الخميس 2016/06/30

آخر تحديث: 11:19 (بيروت)

"دومينو" و"أحمر".. ذروة فشل الدراما السورية هذا العام

الخميس 2016/06/30
increase حجم الخط decrease
يفشل مسلسلا "أحمر" و"دومينو" في إعادة شيء من البريق للدراما السورية التي تقدم هذا العام أحد أسوأ مواسمها على الإطلاق، ويبدو اعتمادهما على فكرة كشف المافيات المالية وعمليات الفساد في البلاد، غير كاف للنجاح وتقديم التسلية التلفزيونية.


يتشابه العملان في الفكرة الأساسية التي ينطلقان منها، بأن المافيات المالية - السياسية رغم جبروتها الخارجي، تعاني نوعاً من الهشاشة الداخلية، ويكفي إحداث خلل واحد في أحد عناصر تلك المنظومات لإحداث تأثير يتمدد داخلها مما يؤدي لانهيارها تدريجياً وفقدان زعمائها السيطرة. ويبدأ المسلسلان حلقتهما الأولى بهذه الفكرة، مقتل القاضي الفاسد خالد العبدالله في "أحمر"، وهروب "لارا" زوجة الاقتصادي النافذ "نوح" بوثائق خطيرة في "دومينو".

رغم تلك البداية القوية، يضيع العملان لاحقاً في القصص الجانبية، مع أفضلية كبيرة لـ"دومينو" (نص بثينة عوض وغسان عقلة، إخراج فادي سليم) الذي يستطيع أصحابه الحفاظ على الحد الأدنى من التشويق والإثارة، مع أحداث متتالية في كل حلقة بترابط منطقي متوازن، إلا أن مشكلته الأكبر تتجلى في كون القصة نمطية تم تقديمها عشرات المرات في السابق، وبالأسلوب الإخراجي الكلاسيكي نفسه الذي لا تشكل الصورة فيه قيمة بحد ذاتها فيما يتم الاعتماد على الحوار لتصعيد الأحداث وخلق الدراما، أما العنف فهو مجرد "بهارات" لرفع مستوى "الأكشن".

تزداد نمطية "دومينو" في اختيارات الممثلين. فالنجم بسام كوسا، رغم براعته في تجسيد الحوت الاقتصادي "نوح"، إلا أن الجمهور اعتاد عليه في هذا النمط من الأدوار في أعمال سابقة (أحقاد خفية، صرخة روح، ..)، أما سلافة معمار في شخصية "لارا" فتفقد كثيراً من ألقها الفني مع محدودية دورها واكتفاء شخصيتها بالهرب والاختفاء، ولا يشكل حضور أسماء مثل عبد المنعم عمايري وندين تحسين بيك، فارقاً حقيقياً بسبب دورهما الهامشي، لصالح إعطاء أدوار محورية لممثلين من الدرجة الثانية مثل محمد الأحمد وسامر اسماعيل، اللذين يقدمان كثيراً من الانفعالات المجانية.

والحال أن الأحمد نقطة مشتركة بين العملين أيضاً، ليس فقط في الأداء بل في نوعية الشخصية نفسها كاقتصادي ثري يتحكم في حياة الناس من حوله بإجرام وشر، مع اختلافات بسيطة في الرتوش الجانبية لكلا الشخصيتين، كما يتكرر ظهورالممثل نجاح سفكوني في العملين أيضاً من دون إضافة تذكر فيهما، بينما يمثل ظهور النجمة صفاء سلطان في العملين نقطة إيجابية مشتركة، بأدائها القوي وحضورها الطاغي.

بخلاف ذلك، يمكن وصف "أحمر" بالعمل الأكثر تشتتاً هذا الموسم، مع خيارات غريبة في النص والحوار والإخراج والتمثيل، وكمية لا تنتهي من الذكريات عبر "الفلاش باك" داخل عقل جميع الشخصيات الأساسية والثانوية، مما يُبعد العمل عن محوره الأساسي في كشف قاتل القاضي عبدالله (عباس النوري)، فيما يحاول كاتبا العمل، علي وجيه ويامن الحجلي، افتعال الإثارة عبد تقديم شخصيات غير نمطية، مثل صاحبة قوى خارقة ولاعب سيرك سابق ونجمة سينما مصابة بمرض ألزهايمر، وهي محاولات فاشلة لذر الرماد في العيون عن ضعف بنية القصة الأصلية نفسها (جريمة القتل).

والواقع أن "أحمر" يذكر بفيلم "مايستك ريفر" (2003) الشهير للمخرج كلينت إيستوود وبطولة النجم شون بين، وفيه قصة ثلاثة أصدقاء من أيام الطفولة يقتل أحدهم فيما يكون الآخر ضابطاً في الشرطة، تماماً كما يحدث في "أحمر". أما تنفيذ الفيلم عبر الذكريات وتقديم نماذج متعددة للقضية فيذكر بفيلم "هوليوود لاند" (2006) للمخرج ألن كاوتلر وبطولة أدريان برودي وديان لين وبين أفليك، الذي يعرض قصة حقيقية عن مقتل الممثل جورج ريفز في خمسينيات القرن العشرين، مع استبدال فكرة المحقق الأميركي الخاص بالصحافية الاستقصائية "سماح" لملاءمة القصة مع الوضع السوري.

لا يمكن بأي حال وصف ما يقدمه العمل بالكوميديا السوداء، وخصوصاً في المشاهد التي تجري داخل الفرع الأمني، حيث نتابع جميع المحققين والمخبرين والضباط وهم يبتسمون بسعادة ويضحكون بجلبة عالية ويغنون ويرقصون في جو من الفوضى. كما يعطي العمل انطباعاً خاطئاً عن حرية الصحافة والتعبير في البلاد عبر هامش الحرية الكبير الذي تعمل ضمنه "سماح"، سواء في تحقيقها بخصوص جريمة القتل الحساسة أو في انتقاداتها الدائمة للحكومة السورية عبر برنامجها الإذاعي!

في السياق، تميل شخصيات "أحمر" للتهريج والهزلية من دون مبرر، وتحديداً شخصية "سماح" المحورية في القصة، سواء في عملها أو حياتها الشخصية وعلاقة الحب التي تجمعها بالمخرج "جود" (عبد المنعم عمايري)، حيث يقدم الاثنان أسوأ أداء على الإطلاق من دون أي قدرة على الإقناع وكأنهما يسخران من الشخصيات بدلاً من تجسيدها على الشاشة. وقد يكون ذلك التهريج كله مقصوداً كنظرة احتقار للتلفزيون من مخرج العمل جود سعيد، الذي صرح أكثر من مرة لوسائل الإعلام بكراهيته للتلفزيون وحبه للسينما النبيلة!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها