمون المحتوى بشكل جدي وجيد، قبل أن يتم تفعيل سياسة ترويج قائمة على لعب دور الضحية باستمرار، عبر اختلاق أنباء تقول أن الراديو مهدد كالحديث عن هجمات متكررة من طرف جبهة "النصرة" على الراديو لبث الأغاني أو تعرضه لقصف روسي، وغير ذلك. وتم تسمية تلك الاستراتيجية في أروقة الراديو الإدارية بالعلاقات العامة، والتي تشمل حملات لتضامن المتبادل مع الراديوهات التي تتبع نفس السياسة مثل راديو "فريش".

ويضيف البارودي أن توسع "جبهة النصرة" في إدلب نحو سراقب حزيران/يونيو 2016 تقريباً كان مدخلاً جديداً لكسب التمويل. ورغم أنه لم يكن شاهداً مباشراً بحكم عمله في مكاتب اسطنبول، يقول البارودي أن تلك التهديدات كانت موجودة ولم تكن مختلقة من العدم، لكن كان يجري تضخيمها كوسيلة سهلة للحصول على تعاطف المنظمات المانحة، وزادت فعالية الأمر لدى الإدارة بعد مقتل الصحافي ناجي الجرف وحصوله على تعاطف كبير، وهي حالة يمكن تعميمها على العديد من وسائل الإعلام البديل التي تعاني اليوم من مشاكل التمويل.

يذكر أن راديو "ألوان" هو أحدى الإذاعات المجتمعية المعارضة في سوريا، تأسس في نيسان/أبريل 2013، وأشرف على عدد من الحملات الإعلامية البارزة، مثل حملة "إنتو الوجع" للتضامن مع المعتقلين السوريين في سجون النظام. علماً أنه كان واحداً من أندر وسائل الإعلام المعارضة التي حافظت على عملها في الداخل السوري، رغم الصعوبات المحلية المتعددة بين مضايقات الجماعات الإسلامية الأكثر تطرفاً في الشمال السوري، والصعوبات التقنية التقليدية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها