الثلاثاء 2018/06/19

آخر تحديث: 16:42 (بيروت)

شرطيات السياحة اللبنانية بالـ"شورت".. للفرجة!

الثلاثاء 2018/06/19
شرطيات السياحة اللبنانية بالـ"شورت".. للفرجة!
هل تدربن على مواجهة المتحرشين والمعاكسين؟
increase حجم الخط decrease
الاتهامات بتسليع المرأة التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، والموجهة الى بلدية برمانا، تنطوي على جديّة، طالما أن الزيّ الصيفي الذي فرضته على الفتيات المكلفات بالأمن السياحي، يظهرهن بمظهر مثير وجاذب، بما يتخطى المهمات الموكلة اليهنّ. 
لا يُخفى أن القطاع السياحي في لبنان يعاني ركوداً مستمراً منذ سنوات. فالوضع الأمني مضطرب، ومياه البحر ملوّثة، الجبال تكسوها النفايات، والطرقات وعرة ومزدحمة إلى حدّ الإختناق. عوضاً عن معالجة أي من هذه المشكلات، للنهوض بالسياحة، إرتأت بلدية برمانا إنقاذ الموسم السياحي عبر ما تبقى للبنان من مقومات سياحية: فتيات بالشورت القصير.

ففي سابقة لم تشهدها بلدان العالم من قبل، نزلت إلى شوارع برمانا شرطيات البلدية مرتديات الشورت القصير، من أجل تنظيم السير. وهذا في بلدٍ لم يعهد من قبل رؤية نساء ينظمن السير، سوى في بعض الحالات النادرة. وعليه، كان يفترض بهذا الإجراء أن يكون خطوة ريادية وتقدّمية في سياق تكافؤ فرص العمل بين الجنسَين. 

وليس تجنيد الفتيات في الشرطة السياحية، هو المحاولة الاولى في لبنان. فقد اعتمدت بلدية بحمدون قبل ثماني سنوات، تلك الاستراتيجية، لكن في سياق تمكين المرأة، بالنظر الى ان ملابسهن كانت تشبه زي أفراد الشرطة الذكور، خلافاً للحال الآن. 

وإزاء سخط اللبنانيين وإنتقاداتهم التي إنتشرت في مواقع التواصل الإجتماعي بعد انتشار صور المجندات في بلدية برمانا، تشبّثت البلدية بخطوتها، مبرّرةً ذلك بتشجيع السياحة وإيصال "صورة ورسالة جميلة عن لبنان"، وما لذلك من أثر في السياحة. ففي حديثٍ مع صحيفة "النهار" أقرّ رئيس بلدية برمانا بإستخدام الفتيات من أجل "إحداث صدمة ولفت النظر إلى بلدة السياحة". ورفض تعليقات المواطنين التي تحدثت عن "تسليع لجسد المرأة"، من دون أن يلحظ أن إبراز أجساد النساء لأغراضٍ نفعية، كتنشيط قطاعٍ أقتصادي على سبيل المثال، هو التعريف الحرفي للتسليع. ولدى الاتصال برئيس البلدية المعني، تلقت "المدن" جواباً بأنه سيعاود الاتصال للإجابة عن أسئلة محددة حول الموضوع، لكنه لم يفعل.

ولمقاومة الصورة القاتمة للبنان في أذهان السياح، عمدت بلدية برمانا إلى إستعراض فتيات يافعات يلبسن زيّاً يكشف عن أجسادهن، وكأن سبب تراجع السياحة هو النقص في الفتيات الجميلات او المثيرات، وليس صور البلد الغارق في قمامته التي إنتشرت في الإعلام العالمي.  أما بالنسبة لتلك الأجساد التي ستتعرض، دون أدنى شكّ، إلى الإنتهاك من قبل نظرات المارة، فلم تعرها البلدية أدنى إنتباه. أو ربّما إعتبرت أن ما يمكن أن تلقاه الفتيات من مضايقات ليس سوى تضحية وطنية في سبيل إنعاش السياحة اللبنانية.

أما أن تتغاضى البلدية عن هذه المسألة، أو تتظاهر بأنها تجهل إحتمالات تعرّض فتاة لبنانية للتلطيش والتحرّش على طرقات لبنان، خصوصاً وأنها ترتدي ملابس صيفية غير محتشمة، فهذا ليس مقبولاً. ناهيك عن أن تلك الفتيات سيقفن لوقتٍ طويل في الشارع، ما يجعلهن أكثر عرضة للمواقف المزعجة. وهنا لا بدّ من التساؤل إن كانت البلدية قد قامت، قبل إرسالها الفتيات إلى الأرض، بتحضيرهن ومدّهن بأساليب مواجهة التحرّش والمضايقات؟ وهل لدى البلدية نفسها، بغلبة العنصر الذكري على صفوفها، المعارف والخبرات اللازمة لمجابهة هذه التحديات؟
وبإلباسهن زيّاً لا يتطابق بتاتاً مع معايير الزيّ الرسمي لكلّ أجهزة الشرطة في العالم، أسقطت البلدية عن تلك الفتيات أي صفة جدّية أو سلطة أمنية تمكّنهن من مواجهة تجاوزات وإنتهاكات المخالفين. فاللباس نفسه يستدعي التحدّي من قبل المواطنين، لا سيّما الذكور منهم والذين لا يؤمنون بقدرة المرأة على تحمّل مسؤولية أمنية. في المقابل، يرتدي رجال الشرطة الملابس المعتادة من بنطال وأكمام طويلة، ما يظهر تناقضاً واضحاً في دور وهدف وجود كلّ من الجنسين المفترض أنهما يمارسان المهمة نفسها. 

يُضاف إلى ذلك قصور القانون في مجال حماية المرأة من التحرّش، فقانون العقوبات لا يتضمن تعريفاً للتحرّش ولا يشير إليه مباشرةً، كما أن مشروع قانون معاقبة التحرّش الجنسي الذي أقرّه مجلس الوزراء العام الماضي لا يزال في أدراج مجلس النواب. أي بعبارةٍ أخرى، ترسل سلطة محلية شابّات لبنانيات إلى الشارع دون أن تؤمن لهن أدوات الحماية. فإن كانت هذه المؤسسة غير قادرة على حماية شرطياتها، كيف يمكن للشرطيان أن يحمين أمن البلدة وسياحته؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها